الجزائر: أربعة إخفاقات وراء تأجيل مؤتمر "الوفاق"

الجزائر: أربعة إخفاقات وراء تأجيل مؤتمر "الوفاق"

24 فبراير 2015
رئيس مجلس الأمة بن صالح رفض المؤتمر(فاروق باطيش/فرانس برس)
+ الخط -
أخفقت "جبهة القوى الاشتراكية" الجزائرية في تحقيق إجماع سياسي، يمهّد لعقد مؤتمر للوفاق والإجماع الوطني، كان مقرّراً عقده اليوم، بعدما سحبت السلطة وأحزابها، موافقتها في اللحظة الأخيرة بشأن المشاركة في هذا المؤتمر، على اعتبار أنّ البلد ليس في أزمة سياسية تستدعي عقد مؤتمر "وفاق وطني"، وأن مسألة شرعية مؤسسات الدولة والرئاسة غير قابلة للنقاش، بحسب رأي المنسحبين.

ورفضت السلطة الحاكمة في الجزائر مبادرة الإجماع الوطني، التي طرحها أقدم وأكبر أحزاب المعارضة "جبهة القوى الاشتراكية"، مشيرة إلى أنّ مسودة الدستور التوافقي، التي يعتزم الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة طرحها قبل منتصف العام الجاري، هو المبادرة العملية للتوافق الوطني.

وكانت السلطة قد أعطت الانطباع، على مدى أشهر، بقبولها المشاركة في النقاش السياسي، وفي ندوة الإجماع الوطني التي بادرت إليها "جبهة القوى الاشتراكية" بقيادة الزعيم التاريخي، وأحد قادة ثورة التحرير حسين أيت أحمد. وتكرّس هذ الانطباع من خلال قبول شخصيات رسمية، وقادة في أحزاب موالية للسلطة، للحوار ومنح الموافقة المبدئية للمشاركة في ندوة الإجماع الوطني اليوم.
غير أنّ رئيس مجلس الأمة، الأمين العام لحزب "التجمع الوطني الديمقراطي"، عبد القادر بن صالح، أطلق رصاصة الرحمة على مبادرة "جبهة القوى الاشتراكية"، عبر إعلانه رفض المشاركة في المؤتمر. وقال بن صالح،  إن "جميع المبادرات المطروحة في الساحة لا تأتي بجديد ولا تقدم الإضافة، لهذا فإننا، وإن كنا نعترف لجبهة القوى الاشتراكية بنبل مسعاها، نرى، أيضاً، أنّ مبادرة الإجماع الوطني لا توفر شروط نجاحها".

وفي رأي بن صالح، فإنّ نجاح المبادرة يتوقف على مباركة السلطة لها. وأكّد أنّ "أي مبادرة لا يمكنها أن تنجح بعيداً عن رعاية المؤسسات الشرعية للدولة". واقترح على القوى السياسية في الجزائر انتظار التعديل الدستوري المرتقب، كبديل لمبادرة الإجماع الوطني، لافتاً الى أنّه "لا توجد مبادرة سياسية تقدّم الإضافة السياسية أكثر من مبادرة بوتفليقة بخصوص مراجعة الدستور؛ فهي الخيار الأنسب لمعالجة مشاكل البلاد".

وليس بن صالح وحده من سحب البساط من تحت أقدام حزب "القوى الاشتراكية" بعد أشهر من الموافقة على عقد المؤتمر؛ إذ إنّ الأمين العام للحزب الحاكم "جبهة التحرير الوطني"، عمار سعداني، أكد في آخر اجتماع لمكتب حزبه، أن "جبهة التحرير"، باعتبارها حزب الغالبية، ترفض أن تكون طرفاً في أي مبادرة سياسية لا تكون هي قائدها. وأعلن أن "جبهة التحرير" ترفض أي نقاش سياسي حول شرعية رئيس الجمهورية بوتفليقة باعتباره رئيساً منتخباً من قبل الشعب"، خصوصاً وأن مؤتمر الإجماع الوطني الذي اقترحته الجبهة طرح في أجندته نقاش مسألة شرعية مؤسسة الرئاسة بسبب مرض الرئيس، وعدم قدرته على اتخاذ القرارات وممارسة صلاحياته الدستورية.
بدوره، رفض وزير النقل ورئيس حزب "تجمع أمل الجزائر"، عمار غول، المشاركة في مؤتمر الإجماع والوفاق الوطني، معتبراً أنّه في "الجزائر لا توجد أزمة سياسية تستدعي طرح البحث عن توافقات سياسية، البلاد تسير بمؤسسات رسمية منتخبة وتقوم بكامل صلاحياتها".

ودفعت هذه المواقف حزب "جبهة القوى الاشتراكية" الى تأجيل عقد المؤتمر. وأعلنت قيادة الحزب أنّها تسعى إلى مزيد من "الحوار حول مبادرتها الخاصة للإجماع الوطني، ما من شأنه أن يساهم في رفع اللبس وسوء الفهم وطمأنة كل الحريصين على المصلحة الوطنية لتسهيل الحوار بين كل الأطراف ". وقال السكرتير الأول للحزب محمد نبو لـ"العربي الجديد"، إن "الانتقادات والادّعاءات والشكوك بشأن مبادرتنا السياسية لا أساس لها من الصحة، وأغلب هذه الإدعاءات هي مجرد أحكام مسبقة"، لافتاً الى أن المؤتمر استهدف "إرساء إطار حوار مفتوح أمام الجميع لعرض اقتراحاتهم على الصعيد السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي والأمني بدون شروط مسبقة"، مشيراً الى أن "جبهة القوى الاشتراكية ستعمل على إنجاح المؤتمر في تاريخ لاحق. وسنعمل في الوقت نفسه على أن يكون الرأي الوطني شاهداً على  مصداقية مسعانا  السياسي".
يؤرخ فشل عقد مؤتمر الوفاق الوطني، أربعة إخفاقات في المشهد السياسي في الجزائر، فلا جبهة القوى الاشتراكية نجحت في تحقيق اختراق سياسي، ولا السلطة قبلت الحوار مع المعارضة، ولا أحزاب الموالاة  تمكنت من الإفلات من قبضة السلطة، ولا أحزاب المعارضة نجحت في شدّ السلطة إلى الحوار في قضايا الحكم وإدارة شؤون البلاد. إخفاقات ترجمها كل طرف بحسب رؤيته للأزمة. "جبهة القوى الاشتراكية" تُمني النفس بمزيد من الوقت لإنضاج المؤتمر. والسلطة تتمادى في تجاهل مأزق الواقع السياسي. وأحزاب الموالاة تتماهى مع مواقف النظام. فيما تجد أحزاب المعارضة في قضية الغاز الصخري، عنواناً لإحراج السلطة عبد الخروج الى الشارع، اليوم، في وقفة احتجاجية.
اقرأ أيضاً (الجزائر: المعارضة تجسّ نبض الشارع مطلبيّاً)

المساهمون