ارتفاع "فاتورة الاسيتراد" تنهك الفلسطينيين في رمضان

ارتفاع "فاتورة الاسيتراد" تنهك الفلسطينيين في رمضان

13 يونيو 2016
زيادة الإقبال على الخضار والفاكهة في فلسطين (وكالة الأناضول)
+ الخط -
ما أن يقترب شهر رمضان حتى تبدأ الأسواق الفلسطينية وفي أجواء تنافسية بعرض سلعها ومنتجاتها، وخصوصاً الرمضانية منها. وعادة ما تشهد السلع المرتبطة بالمائدة والطقوس الرمضانية ارتفاعات في الأسعار، رغم دعوات تطلقها مؤسسات وأفراد وجهات، بضرورة تدخل الحكومة لضبط الأسعار.
لا تتوفر بيانات رسمية لدى الجهات الفلسطينية حول حجم الاستيراد المرتبط بالسلع الرمضانية، بسبب التهرب الضريبي المستشري، واعتماد الاستيراد في أغلبه على إسرائيل التي تسيطر على المعابر. فكثير من التجار يستوردون البضائع عن طريق وسطاء إسرائيليين، وفي كثير من الأحيان لا تدخل هذه البيانات إلى المؤسسات الرسمية، وبالتالي تبقى الأمور في نطاق تقديري، وفق ما يؤكده رئيس نقابة تجارة المواد الغذائية عبد المحي قفيشة. ويقول لـ "العربي الجديد": "تغيب الإحصاءات الدقيقة الخاصة باستيراد السلع، لأن الاحتلال الإسرائيلي يسيطر بشكل فعال على المعابر، وبالتالي لا يمكن دخول أي بضائع وتسجيلها بطرق رسمية، الأمر الذي أدى إلى تعزيز تجارة تهريب البضائع".
ويضيف: "حاولنا كنقابة البحث عن نسب الاستهلاك في شهر رمضان، ومراقبة المواد التي تدخل إلى الأراضي الفلسطينية، لكننا لم ننجح في ذلك، بسبب غياب البيانات الرسمية في وزارة الاقتصاد، التي تعلل دائماً غياب الأرقام، نتيجة عمليات التهريب من داخل إسرائيل".
ويؤكد قفشية أن النسب المستهلكة من السلع الغذائية في رمضان ترتفع عن باقي أشهر السنة، ويستدل على ذلك من خلال البيانات المتاحة التي تتعلق فقط بالكميات الموجودة في مخازن بعض التجار، والشركات الكبرى.

فعلى سبيل المثال، يوجد في مدينة الخليل، مخزون من الطحين يصل إلى نحو مئة حاوية مخصص فقط لشهر رمضان، وهي ضعف الكمية الطبيعية التي يستهلكها المواطنون في الأشهر العادية.
يعيش في الأراضي الفلسطينية، نحو 4.5 ملايين مواطن، ويصل بحسب دائرة الإحصاءات عدد أفراد الأسرة الفلسطينية نحو 5 أفراد، أي أن هناك نحو 858 ألف أسرة. وبحسب البيانات، يصل متوسط الاستهلاك الشهري للأسرة الفلسطينية الخاص للطعام فقط نحو 500 دولار. وإذا قدر أن مصروفات الأسرة الفلسطينية خلال شهر رمضان تزداد بمقدار ثلث المصروفات الشهرية العادية، فالنتيجة تكون كارثية.

يقول مدير عام جهاز الإحصاء في جنوب الخليل توفيق نصار لـ "العربي الجديد": "ارتفعت واردات الفلسطينيين خلال شهر آذار/ مارس من عام 2016 بنسبة 7% مقارنة مع شهر شباط/ فبراير، كما ارتفعت بنسبة 9% مقارنة مع الأشهر نفسها من العام الماضي، مرجحاً أن يكون سبب الارتفاع ناتجاً عن استيراد المواد الغذائية التي تتعلق بشهر رمضان".

الأزمة الاقتصادية
وبعيداً عن الأرقام، هل تؤثر الأزمات الاقتصادية في انخفاض استهلاك المواطن للسلع الرمضانية؟ يجيب فؤاد العيل رب أسرة على هذا السؤال بالقول: "إن قلة فرص العمل وارتفاع نسب البطالة، وتآكل الرواتب والأجور، عوامل من شأنها التأثير على حجم الاستهلاك الرمضاني". فيما يعتبر لؤي مواطن من جنين، أن جشع التجار والاحتكار ورفع الأسعار، وقلة توفر السيولة، عوامل تؤدي إلى امتناع الأسر عن شراء الكثير من البضائع الرمضانية، علماً أن الأسعار قبل بداية شهر رمضان تكون مقبولة نوعاً ما، وما أن يقترب الشهر الفضيل حتى ترتفع الأسعار.
فيما تعبر أم ماهر من مدينة نابلس عن انزعاجها مما يتكرر سنوياً، وتقول: "مهما حاولنا الترشيد من المصاريف خلال شهر رمضان، إلا أن مصاريفه تبقى كبيرة مقارنة عن أي شهر آخر، خاصة أن المائدة الرمضانية تتطلب وجود أنواع وأصناف مختلفة من اللحوم والدجاج، والخضار والفاكهة".
يقول أستاذ مادة الاقتصاد في جامعة النجاح نائل موسى لـ "العربي الجديد": "يعتبر الاستهلاك سلوكاً نابعاً من محاكاة المجتمع والتربية، ونحن كمجتمع فلسطيني نحتفل بقدوم الشهر الكريم، ما يتطلب زيادة الطلب على السلع الاستهلاكية الغذائية". ويضيف: "خلال الشهرين الماضيين لم يحدث أي تغيير على مدخول الأفراد والأسر، إلا أنه في هذا الشهر، فإن الاستهلاك سيرتفع حتماً، وسيؤثر على الدخل الفردي"، مشيراً إلى أن هناك توجهاً عالياً للاستهلاك، بسبب العادات والتقاليد. إلى ذلك يؤكد موسى أنه وبسبب هذه العادات، فإن الفاتورة الرمضانية ترتفع، خاصة وأن معظم السلع تشهد ارتفاعات كبيرة في أسعارها. ويفيد موسى بأن هناك نوعين من السلع داخل السوق الفلسطينية، فهناك السلع الداخلية والخارجية، ولكل منهما سعر معين، فالأسعار الخاصة بالسلع الداخلية كالخضار، والحلويات، تشهد ارتفاعاً في بداية الشهر ثم تنخفض تدريجياً، أما السلع المستوردة من الخارج، فلا نستطيع التحكم بأسعارها، كونها مرتبطة بالأسواق العالمية، حيث ترتفع أو تنخفض وفق التوجهات العالمية.
من جهة أخرى، يشير موسى إلى أن الارتفاع في الأسعار يبقى لنحو أسبوعين فقط، وبعدها أي في نصف شهر رمضان، تبدأ الأسعار بالانخفاض، لتعاود الارتفاع مع قدوم العيد.

المساهمون