إسرائيل والتظاهرات في إيران: رهان على تقليص المخاطر الإقليمية

إسرائيل والتظاهرات في إيران: رهان على تقليص المخاطر الإقليمية

02 يناير 2018
تتواصل الاحتجاجات في إيران منذ أيام (الأناضول)
+ الخط -
على الرغم من أن إسرائيل حاولت في البداية التظاهر بعدم الاهتمام بالتظاهرات التي تتواصل في المدن الإيرانية، إلا أنه يتبين أن حكومة بنيامين نتنياهو تراهن على تداعيات هذه التظاهرات، بشكل يدفعها للتعاطي معها كأحد التطورات الإقليمية التي يتوجب على تل أبيب أخذها بالحسبان عند بلورة خطواتها العسكرية والسياسية. 

وإن كانت إسرائيل ترى في مظاهر تعاظم النفوذ الإيراني في سورية ودور طهران في تعزيز القوة العسكرية لكل من حزب الله وحركة حماس أهم التحديات التي تواجهها حالياً، فإن نجاح المتظاهرين الإيرانيين، الذين يرفعون الشعارات التي تطالب الحكومة في طهران بوقف تقديم الدعم للنظام في دمشق وحزب الله وحماس، في تحقيق أهدافهم، يمكن، من وجهة نظر إسرائيلية، أن يغني تل أبيب عن تخصيص موارد كبيرة في سبيل مواجهة هذه التحديات.
كما أن نجاح الاحتجاجات في دفع القيادة الإيرانية لإحداث تحول على السياسة الخارجية لطهران، لا سيما في كل ما يتعلق بالعلاقة مع سورية وحزب الله وحماس، يقلص خطر اندلاع مواجهات مكلفة جداً لإسرائيل على الجبهة الشمالية وبدرجة أقل على الجبهة الجنوبية، بحسب الاعتقاد الإسرائيلي.
وهذا ما جعل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يعمد إلى إصدار تعليمات لوزرائه وكبار القادة العسكريين والسياسيين بعدم الإدلاء بأية تصريحات وتعليقات حول الاحتجاجات، خشية أن توظف من قبل الحكومة في طهران في تسويغ نزع الشرعية عنها، من دون أن يلتزم عدداً منهم بتعليماته.


لكن التحرك العملي الأكثر جدية الذي أقدمت عليه الحكومة الإسرائيلية بشأن الاحتجاجات الإيرانية يتمثل في قرارها غير المعلن، والذي كشف عنه المعلق العسكري لصحيفة هآرتس، عاموس هارئيل، في عددها الصادر أمس الاثنين، والقاضي بتجنب تصعيد الرد على عمليات إطلاق القذائف من قطاع غزة خشية أن تحرف ردود الفعل العالمية على هذا التصعيد الأنظار عن الاحتجاجات في إيران. لكن هارئيل، يشير في المقابل إلى عوامل أخرى تدفع إسرائيل إلى تجنب التصعيد، ما أمكن، ضد غزة، على رأسها عدم وجود أهداف استراتيجية يمكن أن تحققها تل أبيب من مواجهة شاملة مع القطاع، إلى جانب أن إسرائيل معنية بتأجيل المواجهة إلى أن تتمكن من إنجاز بناء منظومة المعيقات المادية التي يفترض أن تمثل حلاً لمعضلة الأنفاق الهجومية التي حفرتها حماس.

في الوقت ذاته، فإن الخطاب الدعائي الإسرائيلي الهادف إلى التأثير على الاحتجاجات على إيران، تمثل في اتجاهين رئيسيين، أولهما تمثل في ادعاء كل من وزير الأمن أفيغدور ليبرمان، ومكتب المتحدث بلسان جيش الاحتلال بأن قذائف الهاون التي تطلقها الفصائل الفلسطينية على المستوطنات التي تنتظم في منطقة "غلاف غزة" هي من إنتاج إيراني. مع العلم أن الإعلام الإسرائيلي قد أشار إلى الأمر حتى أثناء حرب 2014. ومن الواضح أن القيادة الإسرائيلية، من خلال هذه الإشارة، تحاول استغلال شعارات المتظاهرين في المدن الإيرانية، تحديداً في الشق المتعلق بأن القيادة في طهران تهدر مقدرات البلاد في دعم أطراف خارجية في الوقت الذي يتفاقم سوء الأوضاع الاقتصادية في إيران. أما الاتجاه الدعائي الآخر، فقد تمثل في تمرد وزراء إسرائيليين على توجيهات نتنياهو بتجنب التعليقات على ما يجري في إيران.
ومن المفارقة أن النخب السياسية الإسرائيلية التي أبدت مخاوف علنية من ثورات الربيع العربي وتجندت لخدمة الثورات المضادة، باتت تطالب بإسناد دولي للتظاهرات في إيران. فقد دافع وزير الاستخبارات والمواصلات الليكودي يسرائيل كاتس عن التظاهرات واعتبرها تجسيداً لحق الشعب الإيراني في أن يدار من قبل نظام ديمقراطي، في حين ذهب وزير الاتصالات الليكودي أيوب قرا إلى حد المطالبة بتدخل العالم من أجل أن تفضي التظاهرات إلى إسقاط نظام الحكم في طهران.

 

دلالات

المساهمون