شهر خير في اليمن

17 مايو 2019
تحصل على مساعدات (العربي الجديد)
+ الخط -
تكثر المبادرات المجتمعيّة الرمضانية للتخفيف من وطأة الحرب وتوفير أكبر قدر ممكن من الغذاء لفقراء اليمن الذين ينتظرون قدوم شهر رمضان للحصول على مساعدات قد تعينهم على الصمود بعض الوقت. تقول أم تهاني، وهي من سكان محافظة المحويت غرب البلاد، إن شهر رمضان هو فرصة للحصول على المساعدات من مال ومواد غذائية يمكن الاستفادة منها لأشهر عدة. تضيف لـ "العربي الجديد": "المساعدات التي أحصل عليها من الجمعيات وفاعلي الخير خلال شهر رمضان تفوق كل ما أحصل عليه طيلة أيام العام. رمضان شهر الخير. كثير من التجار يخرجون زكاة أموالهم لتقديمها إلى الفقراء والمساكين. أخزّن بعض المساعدات الإضافية مثل القمح والأرز والسكر والزيت إلى ما بعد شهر رمضان". وتؤكد أنه لولا المساعدات التي تحصل عليها بين الحين والآخر، لتسوّلت في الشوارع.

الوضع نفسه بالنسبة للأرملة زهرة التي تسكن مدينة صنعاء القديمة. تقول لـ "العربي الجديد": "لدي أربعة أطفال وقد مات زوجي قبل ثلاث سنوات وما من معيل. أنتظر المساعدات التي تقدمها الجمعيات والتجار في شهر رمضان كل عام"، مضيفة أن الكثير من الجمعيات الخيرية والمبادرات الشبابية تنشط خلال رمضان وتتوقّف طوال العام. وتوضح زهرة: "تقدّم لنا هذه الجمعيات الاحتياجات الأساسية، مثل البُر (القمح) والأرز والسكر والزيت والسمن، إضافة إلى المعكرونة والتمر". وتلفت إلى أنّ بعض التجار يقدّمون المال بدلاً من المساعدات الغذائية ليستفيد الناس منها بالشكل الذي يرونه مناسباً. "هذه المساعدات العينية والنقدية التي تقدمها تلك الجمعيات تُدخل الفرحة إلى قلوبنا، وتساهم بشكل كبير في توفير متطلبات شهر رمضان وعيد الفطر المبارك"، مؤكدة أنها لم تحصل على مساعدات من المنظمات الدولية العاملة في المجال الإنساني منذ بدء الحرب.



بعض المستفيدين من هذه المساعدات يفضلون بيع جزء من المواد الغذائية التي يحصلون عليها لشراء احتياجات أخرى، على غرار المدرس في إحدى المدارس الحكومية في صنعاء عبد الخالق محمد (اسم مستعار). يقول لـ "العربي الجديد": "لا نتقاضى رواتبنا منذ أكثر من عامين ونصف العام بسبب الحرب، ولم نقبل هذه المساعدات اختيارياً، لكننا مجبرون"، مشيراً إلى أن المساعدات في رمضان لا تتوقف لا سيما من التجار. ويوضح أن المساعدات من المواد الغذائية تزداد أحياناً في رمضان، ما يدفعه إلى بيع بعضها بهدف شراء ملابس العيد لأبنائه بثمن هذه السلع الغذائية التي قدمت له. "أبيع بعض أكياس القمح والأرز لأشتري احتياجات العيد من ملابس وحلويات ولحم ليوم العيد الأول".

وتكثر الجمعيات الخيرية والمبادرات خلال شهر رمضان لتختفي بقية أشهر العام. ويعمل القائمون عليها على جمع الأموال من فاعلي الخير، ولا يقدمون إلا شيئاً يسيراً للفقراء بحسب علي عبد الرحمن، الذي يشير إلى غياب الرقابة من السلطات المعنية. على الرغم من ذلك، "تساهم بعض الجمعيات بشكل كبير في التخفيف من معاناة المواطنين". يقول لـ "العربي الجديد" إن شهر رمضان "فرصة للتنافس بين الجمعيات والشباب على فعل الخير، من خلال إقامة مشاريع إفطار الصائم، وإعانة الأسر الفقيرة، وتوزيع كسوة العيد على الأطفال، وتوفير الأدوية للمرضى".

من جهته، يقول رئيس جمعية زاد الخيرية في صنعاء، حسين أبو طالب، إن "الأعمال والمبادرات الخيرية تزيد بشكل كبير أثناء شهر رمضان، وتوزّع المساعدات المالية والعينية على الفقراء، إضافة إلى المؤسسات والجمعيات التي تعمل على مدار العام وفق خطط وبرامج معينة". يضيف لـ "العربي الجديد" أن الجمعية التي يرأسها "تعمل طول العام وليس في رمضان فقط، وتقدّم الخبز لنحو 500 أسرة فقيرة بشكل يومي بالتعاون مع بنك الطعام، من خلال مخابزها الخيرية التي افتتحت مطلع عام 2018". ويشير إلى وجود خطة لافتتاح أكثر من مخبز في مناطق أخرى في اليمن خلال الفترة المقبلة، "لتغطية أكبر قدر ممكن من الأسر المحتاجة والمتضررة من الحرب". ويؤكد أن الجمعيات الخيرية لها دور كبير في التخفيف من معاناة المواطنين في اليمن، لا سيما خلال سنوات الحرب الأربع الماضية.



وأدت الحرب المتصاعدة في البلاد منذ مارس/ آذار في عام 2015 إلى زيادة عدد الفقراء في اليمن بشكل كبير، لا سيما في المناطق الخاضعة لسيطرة جماعة أنصار الله الحوثيين، إذ يعيش غالبية السكان بلا مصادر دخل أو أعمال بحسب الناشط محمد ناصر. ويقول ناصر لـ "العربي الجديد" إنه على الرغم من المساعدات الإنسانية التي تقدمها المنظمات الإنسانية الدولية، إلا أن الكثير من الأسر في البلاد تعيش أوضاعاً إنسانية بالغة السوء، "خصوصاً النازحين الذين تركوا منازلهم وكل ما يملكون هرباً من الموت في مناطق النزاع". يضيف: "يكثر العمل الخيري خلال شهر رمضان، ويحصل الفقراء على مساعدات كثيرة من الجمعيات وفاعلي الخير المحليين وحتى المغتربين خارج البلاد".

ولا يتقاضى أكثر من مليون موظف حكومي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين رواتبهم منذ انقطاعها في سبتمبر/ أيلول في عام 2016. ويعتمد سكان اليمن على المساعدات الإغاثية التي تقدمها المنظمات الدولية العاملة في المجال الإنساني منذ بدء الحرب في مارس/ آذار في عام 2015، بحسب الأمم المتحدة. وتؤكد أن اليمن يمر بأسوأ أزمة إنسانية في العالم، ويحتاج 80 في المائة من سكانه (24 مليون شخص) إلى مساعدات إغاثية عاجلة.