الدبلوماسية القطرية تتحرّك أفريقياً لتطويق الاصطفافات وكسر الحصار

الدبلوماسية القطرية تتحرّك أفريقياً لكسر الحصار: جولة للمريخي شملت السودان وإثيوبيا والصومال

14 يونيو 2017
المريخي زار دولاً أفريقية عدة الأيام الماضية (الأناضول)
+ الخط -
سلسلة من الزيارات بادر بها وزير الدولة للشؤون الخارجية القطرية سلطان بن سعد المريخي، إلى عدد من الدول الأفريقية أخيراً، بينها السودان والصومال وإثيوبيا، لحشد الدعم للموقف القطري في الأزمة الخليجية، وضمان بقاء تلك الدول على الحياد، على أقل تقدير، وفق ما أعلنت منذ بداية الأزمة.

وتأتي تحركات الدوحة بعد حالة الاصطفاف والاستقطاب الكبير التي تمت خلال الفترة التي أعقبت إعلان دول السعودية والإمارات والبحرين ومصر مقاطعة قطر دبلوماسيًّا، وفرض حصار عليها، إذ أبدت مجموعة من الدول العربية والأفريقية انحيازها إلى المعسكر السعودي في الأزمة، وقطعت علاقاتها مع قطر، منها تشاد وأريتريا وجيبوتي.

ويرى مراقبون أن التحرك القطري في دول كالسودان وإثيوبيا والصومال وكينيا يأتي باعتبارها تمثل العمق الأفريقي لها، كما أن وقوف تلك الدول على الحياد من شأنه أن يخفف الضغوط السياسية على الدوحة، فضلاً عن أن موقف السودان وتشاد من شأنه أن يظهر عدم اتفاق في مواقف المعسكر السعودي، باعتبارهما جزءاً من التحالف العربي بقيادة الرياض.

ووفقاً لمصادر متطابقة، فإن وزير الدولة للشؤون الخارجية القطرية، عمد خلال زيارتة لدول إثيوبيا والسودان والصومال، إلى إيصال رسالة أكّد خلالها تفهم الدوحة مواقف تلك الدول في عدم الانحياز لأي طرف، بالنظر للمصالح التي تربطها بالطرفين، وحرصها على المحافظة عليها، كذلك شدّد على رغبة بلاده في حل الأزمة عبر الطرق الدبلوماسية والحوار.

وكان الرئيس السوداني، عمر البشير، قد اجتمع، ليل الثلاثاء، بالمريخي فور وصوله إلى البلاد، وأكدا على ضرورة العمل لتفعيل الحلول داخل البيت العربي، والسعي لنزع فتيل الأزمة. كذلك أكد الرئيس البشير موقف بلاده الداعم للمبادرة الكويتية، والعمل معها على رأب الصدع بين الفرقاء الخليجيين، والحدّ من تفاقمها، باعتبار أن استمرارها من شأنه أن يضعف الدول العربية ويحدث شرخاً في جسدها.



ومنذ اندلاع الأزمة، قرّر السودان انتهاج موقف الحياد، بالنظر إلى علاقاته بطرفي الأزمة، وحرصه على الإبقاء عليها، باعتبار أن الدوحة مثّلت الداعم الأساسي للسودان في كل أزماته، بينما تنشط السعودية والإمارات حاليًّا في ملف العلاقات السودانية الأميركية، وملف رفع العقوبات الاقتصادية الأميركية، إذ ينتظر السودان القرار النهائي بشأنه في الثاني عشر من يوليو/ تموز المقبل.

ويقول الخبير في الملف الأفريقي، عبدالمنعم إدريس، لـ"العربي الجديد"، إن لقطر علاقات جيدة وتاريخية مع دولتي السودان والصومال، فضلًا عن تحسن علاقاتها مع إثيوبيا خلال الثلاثة أعوام الفائتة، ودخولها أديس أبابا باستثمارات ضخمة. ويرى أن التحرك الدبلوماسي القطري يأتي لتحول تلك الدول إلى دول مؤثرة في تحركات الخطوط القطرية، لا سيما بعد إعلان عدد من الدول الأفريقية مساندتها المعسكر السعودي، بينها تشاد وجيبوتي وأريتريا.

وأشار إلى رغبة قطر في تأمين موقفها في العمق الأفريقي، لا سيما مع أديس أبابا، والتي لها تأثير في الاتحاد الأوروبي ودول شرق أفريقيا. وأضاف: "التحرك جاء في إطار كسب التأييد، لا سيما بعد تأييد دول كجيبوتي وأريتريا قطع العلاقات معها، رغم المصالح التي تربطهما، لا سيما أن قطر تنشر قوة في منطقة حدودية متنازعة بين جيبوتي وأريتريا بقرار من الأمم المتحدة". وأكد أن البيئة مؤاتية في تلك الدول لأن تحقق الدوحة نجاحات دبلوماسية، باعتبار أنها، في الأساس، أظهرت مواقف محايدة من الأزمة.

من جهته، يرى المحلل السياسي ماهر محمد الأمين في حديث لـ"العربي الجديد"، أن التحرك القطري تجاه إثيوبيا يهدف إلى تقليل الضغوط السياسية عليها، وضمان وقوف تلك الدول على الحياد، لا سيما أنها لن تطلب منهم الانحياز إلى صفها في الأزمة، لما يمكن أن ينعكس سلبًا على تلك الدول. ويضيف: "قطر تتحرك حتى لا تزيد عدد الدول المساندة لمعسكر السعودية، ما يحقق لها مكاسب سياسية واقتصادية".