السجال الروسي ـ الأميركي سورياً: استهلاك إعلامي وتمرير للوقت

18 يونيو 2016
موسكو ردّت على التصريحات الأميركية ميدانياً (Getty)
+ الخط -
لم يتأخر الرد الروسي على تحذيرات أميركية بشأن موقف موسكو من الملف السوري، وإصرارها على "تفصيل حل سياسي" يرضي النظام ولا يبعد بشار الأسد عن السلطة، في الوقت الذي بدأ ينعكس فيه الخلاف على الأرض، إثر قيام الطيران باستهداف مقاتلين سوريين مدعومين من واشنطن.

وحذّر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الجمعة، من انهيار الدولة السورية إذا استمرت الأمور على ما هي عليه، مشيرا إلى أنه يؤيد مقترحات أميركية بإشراك أطراف من المعارضة في نظام الأسد.

ولكن الإدارة الأميركية، سارعت إلى نفي وجود مقترح لضم أفراد من المعارضة إلى حكومة النظام، وفق ما نقلت وكالة "رويترز" عن مسؤول أميركي، أكد أن موقف بلاده من رحيل الأسد لم يتغير، مشيرا إلى أن بيان جنيف 2012 يدعو لتشكيل "هيئة حكم انتقالية يتفق عليها الطرفان، وبصلاحيات تنفيذية".

جاء تحذير موسكو بعد أيام من تصريحات وزير الخارجية الأميركي جون كيري، أوضح فيها أن صبر بلاده "له حدود"، وقال: "على روسيا أن تفهم أن صبرنا ليس بلا حدود. وفي الواقع هو محدود جدا في ما يتعلق بمعرفة إذا ما ستتم محاسبة الأسد أم لا".

من جهتها، تلقت المعارضة السورية تصريحات بوتين بـ"استغراب كبير"، مشددة على أن الحل السياسي يجب أن يقوم على تنفيذ قرارات أممية واضحة تؤكد أنه لا مكان لبشار الأسد في الراهن والمستقبل.

وقال المتحدث الرسمي باسم الهيئة العليا للمفاوضات، رياض نعسان آغا، إن تصوّر بوتين بشأن مشاركة المعارضة في حكومة النظام "يبدو غريبا"، مشيرا، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، إلى أنه "يخالف نص القرار الدولي 2254 الذي وافقت عليه روسيا والولايات المتحدة، واعبتر أن بوتين "ما يزال مصرا على تجاهل مطالب الشعب السوري".

وأضاف نعسان آغا، "يبدو أن السيد بوتين يظن أن الثورة السورية قامت ضد الحكومة التي لا تملك من أمرها شيئا"، وقال: "هذه الثورة هي ضد الديكتاتورية، وأجهزتها الأمنية المستبدة، ولذلك لا حل إلا برحيل الديكتاتور، وأجهزته".

ويرى مراقبون أنه بات من الصعب تفكيك تعقيدات الملف، وتشابك خطوطه الإقليمية والدولية "إلا إذا تخلت الولايات المتحدة الأميركية عن سياسة التراخي"، وفق مصادر في الائتلاف الوطني السوري، أكدت أن تصريحات الرئيس بوتين عن مشاركة أفراد من المعارضة في حكومة مشتركة مع النظام هي "للاستهلاك الإعلامي المحض، وتدخل ضمن سياسة تمرير الوقت والانتظار حتى تأكل سورية نفسها بشكل كامل".

ورأت المصادر أنه ليس هناك "انسجام مطلق بين موسكو وواشنطن"، مضيفة: "هناك إدارة للخلاف ضمن لعبة الكبار في العالم". وتطور الجدل السياسي بين الولايات المتحدة وروسيا الاتحادية حيال الملف السوري إلى مستويات عسكرية، حيث قصف الطيران الروسي للمرة الثانية مواقع عسكرية في البادية السورية (شرق البلاد) فيها مقاتلون تدعمهم وزارة الدفاع الأميركية، ما أدى الى مقتل وإصابة عدد منهم.

من جهته يرى المحلل السياسي السوري أحمد رياض غنام أن الخلاف الأميركي ــ الروسي "محدود الأبعاد، وضمن التوجه العام للأميركيين"، مشيرا في حديث مع "العربي الجديد" إلى أن "الخلافات بين الطرفين أمر متوقع، ولكنها لن تصل لمرحلة التصادم".

وأعرب رياض غنام عن اعتقاده بأن الولايات المتحدة "ستستمر في توريط الروسي في سورية إلى أبعد الحدود"، مشيراً إلى أن "تهور بوتين" مرجعه "عمق الاستنزاف الحاصل لروسيا في سورية، وتوقع أن يتصاعد الخلاف "ولكن بشكل إعلامي"، مشيرا إلى أن ذلك "سيدفع بعض القوى في المنطقة لتبديل تحالفاتها وخاصة تركيا".
المساهمون