سجال العلاقات التونسية الجزائرية

سجال العلاقات التونسية الجزائرية

06 يونيو 2015
انتقادات جزائرية لزيارة السبسي الأميركية (فرانس برس)
+ الخط -

طُرحت في الفترة الأخيرة تساؤلات عديدة حول العلاقات التونسية الجزائرية، وذهب البعض إلى القول بأن هذه العلاقات تمر باختبار صعب، وذلك بعد أن تعدّدت المواقف أو التصريحات التي غذت هذا الشعور، وأوحت بوجود غيوم في سماء العلاقات بين البلدين.

ويُعتبر تصريح الأمينة العامة لحزب "العمال" الجزائري لويزا حنون، من أبرز التصريحات ضد النظام التونسي، إذ قالت إن الهدف من زيارة الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي إلى واشنطن هو تمكين الولايات المتحدة من إنشاء قاعدة عسكرية أميركية في تونس. واعتبرت ذلك "تهديداً مباشراً للجزائر، من شأنه أن يجعل الحصار شاملاً حولنا من كل الحدود التي تحيط بنا". ومعلوم أن بعض الأطراف الجزائرية، بما في ذلك العديد من الصحف، قد تابعت باهتمام شديد زيارة الرئيس التونسي إلى واشنطن، ولم تبدِ تحفظاً في تعليقاتها حول هذه الزيارة، وأكد بعضها أن الولايات المتحدة لن تستطيع حماية تونس من الإرهاب، وأن مسائل من هذا القبيل يجب أن يجري تشاور مسبق حولها مع الجزائر.

الجهات الرسمية التونسية لم تتوقف عند تصريحات حنون، وذلك بحكم أنها لا تمثّل الموقف الرسمي الجزائري، إضافة إلى كونها معروفة بتصريحاتها النارية المشحونة بمواقف راديكالية ضد السياسة الأميركية بحكم انتمائها الأيديولوجي لأقصى اليسار. كذلك علقت أحزاب تونسية على تصريحات حنون واعتبرتها غير صحيحة ولا صائبة، وما صدر عنها لا يمكن تحميله للسلطات الجزائرية.

ولكن برزت مؤشرات أخرى، قُرئت بشكل سلبي في تونس من قِبل البعض تتعلق بقرار الجزائر عدم دعم المرشح التونسي جلول عياد إلى منصب رئاسة البنك الأفريقي للتنمية، وهو ما شكّل خسارة هامة لتونس في ظرف دقيق تمر به البلاد. إذ لهذا البنك حجم ومكانة كبرى في القارة الأفريقية، غير أن نوايا التصويت اتّجهت نحو إضعاف حظوظ المرشح التونسي، وذلك عندما قررت كل من الجزائر وليبيا دعم المرشح النيجيري، وهو ما جعل عياد يعتبر أن "دول المغرب العربي، وفي مقدمتها ليبيا، هي التي خذلته في هذا السباق". وفي ضوء تلك المعطيات قرر عياد الانسحاب من السباق والعودة إلى تونس على الرغم من الجهود التي بذلها، وأيضاً على الرغم من البرنامج الجيد الذي أعده لتفعيل دور البنك في المرحلة المقبلة.

اقرأ أيضاً: البنك الأفريقي يهزّ علاقة تونس بالجزائر وليبيا

وأكدت مصادر رسمية لـ"العربي الجديد"، أن المسؤولين التونسيين لم يفاجئهم عدم تصويت الجزائر لصالح جلول عياد، وكانوا يتوقّعون ذلك منذ البداية. وعندما قيل للرئيس التونسي بأن الجزائريين قد لا يصوّتون لصالح عياد، أجاب بأن الموقف الجزائري "مفهوم".

ويبدو أن القيادة التونسية تُقرّ ضمنياً بأن دخول عياد في سباق البنك الأفريقي للتنمية لم يكن مدروساً بالقدر الكافي، ولم يأخذ بعين الاعتبار العديد من المعطيات الأساسية، ومن أهمها أن تونس توجّهت أولاً نحو البنك العربي في الخرطوم، وقد جرت العادة ألا يجمع أي بلد على الصعيد الإقليمي أكثر من موقع، حتى يتمكن سائر الأعضاء من تقاسم المواقع والفرص. يضاف إلى ذلك اعتبارات أخرى ستتضح خلال الفترة المقبلة، والتي من شأنها أن تفصح عن الأسباب الحقيقية التي جعلت الجزائر غير مستعدة في هذا الظرف للوقوف إلى جانب المرشح التونسي للبنك الأفريقي، من دون أن يكون ذلك عائداً بالضرورة إلى وجود خلافات سياسية بين البلدين.

وفي هذا السياق، أكد مصدر مطلع على العلاقات التونسية ــ الجزائرية، أنه "لا تشوبها أي شائبة"، وأنها تمر حالياً بأفضل مراحلها، خصوصاً على الصعيد الأمني والعسكري. ووفق المصدر نفسه، فإن أهم الدول التي وقفت إلى جانب تونس في مواجهتها للإرهاب هي الجزائر والولايات المتحدة الأميركية، وأن القنوات مفتوحة بالكامل بين البلدين وعلى جميع الأصعدة. وإذا كان هناك من أمر قد يثير انزعاج الجزائريين فهو الحملة التي انطلقت في تونس تحت شعار "وينو البترول"، والتي يمكن أن تنتقل تداعياتها إلى الجزائر مما قد يفجر أزمة سياسية واجتماعية داخلية.

اقرأ أيضاً: الاتفاقية التونسية ــ الأميركية: سجال الداخل وانزعاج الجيران

المساهمون