تصلّي وتصوم ولا تتحجّب

تصلّي وتصوم ولا تتحجّب

17 يونيو 2016
تؤمن بالمساواة (Getty)
+ الخط -
يطلّ الشيخ سامي خضرا على شاشتين في لبنان في وعظات متلفزة، يُبث منها على مواقع التواصل الاجتماعي القدر الذي يمكن أن تنتشر فيه "وعظاته" بين مستخدمي "فيسبوك" و"تويتر"، حيث لا تتجاوز الوعظة الدقيقة والنصف، يوصل فيها رسائل، ويقدم برأيه "حلولاً" لكثير من المسائل. غالباً ما تكون وعظاته عن الحياة الزوجية والعلائقية و"الدنيوية"، وفيها رسائل للنساء.

قضيت عدة ساعات أقلّب في وعظاته وأستمع إليها. لا أعرف الجمهور الذي يستهدفه الشيخ، لكن حين يبثّ برنامجه الساعة الواحدة ظهراً (بالإضافة إلى الساعة السادسة مساءً) غالباً ما تكون النساء العاملات في المنزل (ربات البيوت) عموماً هن المستهدفات. كيف يمكن لأي امرأة تستمع لهذه الوعظات أن لا تستشيط غضباً؟ الأنكى أن السيدة التي تحاوره تفوقه أحياناً رجعية وذكورية. وحين يعاد بثّ جميع مقابلاته على وسائل التواصل الاجتماعي، تكون دائرة الاستهداف بلا شك أوسع بين الشبان والشابات.

لسماحة الشيخ صفحة على "فيسبوك"، وأخرى على "واتس آب"، يتواصل عبرهما مع الناس من متتبعي وعظاته. يقدم لهم "النصائح" و"التوجيهات". في إحدى الوعظات مثلاً غضّ الشيخ سامي خضرا النظر عن تعنيف النساء واستخف به حين قال: "بغضّ النظر عما إذا كان الزوج ظالماً، أو فاسداً أو يعتدي على زوجته أو لا يعطيها الحق أو إلى آخره... لكنه زوجها شرعاً، وعليها احترامه". وفي أخرى، أكد ضرورة "عدم إرهاق المرأة بالمسائل الشخصية والاجتماعية والتفصيلية والمالية بما ينغّص حنانها وفطرتها وجمالها... فإن المرأة ريحان"، ناهيك عن وجوب "سير المرأة بقرب الحائط حين تخرج من منزلها".

هذه نماذج بسيطة عن مضمون ما يقوله الشيخ على الهواء، من دون رادع أو رقيب. هل يعلم سماحة الشيخ أن ما ينادي به يزيد من العنف الزوجي؟ وأن وعظاته تعزّز التمييز واللامساواة؟ من أين له أن يعلم إذا كان يعتقد أن المساواة "بدعة". رجال الدين في لبنان، كما في معظم البلدان العربية، هم قوام الثقافة السائدة بذكوريتها تجاه النساء، ويحرصون على فرزها وإعادة فرزها، ليبقى لهم قرار وسلطة في المجتمع. إذا أقرّ الزواج المدني في لبنان مثلاً، سيؤثر ذلك على مصالح رجال الدين المادية والمعنوية.

في سياق آخر وإن متصل، حين ينتشر خبر مثلاً عن استقطاب المجموعات الأصولية والداعشية للشبان أو استعبادهم للنساء، يضجّ الإعلام الغربي والعربي، في حالة استنكار عامة، مفادها "الكشف عن آليات الاستقطاب والاستعباد". ما يقوم به الشيخ سامي خضرا ليس ببعيد أبداً عن هذا السياق. "هي تصلي وتصوم ولا تتحجب. هل فكّرتم يوماً في ضعف شخصيتها؟" هذا ما قاله الشيخ مؤخراً. سماحة الشيخ، هل فكّرت يوماً في الظلم الذي تنشره؟

(ناشطة نسوية)

المساهمون