اليابان: شينزو آبي يطيح بمجلس النواب استباقاً لخطر كويكي

اليابان: شينزو آبي يطيح بمجلس النواب استباقاً لخطر كويكي

29 سبتمبر 2017
أعلنت كويكي أن حزب "الأمل" سيكون محافظاً (Getty)
+ الخط -

استفاد رئيس الحكومة اليابانية، شينزو آبي، من العطلة الصيفية للبرلمان والأزمة الكورية الشمالية وتراجع الحملة على حكومته بسبب فضائح المحسوبية، لاسترداد شعبيته، كمقدمة للإطاحة بمجلس النواب الياباني، في محاولة لمواصلة السيطرة على الحكم، واستباق تحول الحزب الوليد لحاكمة طوكيو، يوريكو كويكي، إلى قوة أساسية في البلد، وسط انهيار شبه كامل لحزب المعارضة الرئيسي في البلاد.

وينظر على نطاق واسع إلى آبي على أنه يحاول تشديد قبضته على السلطة داخل الحزب الديمقراطي الليبرالي الحاكم، المتحالف مع "كوميتو" (حزب يميني وسطي)، حتى يتمكن من تمديد فترة قيادته للبلد في العام المقبل. لكن الحزب الحاكم يواجه تحدياً متزايداً من حزب جديد دشنته محافظ طوكيو يوريكو كويكي هذا الأسبوع. وقد حفز حزب "الأمل" بعض الناخبين، كما أنه يجتذب النواب المنشقين من الحزب الديمقراطي المعارض. وخسر الحزب "الديمقراطي"، المعارض الرئيسي، الذي تولى السلطة بين 2009 و2012، أرضاً إلى حد كبير بسبب الخلافات الداخلية، والآن ينهار، وسط انشقاق العديد من الأعضاء وانضمامهم إلى حزب كويكي. واقترح زعيمه سيجي مايهارا السماح لبقية الأعضاء باتخاذ قرارهم الخاص بالمغادرة أو البقاء، ما يمهد السبيل للاندماج المحتمل مع حزب كويكي. وكتب مينيوكي فوكودا، النائب السابق عن حزب آبي والذي شارك في تأسيس حزب "الأمل"، أنه "حتى إذا كان الأمر لا يعني اندماجاً بين الحزب الديمقراطي وحزب الأمل، يمكننا أن نفكر أن أعضاء الحزب الأول يشاطرون حزب الأمل سياسته، خصوصاً في مجال الأمن والدفاع ويترشحون باسمه".

وفتح حل شينزو آبي مجلس النواب الطريق أمام إجراء انتخابات تشريعية مبكرة، كان يجب أن تجرى بعد عام من الآن، وسيتواجه فيها "الديمقراطي الليبرالي" مع حزب حاكمة طوكيو. وأعلن رئيس مجلس النواب تاداموري أوشيما، خلال جلسة عامة للمجلس، أمس، أنه "بموجب المادة السابعة من الدستور، تم حلّ مجلس النواب". وعلى الأثر هتف النواب "بانزاي، بانزاي، بانزاي" (يحيا الإمبراطور)، رافعين أيديهم إلى الأعلى، ثم أخلوا قاعة المجلس. وستجرى الانتخابات في 22 أكتوبر/ تشرين الأول المقبل، بعد الحملة الانتخابية التي تبدأ في العاشر من الشهر نفسه. ووافق مجلس الوزراء في وقت لاحق على إجراء الانتخابات في الغرفة الدنيا (مجلس النواب) التي تضم 475 مقعداً. ولم يتم حل الغرف الأخرى للبرلمان، وهي الغرفة العليا، لكن عملها متوقف حتى يتم استئناف عمل البرلمان بعد الانتخابات.

وأعلن آبي، في خطاب أمام أعضاء حزبه، أنه يهدف إلى الفوز بـ233 مقعداً على الأقل في مجلس النواب، والبقاء في السلطة. يشار إلى أن حزبه وشريكه في الائتلاف "كوميتو" يحظيان حالياً بأغلبية الثلثين في مجلس النواب. وقال آبي إن "المعركة الصعبة تبدأ اليوم". وأضاف "علينا تسوية مشكلة الصواريخ والبرنامج النووي الكوري الشمالي، وتقع على عاتقنا مسؤولية تحسين حياة المواطنين". وكانت مجموعة "تومين طوكيو نو كاي" أو "سكان طوكيو أولاً"، بقيادة كويكي، حققت فوزاً ساحقاً في انتخابات بلدية طوكيو في يوليو/ تموز الماضي، إذ وجهت ضربة قوية لحزب آبي، وفتحت الباب أمام إعلان كويكي عن تأسيس حزب "الأمل" وتقديم مرشحين للانضمام إلى بعض المقاعد في مجلس النواب. وقالت كويكي إن حزبها سيكون محافظاً وسيعمل لضمان الشفافية في عمل الحكومة، وتقدم المرأة، والقضاء على الطاقة النووية، وإصلاحات أخرى. وأوضحت كويكي، المذيعة التلفزيونية السابقة، والتي تتحدث الإنكليزية والعربية، وأصبحت أول امرأة تتولى منصب حاكم طوكيو، أنها مصممة على محاربة "الحرس القديم". وأعلن عدد من نواب البرلمان، وبينهم منشقون عن الحزب الديمقراطي المعارض، اعتزامهم الانضمام إلى حزبها. وهناك أحزاب صغيرة في اليابان، هي "الشيوعي" و"الاشتراكي الديمقراطي" و"الشعب الجديد" و"حزبكم".

ويقول محللون إنهم يعتقدون أن حزب آبي الحاكم سيحافظ على الأغلبية، على الرغم من أن بعض المقاعد قد يتم سحبها من قبل حزب "الأمل". وكانت معدلات الدعم لحكومة آبي انخفضت إلى أقل من 30 في المائة في يوليو/ تموز الماضي بعد استجوابات برلمانية متكررة حول المزاعم بأن آبي ساعد صديقه في الحصول على موافقة لفتح كلية بيطرية. لكن استطلاعات رأي نشرت أخيراً أظهرت أن معدلات الدعم تتعافى إلى نحو 50 في المائة، ساعدتها عطلة البرلمان وتعديل وزاري في أغسطس/ آب الماضي أبعد وزير الدفاع والعديد من الوجوه الأخرى التي لا تحظى بشعبية. ويعد هذا تحولاً كبيراً من يوليو عندما عانى الحزب من خسارة مدمرة في انتخابات مجلس مدينة طوكيو لصالح حزب كويكي الجديد. وأظهرت استطلاعات الرأي أن حزب "الأمل" يقلص الفارق مع الحزب الليبرالي الديمقراطي. وأظهر استطلاع للرأي أجرته صحيفة "ماينيشي" أن 18 في المائة من المشاركين في الاستطلاع سيصوتون لحزب "الأمل"، بالمقارنة مع 29 في المائة لحزب آبي، فيما أظهر استطلاع لصحيفة "آساهي" نيل "الأمل" 13 في المائة، و"الليبرالي الديمقراطي" 32 في المائة.

ورأت المعارضة في اليابان أن قرار آبي المفاجئ هو إجراء "حل أناني" لمجلس النواب و"حل لتغطية الفضائح". إلا أن آبي برره بضرورة الحصول على تأييد لتوجهاته الاقتصادية، خصوصاً في استخدام الأموال التي تأتي من الزيادة المقررة لرسم القيمة المضافة أو الحزم حيال كوريا الشمالية التي تطلق تهديدات. وكان آبي قام بخطوة مماثلة، في ديسمبر/ كانون الأول 2014، للحصول على تأييد لسياسته للإنعاش الاقتصادي مستفيداً من ضعف المعارضة. وقد برر هذه الخطوة حينذاك بالقول إن "أي قرار متعلق بالنظام الضريبي يؤثر بشكل كبير على حياة الناس، ويجب أن يوافق عليه الناخبون". وكتبت مجموعة "بي ام آي للأبحاث" في مذكرة، إن "آبي نجح في المحافظة على الدعم بسبب الظروف الاقتصادية الملائمة له وغياب منافسين يتمتعون بالصدقية، وفي وقت أقرب بسبب موقفه حيال كوريا الشمالية". وأضافت أن "الخطر الأكبر اليوم هو تقديم دعم قوي لحزب الأمل الجديد الذي يمكنه جذب الناخبين المستائين وتقليص فرص آبي في البقاء في منصبه بعد 2018". وتابعت "من الممكن جداً أن يخسر تحالف الحزب الليبرالي الديمقراطي وكوميتو الحاكم أغلبية الثلثين" التي كان يتمتع بها في مجلس النواب الذي حله آبي رسمياً. وفي كل الأحوال، تبدو كويكي مصممة على تبني مواقف مختلفة تماماً عن رئيس الحكومة، فهي تريد تجميد زيادة رسوم الاستهلاك التي بدا آبي مصمماً على تنفيذها اعتباراً من أكتوبر/ تشرين الأول 2019 بعد "تأجيل أخير". كما تريد التخلص من الطاقة النووية، بينما يريد آبي إحياء المواقع الآمنة منها. لكن هناك نقطة واحدة تجمع بينهما هي إصلاح الدستور الذي كتبه الأميركيون بعد الحرب العالمية الثانية، ولم يتم إدخال أي تعديل عليه منذ صياغته قبل 70 عاماً.

المساهمون