باتريوت آكت" أو شيءٌ يشبهه

باتريوت آكت" أو شيءٌ يشبهه

01 مارس 2015
الإسلام عنوان مثير للشكوك في فرنسا(فرانس برس)
+ الخط -
تتمدد "باتريوت آكت" في طبعتها الفرنسية في غير ما مجال، لعل من بينها محاصرة كل عمل إغاثي ومصادرة المساعدات للخارج وخصوصاً إلى سورية الجريح، وأيضاً التشكيك في المدارس والثانويات الإسلامية واتهامها بمعاداة السامية، وقبل هذا في متابعة الأطفال المسلمين بِتُهم "تبرير الإرهاب وتسويغه"...

بعد الاعتداءات الأليمة التي عرفتها باريس في شهر يناير/كانون الثاني الماضي، سارع الحكم الفرنسي إلى طمأنة الداخل والخارج إلى أنه لن يلجأ إلى تطبيق سياسة "باتريوت آكت" على الطريقة الأميركية، بعد اعتداءات 11 سبتمبر/أيلول 2001، على الرغم من رغبة اليمين المتطرف الفرنسي في ذلك، وكذا بعض الأصوات من اليمين المحافظ المقرب من نيكولا ساركوزي، أيضاً.
واندلع سجالٌ عنيف لوصف الإجراءات التي أعلنها الرئيس، هولاند ورئيس وزرائه، لمحاربة التطرف والإرهاب، أو ما يطلقون عليه تارة بـ"الجهادية" و"الإسلاموية" و"السلفية"، والإخوان المسلمين، أخيراً. سجال بين من يتحدث عن فرض سياسة "الاستثناء" وبين من يتحدث عن "إجراءات استثنائية" ليس إلا.
وحتى إذا كان الكثير من المفكرين الفرنسيين، وعلى رأسهم ريجيس دوبريه، لا يرى ضرورة لتطبيق إجراءات متشددة تتعارض مع روحية الجمهورية وحقوق الإنسان، على الطريقة الأمريكية، فإن السياسيين، وخصوصاً من المعارضة اليمينية، لم يتوقفوا عن روح المزايدات، على الرغم من أن القرارات المتشددة التي اتخذتها وزارة الداخلية والعدل الفرنسيتان في مكافحة التطرف وتجفيف موارده المادية ومطاردته، بدون هوادة، على الشبكة وكل أماكن التجنيد، تقترب، حثيثاً، من المقاربة الأمنية البحتة لما حدث.
وإذا كان الفرنسيون، في عمومهم، يرحبّون بالإجراءات الحكومية الأمنية التي تمنحهم نوعاً من السكينة، فإن الأمر يختلف لدى مسلمي فرنسا، لأنّ كل إجراءات الحكومة تتعلق بهذه الجالية ولأن الأجوبة يُتطلَّبُ أن تأتي من هذه الجالية، ولأنّ الإصابات العرضية لن تصيب، على الأرجح، إلا هذه الجالية.
وإذا كان ثمة من يقول في فرنسا، إن الحكومة نجحت في إظهار سياسة التشدد الضروري من دون الوقوع في التجاوزات أو، لنقل، من دون تطبيق "باتريوت آكت"، فهذا ليس هو رأي مسلمي فرنسا، الذين اكتووا، أكثر من غيرهم، بنار التطرف، أولا، ثم بإجراءات محاربة هذا التطرف، ثانيّاً.
وعلى الرغم من أن الحكومة الفرنسية، لحد الساعة، لا تعترف، رسميّاً، بظاهرة الإسلاموفوبيا (على الرغم من تلفظ الرئيس فرانسوا هولاند بها، أخيراً)، فإن مَرصد مكافحة الإسلاموفوبيا (الذي يتعرض لهجوم عنيف من اليمين الفرنسي، والذي يتم التشكيك في إحصاءاته وتقاريره المزعجة، بشكل مستمر) كشف في تقريره الأخير تصاعداً مخيفاً في الأعمال والاعتداءات الإسلاموفوبية، وللأمر علاقةٌ، لا شك فيها، بمسألة اعتداءات باريس الأخيرة.
لنقرأ بعض الأمثلة ولْنَرَ ما الذي يجعلها مختلفةً عن "باتريوت آكت" الأميركية.

المساهمون