الموصل: 50 يوماً على معركة الساحل الأيمن

الموصل: 50 يوماً على معركة الساحل الأيمن

08 ابريل 2017
قوات عراقية في معارك تحرير الموصل (كارل كورت/Getty)
+ الخط -
مع حلول اليوم، السبت، تكون معركة الساحل الأيمن لمدينة الموصل، قد أنهت يومها الـ50 بواقع 1200 ساعة قتال متواصلة، بهدف تحرير الشطر الثاني من المدينة التي بدأت القوات العراقية، وبدعم دولي واسع، معركة استعادتها من قبضة تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) في 17 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.

وتمكنت القوات العراقية والفصائل الموالية لها من تحقيق تقدم واضح في الأسابيع الثلاثة الأولى من بدء الهجوم، إلا أن وصولها إلى قلب الساحل الأيمن، البالغة مساحته نحو 76 كيلومتراً مربّعاً، أدى إلى تعثر التقدم لأسباب مختلفة، من بينها شراسة دفاع أعضاء التنظيم وتكدّس مئات الآلاف من المدنيين داخل الأحياء السكنية. وهو ما أدى بالنهاية لمقتل ما لا يقل عن 5 آلاف مدني وجرح نحو 12 ألفاً آخرين، وفقاً لتصريحات سابقة أطلقها نائب الرئيس العراقي أسامة النجيفي.

أما أمس، الجمعة، فنفى قائد الحملة العسكرية لتحرير الموصل، الفريق الركن عبد الأمير رشيد يار الله، في حديث لـ"العربي الجديد"، أي "توقف في العمليات"، مبيّناً أن "المعارك مستمرة لكن بحذر شديد، حرصاً على أرواح السكان المحتجزين داخل منازلهم، كما تم تقليل الاعتماد على السلاح الثقيل بسبب ذلك".

وحول مجمل الصورة الحالية في الساحل الأيمن للموصل، كشف قائد العمليات الثانية في جهاز مكافحة الإرهاب، اللواء معن السعدي، أن "القوات العراقية تسيطر الآن على 60 في المائة من مساحة الساحل، والتقدم يتم بحذر". وأضاف في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، أن "التنظيم لم يتبق لديه سوى الأحياء الشمالية الغربية الواقعة ضمن القسم الغربي لمدينة الموصل"، كاشفاً عن تطورات الأمس بالقول "تمّت السيطرة على حي المغرب وحي اليرموك الثانية والتوغل بأحياء المطاحن والآبار. وتم القضاء على عدد كبير من مسلحي التنظيم".

مصادر بوزارة الدفاع العراقية أكدت أن "خطة جديدة يتم العمل بها حالياً بتنسيق مع التحالف الدولي، تقوم بالأساس على تقليل السلاح الثقيل وتكثيف الهجمات البرية على جيوب التنظيم، والعمل على فتح ممرات آمنة للسكان بشكل أو بآخر، فضلاً عن الالتفاف على المدينة القديمة، التي تضم باب الطوب وباب البيض وراس سنجار وجامع النوري، الذي ألقى زعيم داعش أبو بكر البغدادي خطابه منه عام 2014".



وأكدت المصادر أن "ذلك جاء بسبب تعثر الدخول إليها بسبب المدنيين وضيق الأزقة والحارات القديمة، التي تضمّ سراديب وأنفاقاً يسهل للتنظيم التنقل من خلالها ليلاً وضرب قوات الجيش". ورجّحت المصادر ذاتها أن "يكون الحسم النهائي ليس قبل أقل من شهر آخر في أفضل الحالات". مع العلم أن في الساحل الغربي للمدينة 61 حياً سكنياً، سيطرت القوات العراقية على 45 حياً منها، بينما تستمر المعارك في أربعة أحياء سكنية، ويسيطر "داعش" على 12 حياً.

وقال الضابط في جهاز مكافحة الإرهاب العقيد منتظر التميمي، لـ"العربي الجديد"، إن "الأحياء التي سيطرت عليها القوات الأمنية، تضمّ أهم المناطق والدوائر الحكومية التي كانت تمثل معاقل مهمة واستراتيجية لعناصر داعش، مثل أحياء الدواسة والدندان والموصل الجديدة ومطار الموصل الدولي ومعسكر الغزلاني".

وأوضح أن "عدد الأحياء المتبقية تحت سيطرة التنظيم، تضمّ مئات المقاتلين ومئات آلاف المدنيين، ويمرون بجوع غير مسبوق"، مبيّناً أن "أهم تلك الأحياء هي العروبة والزنجيلي والمدينة القديمة والعريبي ومشيرفة وحاوي الكنيسة وتموز والاقتصاديين والنجار والرفاعي والهرمات".

وأشارت قيادات عسكرية رفيعة إلى أنه "لا يمكن إعلان موعد زمني لنهاية العمليات العسكرية في مناطق غرب الموصل، والقضاء على وجود تنظيم داعش في الموصل"، مؤكدين "استمرار العمليات العسكرية لكن بوتيرة أبطأ مع الاعتراف بصعوبتها".

وفي سياق متصل، أعلنت وزارة الدفاع العراقية أن "42 عنصراً من داعش قُتلوا بقصف جوي في الساحل الأيمن من مدينة الموصل". وذكرت الوزارة في بيان، أن "طيران الجيش وجه ضربة جوية لداعش في منطقتي الموصل القديمة وحي اليرموك، أسفرت عن مقتل 42 مسلحاً، بينهم قياديون بارزون في التنظيم، وتدمير أربع عربات تحمل أسلحة وعتاداً وإحراق ثلاث دراجات نارية وعتاد للتنظيم". بدورها، أشارت مصادر محلية في مدينة الموصل إلى قيام طيران التحالف الدولي بتدمير مستشفى ابن سينا، وهو أكبر المستشفيات المحلية الواقعة غرب الموصل بغارة جوية، أدت إلى تسوية المستشفى بالأرض.

في غضون ذلك، كشفت مصادر محلية عن مقتل 68 مدنياً بقصف جوي من طائرات تابعة للتحالف في أحياء حاوي الكنيسة والعريبي ومشيرفة، شمال غرب الموصل. كما ذكر رئيس اللجنة العليا لإغاثة وإيواء النازحين وزير الهجرة والمهجرين جاسم محمد الجاف، في مؤتمر صحافي، أن "أعداد النازحين وصلت إلى أكثر من أربعة ملايين نازح موزعين في محافظات البلاد كافة، وأن النسبة الأكبر من النازحين هي من محافظة نينوى".
وأضاف أن "إحصائيات الوزارة سجلت نزوح 437 ألف نازح منذ انطلاق عمليات تحرير نينوى في 17 أكتوبر الماضي، من ضمنهم 260 ألف نازح من الساحل الأيمن لمدينة الموصل". وشهد منتصف الشهر الماضي مقتل نحو 550 مدنياً بغارة أميركية استهدفت حي الموصل الجديدة، قالت واشنطن في ما بعد إنها "تمّت بناءً على طلب عراقي"، وتعهّدت بـ"فتح تحقيق موسع بالحادث".