التحقيقات بالدور الروسي بانتخاب ترامب: بداية سقوط الحاشية

التحقيقات بالدور الروسي بانتخاب ترامب: بداية سقوط الحاشية

31 أكتوبر 2017
مانافورت وترامب وابنته خلال الحملة الرئاسية (تشيب سومودفيلا/Getty)
+ الخط -
سيبقى تاريخ الثلاثين من أكتوبر/تشرين الأول 2017، من بين أسوأ الأيام بالنسبة للرئيس الأميركي، دونالد ترامب، مع بدء اتهام وتوقيف مساعدين سابقين له ساهموا بشكل رئيسي في إيصاله إلى منصبه الحالي، بتهمة تلقي الأموال والتواطؤ مع جهات روسية و"التآمر ضد أميركا" التي قد تتحول في سياق المحكمة إلى تهمة الخيانة العظمى. بدأت لائحة الاتهام التي وجهها رئيس لجنة التحقيق الرسمية، روبرت مولر، أمس الإثنين، بثلاثة من مساعدي ترامب السابقين، هم مدير حملته الرئاسية السابق بول مانافورت وشريكه التجاري ريك غيتس، والمستشار السابق لترامب للشؤون الخارجية في الحملة، جورج بابادوبولوس، لكن الاحتمالات مفتوحة بأن تتسع اللائحة وأن تشمل أسماء "أكبر"، بما أن التحقيقات التي خاضها مولر ولجنته منذ مايو/أيار الماضي، شملت أشخاصاً من وزن صهر الرئيس، كبير مستشاريه، جارد كوشنر، وابنه، دونالد جونيور، فضلاً عن عشرات السياسيين المقربين جداً من ترامب.


رد الفعل الأولي لترامب جاء متسقاً مع حالة الإنكار التي يبديها إزاء ملف الدور الروسي في وصوله إلى البيت الأبيض، فسارع إلى محاولة توجيه الأنظار إلى منافسته السابقة، هيلاري كلينتون، عندما طالب من لجنة التحقيق التي يترأسها مولر بـ"التركيز على هيلاري" بدل التحقيق مع المتهمين بالعمل لمصلحته مع أطراف روسية رسمية /أو خاصة، في إشارة إلى قضية البريد الخاص لكلينتون. ورفض ترامب، في تغريدات على موقع "تويتر"، الاتهامات الموجهة لثلاثة من مستشاريه، مؤكدا أنه "لا يوجد تواطؤ" مع روسيا. وعبر ترامب عن غضبه إزاء ما سماها "حملة الافتراءات" بعد قرار توقيف مساعديه، مع أنه لم ينكر التهمة عن مانافورت الذي سبق أن استبدله خلال حملته الرئاسية. وقال ترامب إن الاتهامات الموجهة لمانافورت تعود إلى "سنوات خلت". وكتب: "لماذا لا تَستهدفُ هيلاري الحقيرةَ والديموقراطيين؟؟؟".


وبالفعل، سلّم مانافورت نفسه لوكالة التحقيقات الفدرالية (إف بي آي) في العاصمة واشنطن، فور صدور اسمه والطلب منه تسليم نفسه، صباح أمس، بعد توجيه 12 تهمة إليه وإلى شريكه التجاري ريك غيتس من قبل هيئة محلفين اتحادية هي: التآمر ضد الولايات المتحدة والتآمر على غسل أموال والعمل كوكيل غير مسجل لشخص أجنبي وتقديم بيانات كاذبة ومضللة في ما يتعلق بقانون تسجيل الوكلاء الأجانب، وتقديم بيانات مزيفة، وسبع اتهامات تتعلق بعدم تقديم تقارير عن حسابات مالية وحسابات ببنوك أجنبية". كما وجهت إلى مانافورت وغيتس تهمة إخفاء ملايين الدولارات التي كسباها من العمل لمصلحة الرئيس الأوكراني السابق، فيكتور يانوكوفيتش، وحزبه السياسي المؤيد للقيادة الروسية.

أما بابادوبولوس، فقد اتهم رسمياً واعترف بأنه كذب على محققي مكتب الـ"إف بي آي". وأفاد محضر الاتهام الذي وقعه المدعي العام مولر بأن بابادوبولوس الذي كان مكلفا بقضايا السياسة الخارجية في حملة ترامب، "عرقل" بإفادته الكاذبة "التحقيق الجاري لمكتب التحقيقات الفدرالي حول وجود صلات او تنسيق محتملين بين أشخاص مشاركين في الحملة والحكومة الروسية للتدخل في الانتخابات الرئاسية عام 2016".

وخلت لائحة الاتهامات بحق الأشخاص الثلاثة من أي ذكر لترامب، غير أن اللائحة تفصّل دور مانافورت وغيتس في العمل مع شركات أوكرانية (محسوبة على روسيا) وجنيا منها أكثر من 18 مليون دولار أميركي، من دون أن يدفعا ضرائب عن هذه المبالغ الضخمة. وكان توقيف مانافورت متوقعاً منذ الصيف الماضي، عندما داهمت الـ" إف بي آي" منزله، في ظل تسريب معلومات من الإدعاء حول وجود مشروع لاتهامه رسمياً. غير أن معلومات تم التداول بها حول احتمال سعي مانافورت إلى إبرام "صفقة" قانونية مع الادعاء لتفادي التوقيف. كما نقل أحد أبرز محامي البيت الأبيض، تاي كوب، عن ترامب، ثقة الأخير المطلقة بأن مانافورت لا يملك "معلومات ضارة حول الرئيس".

ومانافورت سياسي جمهوري تصفه صحيفة نيويورك تايمز بـ"المخضرم"، وقد انضم إلى حملة ترامب في مارس/آذار 2016، وسارع المرشح الرئاسي ترامب إلى ترقيته فعينه مديراً لكل حملته ومديراً للتخطيط الاستراتيجي فيها. غير أن ترامب سرعان ما أقال مانافورت بعد نشر تقارير حول حصول الأخير على 12 مليون دولار من يانوكوفيتش، علماً بأن مانافورت أمضى سنوات طويلة في العمل كمستشار سياسي للرئيس الأوكراني السابق. وكانت صحيفة "نيويورك تايمز" قد كشفت، في يوليو/تموز الماضي، عن أن مانافورت وأشخاصاً آخرين مقربين من ترامب، التقوا مع مسؤولين روس العام الماضي، وتلقوا وعوداً بنيل معلومات سياسية ضارة بهيلاري كلينتون.


وقد خلصت الأجهزة الاستخبارية الأميركية موحدةً إلى أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قاد حملة قرصنة إلكترونية وبروباغاندا لمحاولة تدمير حظوظ هيلاري كلينتون في الوصول إلى البيت الأبيض، ومساعدة ترامب في الانتصار انتخابياً، وهو ما حصل. وبناء على هذه الخلاصة، تم تعيين لجنة تحقيق خاصة برئاسة مولر، لمعرفة ما إذا كان هناك أشخاص يحيطون اليوم بترامب متورطين في الحملة الروسية التي ساهمت في إيصاله إلى الرئاسة، بحسب خلاصات الأجهزة الأمنية الأميركية. كما يجري الكونغرس الأميركي تحقيقا منفردا حول هذه الادعاءات. وسيمثل المتهمون الثلاثة أمام القاضي آيمي بيرمان جاكسون (63 عاماً)، المعين من قبل الرئيس السابق باراك أوباما، وهو ما يحتمل أن يستند إليه ترامب مستقبلاً للتشكيك بالمحاكمة وبنزاهتها، وهو المعروف بطعنه المتكرر بشفافية القضاة الأميركيين على اعتبار أنهم يشكلون جزءاً رئيسياً من "النظام" الأميركي الذي أتى الرجل رئيساً من خارجه.

ولفتت صحيفة "واشنطن بوست" إلى أنه بينما ركزت التحقيقات على مانافورت والمستشار السابق لمجلس الأمن القومي الأميركي، مايكل فلين، غير أن المحققين يبدون اهتماما كبيراً باجتماعات بين صهر الرئيس، مستشاره، جارد كوشنر والسفير الروسي السابق في واشنطن ومصرفي روسي كبير في موسكو في ديسمبر/كانون الأول الماضي ويونيو/حزيران 2016 في برج ترامب في نيويورك بحضور ابن ترامب، دونالد جونيور. بناء على ذلك، طلب المحقق مولر المزيد من المعلومات، التي كان يحقق فيها مدير الـ"إف بي آي" الذي أقاله ترامب على خلفية التحقيقات بالدور الروسي نفسه، جايمس كومي.

المساهمون