جولة جديدة للسترات الصفراء: التعبئة مستمرة رغم الحوار الوطني

الجولة الحادية عشرة من حراك السترات الصفراء: التعبئة مستمرة رغم الحوار الوطني

26 يناير 2019
شهدت الشوارع انتشاراً مكثفاً للأمن (فرانس برس)
+ الخط -
تواصل الحكومة الفرنسية الترويج للحوار الوطني الكبير، عبر انخراط رئيس الجمهورية، إيمانويل ماكرون، نفسه، والعديد من وزرائه، في نقاشاتها التي طرقت كل المواضيع التي يمكن تخيّلها، في حين تُواصل حركة السترات الصفراء، من جانبها، احتجاجاتِها، التي أُعْلِن عن معظمها من قبل حتى تكون شرعية.

وقد تظاهرت، اليوم، للسبت الحادي عشر على التوالي، من دون أن يظهر الوَهَن، ومن دون أن يبدو ما يؤشر على قرب توقفها، مع كل ما يرافق هذا النوع من التظاهرات من توترات واحتقان وبعض مَظاهر عنف، نتجت عنها إصابات المئات من المتظاهرين، وهو ما دفع أحد وجوه السترات الصفراء لفتح صندوق تبرعات لصالح ضحايا المتظاهرين وعائلاتهم، استطاع، لحد الآن، تجميع 136 ألف يورو.

وهذا التوتر والخوف من تأزم الأمور هو ما يفسّر التعبئة الكبيرة لقوات الأمن، وعلى رأسها ثلاث مصفحات تابعة للدرك أمام قوس النصر في باريس، وتم إغلاق محطات مترو عديدة.

وقد عرفت باريس أربع تظاهرات، الأولى انطلقت من "ساحة ليتوال" إلى "ساحة الباستيل"، كذلك تظاهرة أخرى في "ساحة ناسيون". ومرت التظاهرة بجانب البرلمان، وقد وصفه بعض المتظاهرين بأنه "حديقة حيوانات مجانية"، وانطلقت تظاهرة أخرى من "بورت دس فانسان".



ومن جهتها طلبت بريسيلا لودوسكي، وهي من وجوه السترات الصفراء التي تحظى باحترام واسع، وخصّها الرئيس ماكرون برسالة جوابية، عارضاً عليها تواصلاً عبر الإيميل، وهو ما لم تُعِرْه اهتماماً، من المتظاهرين ألا يهاجموا الصحافيين ولا رجال الشرطة والدرك، "خاصة وأنّ مهنيي الإعلام بدأوا يعترفون بأخطائهم، بخصوص العنف البوليسي، والجرحى من المتظاهرين".

وفي ما يخص عدد المتظاهرين، فلا بد الركون إلى إحصاءات وزارة الداخلية، في انتظار إعلان السترات الصفراء عن إحصائها، وقد صرحت وزارة الداخلية بأن عددهم في منتصف النهار، في عموم فرنسا، بلغ 22 ألف شخص، من بينهم 2500 في باريس، وتحدثت أيضًا عن إيقاف 42 شخصًا.

وعلى الرغم من العدد الكبير لقوات الأمن في مواجهة المتظاهرين، فقد اضطرت لاستخدام "قنابل الدفاع"، التي فقأت عيون أكثر من عشرة أشخاص منذ بدء الحراك، والتي طالبت شخصيات فرنسية رفيعة إضافة إلى "المُدافع عن الحقوق"، جاك توبون، بوقف استخدامها، وهو ما أدى إلى إصابة جيروم رودريغيز، المقرب من إيريك دْرُووي، أحد وجوه السترات الصفراء الأكثر تأثيراً، إصابة خطيرة في عينه، في "ساحة الباستيل" وتم نقله على الفور إلى المستشفى، وقد صور كثير من الصحافيين هذا المشهد المؤلم، وما أعقبه من توتر. وهو ما جعل القضية تُعرَض، على الفور، على "بوليس البوليس" لفتح تحقيق حول ما جرى، قبل أن تخرج الأمور عن السيطرة.

وقد اتجهت مجموعة من المتظاهرين من "ساحة الباستيل" إلى "ساحة الجمهورية"، حيث ستنفّذ أول "ليلة صفراء"، وهي ما دعا إليها إيريك دْرُووي، والغرض الرئيس منها، إضافةً إلى سلميتها، فتح النقاش حول مَطالب السترات الصفراء.

وليست باريس وحدها من تظاهرت، اليوم، في هذه الجولة الحادية عشرة، فقد شهدت بوردو تظاهرة ضخمة، تجاوزت 5 آلاف متظاهر، وكذلك تولوز، التي فشل لقاء عمدتها مع فريق من السترات الصفراء بعد إصراره على تسجيل اللقاء، كما فشل، قبل أسابيع، لقاء بين ممثلين عنهم مع وزير الإيكولوجيا.

وتوترت الأوضاع في مدينة روان، وفي مدينة إيفرو، حيث أحرقت أكثر من أربع سيارات. وشهدت مدينة "مونبولي" تظاهرة طالبت بوضع "ماكرون في السجن"، كما شهدت مدينة
"دانكيرك" في شمال فرنسا، تظاهرات ليلية، بشعارات: "ماكرون، استقالة"، و"سنأتي للبحث عنك"، وتظاهر عشرات في بلدات عديدة منها "فيم"، طالبت باستقالة الرئيس.



وتجدر الإشارة إلى أن بلدة "لاموز" ستعرف اليوم وغدًا توافد 75 مجموعة من السترات الصفراء من أجل "تجمع التجمعات"، من أجل النقاش والتحاور حول قضايا، من أهمها الموقف من الحوار الوطني الكبير، وأيضًا الانتخابات الأوروبية في شهر مايو/ أيار 2019.

الخلاصة هي أنه رغم هجوم الحكومة ورئيس الجمهورية، باستخدام الحوار الوطني الكبير، الذي بدأ يجذب أكثر فأكثر المواطنين، وغالبية الأحزاب السياسية، إلا أن السترات الصفراء تُواصل، رغم بعض الانشقاقات - لعلّ من أكثرها تحدّياً قرارُ بعض أفرادها تقديم لائحة إلى الانتخابات الأوروبية المقبلة - استعراض قوتها، وتواصل التحرش بالحكومة وبقوات الأمن، حتى لا تلتقط أنفاسَها، وهو ما لخّصه، اليوم، أحدُ المتظاهرين في وجه وزيرة فرنسا ما وراء البحار، التي خرجت لمحاورتهم، قرب مقر وزارتها، قائلًا: "إن الفرنسيين لا يريدون خطابا يدوم 7 ساعات (في إشارة إلى إنجازات ماكرون)، إنهم جائعون". ​

المساهمون