بريد مهاجرة.. أشكال أخرى من التضييق

بريد مهاجرة.. أشكال أخرى من التضييق

07 يونيو 2015
لاجئون سوريون يبدأون حياة جديدة(Getty)
+ الخط -
هاجرت من سورية إلى كندا منذ 6 أعوام، أبحث لأولادي عن مستقبل أفضل. أحمل شهادة علمية، لكن الفساد يغمر حالة وطني والمحسوبيات تجعلك كغريب فيه. بقيت أعيش الخوف على ابني الذي كان قد فوق السن القانونية، اندلعت الثورة وأحيت في وفي غيري آمال بانتهاء كابوس مرعب لنا كمهاجرين على وطن وأهل. سنوات مرت ولم أر ابني، ورغم ذلك كنت مثل غيري من السوريين، وبعضهم مهاجر منذ 30 سنة، نلتقي في "أتوا" مشبعين بأمل التغيير.
وبدأ قلقي على ابني يزداد، خاصة بعد أن تلقيت التهديدات تلو الأخرى من السفارة السورية في أوتاوا.
كم أصابتنا الصدمة نحن -السوريين- المتأملين بتغيير عقلية الحكم، حين نكتشف أن سفارة تدعي أنها موجودة لخدمة السوريين المهاجرين في كندا، لم تكن في الواقع سوى كمركز أمني أخذ من بلادنا ذات الأساليب والوسائل "وشايات وتقارير وتشغيل للتجسس" بين الناس وعلى الناس.
وماذا كنا نفعل في مهاجرنا لنستحق كل ذلك؟ لا شيء في الواقع سوى أننا كنا نعبر عن آرائنا في مستقبل بلد نعتبره بلدنا الأول وبلد أجدادنا، مثلما اعتبره غيري من المهاجرين الفخورين به منذ عقود.
مهندسون وأطباء ومدرسون، ومن كل المستويات نتلقى التهديدات من السفارة، يقومون بتصويرنا وإظهار الأمر لنا، لم نكن لنهتم كثيرا بادئ الأمر، لأننا لم نتوقع أن تصل الأمور لما هي عليه اليوم. صرت أفكر جديا بما سيحصل لابني حين باتت تظهر حقيقة القتل البشع والرخيص للي ذراع المهاجرين، وثنيهم عن التعبير عن رأيهم في بلاد تكفل أبسط الحقوق.
ما كان لي لأبوح قبل 6 أشهر، ليس قبل أن يصبح ابني خارجا...
سجن أخي عدة أشهر لخروجه بمظاهرة ثم سجن ابنه، طالب هندسة أيضا عدة شهور، كلاهما عذّب وأهين، مع أن ذنبهم فقط التظاهر.
صديقتي المهاجرة منذ زمن طويل وجدت نفسها عرضة للتهديد من عائلة سورية تعمل للسفارة لوقف نشاطها في كندا، وتم تهديدها بأهلها في الوطن. فماذا فعلت لنا الحكومة الكندية؟
الحكومة الكندية لم تساعدنا أبدا بإحضار عائلاتنا، وكأنه انفصام الديمقراطية بغية منعنا من التعبير عن حقنا في وطن حر.
الأنكى من كل ذلك أن يكون حكم بلدك لديه قدرة مبنية على نظام أمني لشق المهاجرين حتى في كندا... فقد بتنا بالفعل كسوريين منقسمين، وبنت العقلية الأمنية عداوات بين مختلف أبناء الجالية التي كانت حقا تأمل التغيير في 2011.
مديرة مدرسة عربية (خاصة) كانت لطيفة جدا، ناعمة دبلوماسية كلنا أحببناها قبل الثورة. بعد الثورة ظهر وجهها الحقيقي، وأنشبت أظفارها فينا (نحن الذين أيدنا الثورة). لن أنسى قولها عندما قلت لها: إنه يقتلهم بالرصاص شبان بعمر الورد بعمر أبنائك وأبنائي يسيل دمهم بالشوارع! قالت لي وبكل دم بارد: "هدول لازم يتعلقو بالشوارع ليكونوا عبرة لكل من تسول له نفسه التظاهر".

المساهمون