يوم الكتاب: ماذا عن باقي أيام السنة؟

يوم الكتاب: ماذا عن باقي أيام السنة؟

23 ابريل 2014
مهدي بيلورتاجا / ألبانيا
+ الخط -

ربع الصفحة التي يكدّ المواطن العربي في فك حروفها سنوياً، ستكون حاضرة في مقدمات الأخبار عن احتفالية الكتاب التي كرستها منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم، "اليونسكو"، كتقليد عالمي، سنوي (منذ 1995) في مثل هذا اليوم من نيسان/ إبريل. وهو شهر يصادف تاريخ ولادة أو وفاة كتاب مشهورين، مثل سيرفانتس، وشكسبير، ونابوكوف.

الحفاوة بالكتاب والكاتب "فولكلور" قلّما يتنكّر له ـ علناً ـ مسؤول أو رسمي في عالمنا العربي. بيد أنّ إحصاءات "اليونسكو" نفسها حول الموضوع تأخذنا بعيداً عن مفرقعات العيد، نحو ظلال أكثر قتامة محلياً.

فبحسب المنظمة الأممية، تتراجع معدلات القراءة في الدول العربية باطراد، ليكون نصيب 33 ألف عربي كتاباً واحداً فقط كلّ عام. وربع الصفحة إياها التي نقرأها في منطقتنا سنوياً، يقابلها 11 كتاباً للأميركي، و7 كتب للبريطاني.

ومن هذه الكتب (التي يطالعها غيرنا) ما بلغت شعبيته أرقاماً هائلة. حيث تتصدر نخبة منها اليوم قوائم المؤلفات الأكثر مبيعاً على مر العصور.

ومن بين المئة الأولى منها، نلمح كتاب "تاريخ مختصر للزمن" لستيفن هوكينغ في المرتبة 90، و"عالم صوفي" لجاستن غاردر في المرتبة 53. أما ليون تولستوي فيحل في المرتبة 26 بروايته الملحمية "الحرب والسلام"، ويسبقه بتسع مراتب "اسم الوردة" لأمبرتو إيكو. ليبقى جبران خليل جبران الوحيد تقريباً الذي تمكن من بين الكتاب العرب إلى الآن من حجز مكان له هناك بكتابه "النبي" (1923) الذي يحتل المرتبة 85.

فيما ينفرد بمركزي الصدارة الأولين بريطانيان، الثاني منهما لـ"جي آر آر تولكيــن" عن روايته "سيد الخواتم" (1954)، والتي تحولت لاحقاً إلى سلسلة أفلام شهيرة.

أمّا أكثر كتاب مبيعاً في التاريخ (باستثناء المعاجم والكتب الدينية) فهو "قصة مدينتين" (1859) لتشارلز ديكنز الذي يروي فيه أحداث مآسي الطبقة العاملة الفرنسية (قبل اندلاع الثورة)، ومن ثمّ الوحشية التي عاقب بها الثوريون، في السنوات الأولى، الأرستقراطيةَ التي حكمتهم قروناً.

سيحتج الصينيون بسرعة على الطريقة الغربية في "صناعة" مثل هذه القوائم. فالدولة التي سيقارب عدد سكانها المليار ونصف المليار قريباً صدّرت ذات يوم 900 مليون نسخة من كتاب أحد زعمائها السابقين الذي حمل عنوان: "مقتطفات من أقوال الرئيس ماو تسي تونغ".

عربياً، ما زلنا نجهل كم بلغت المبيعات النهائية لأحد أشهر الكتب على رفوفنا، الذي ألفه "ابن محمد عبد السلام أبو منيار"، الشهير بمعمر القذافي.

بيد أنّ أنباء وردت من معرض القاهرة للكتاب (2013) قالت حينها بأن أحد ناشري "الكتاب الأخضر" قد طبع آلاف النسخ الإضافية كطبعة ثانية بعد نفاد الأولى في خامس أيام المعرض الأكبر في المنطقة!

على أنّ الكتب الثلاثة الأولى التي تصدّرت مبيعات المعرض المذكور، خلت من اسم الدكتاتور الليبي في النهاية. وحلّ محله الكاتب المصري الشاب أحمد مراد بروايتيه "الفيل الأزرق"، و"تراب الماس"، إضافة إلى مواطنه الفنان أحمد حلمي بكتابه "28 حرف".

أمّا في معرض الكتاب العربي في بيروت (التي كانت عاصمة عالمية للكتاب عام 2009) فقد حلّت في المراكز الأولى فيه العام الماضي، كتب "ماركس.. دون دوغمائية، دون تفريط" لغسان الرفاعي، و"لبنان 2030: جمهورية خارج الكهف" لغسان حاصباني، و"العرب بين التغيير والفوضى" لغازي العريضي.

وخرجت فكرة الاحتفال باليوم العالمي للكتاب (وحقوق النشر والملكية الفكرية) من مدينة كاتالونيا (الإسبانية) حيث تقتضي التقاليد المحلية إهداء وردة لكل من يشتري كتاباً يوم 23 نيسان/ إبريل الذي يُحتفل فيه عادةً بعيد القديس جورجيوس (الخضر).

كما تُسمّي "اليونسكو" في هذا اليوم إحدى العواصم بـ"عاصمة الكتاب العالمية". وذهب اللقب هذا العام إلى بورت هاركورت ( نيجيريا)، خلفاً للعاصمة التايلاندية بانكوك (2013)، ويريفان الأرمنية (2012).

الصائغ الألماني يوهان غوتنبرغ (1398-1468) ترك حرفته في صناعة الذهب ليخترع الآلة الطابعة (1440) التي ما زال نشاط العالم العربي عليها مقتصراً على طباعة 1650 كتاباً سنوياً (72 ألف لفرنسا). هذا من دون أن ندخل في متاهات الرقابة، ومنافسة مواقع التواصل الاجتماعي، وارتفاع أسعار المواد الأولية، وانخفاض التوزيع.

وإلا فإنّ أحلامنا في قيام صناعة عربية للكتاب تعيد له أمجاده الغابرة ستبقى أضغاثاً، حتى وإن استعنّا بكتاب "تفسير الأحلام" الشهير لسيغموند فرويد.

دلالات

المساهمون