عودة الاقتتال في الشمال السوري: "النصرة" تحاول تعويض خسائرها

25 مارس 2018
تسعى "الهيئة" إلى كسر "الزنكي" (عمر حج قدور/فرانس برس)
+ الخط -
انتهت هدنة هشة بين "جبهة تحرير سورية"، من جهة، و"هيئة تحرير الشام" (تحالف تقوده النصرة) من جهة ثانية، في محافظة إدلب وريف حلب الغربي شمال غربي سورية، إذ عاد الطرفان إلى الاقتتال العسكري والإعلامي. وتتهم فصائل تابعة إلى المعارضة السورية "هيئة تحرير الشام"، التي تشكل "جبهة النصرة" نواتها الرئيسية، بـ"التعنت"، فيما تتهم الأخيرة فصائل المعارضة بمحاولة الحصول على ثقة أطراف خارجية بشنّ حرب عليها.

وأكدت مصادر محلية أن اشتباكات بين الطرفين تدور في ريف حلب الغربي، حيث تسعى "هيئة تحرير الشام" لاستعادة ما خسرته من مواقع في هذه المنطقة من "حركة نور الدين الزنكي"، أحد أهم فصائل "جبهة تحرير الشام" التي تضم أيضاً فصيل "أحرار الشام"، وتتلقى مساندة من فصائل أخرى، أبرزها فصيل "صقور الشام"، أحد أهم فصائل المعارضة في ريف إدلب، و"الفرقة 13"، و"فيلق الشام".

وكانت اندلعت أول من أمس مواجهات، وصفتها مصادر بـ"الدامية"، على أطراف مدينة معرة النعمان في ريف إدلب الجنوبي، أدت إلى مقتل وإصابة عدد من عناصر "هيئة تحرير الشام"، وسيطرة فصيل "صقور الشام" على منطقة جرادة. وأشارت المصادر إلى أن التوتر سيّد الموقف في ريف إدلب الجنوبي، مؤكدة أن فصائل المعارضة السورية مصرة على الدفاع عن مدينة معرة النعمان التي تعد هدفاً لـ"هيئة تحرير الشام".

وكانت هذه الأطراف توصلت إلى اتفاق تهدئة منتصف مارس/آذار الحالي، بوساطة من "فيلق الشام"، ينص على وقف إطلاق النار، وبحث الملفات العالقة بينهما، وتجنب الاحتراب الداخلي الذي أنهك الطرفين، وربما يكون ذريعة لقوات النظام السوري للتوغل في المنطقة بعد انتهاء العمليات في الغوطة الشرقية لدمشق. وكان الاقتتال بين الطرفين بدأ في العشرين من فبراير/شباط الماضي عقب تشكيل "جبهة تحرير سورية"، إذ حاولت "هيئة تحرير الشام" وأد التشكيل في بدايته، لكن محاولاتها باءت بالفشل. وتؤكد مصادر في المعارضة السورية أن "هيئة تحرير الشام" تشترط إعادة ما خسرته خلال المواجهات، خصوصاً مدن دارة عزة في ريف حلب الغربي، وأريحا ومعرة النعمان وخان شيخون في ريف إدلب، إلا أن "جبهة تحرير سورية" رفضت هذا الأمر. وأشارت المصادر إلى أن المفاوضات فشلت بسبب "تعنت قائد هيئة تحرير الشام"، أبو محمد الجولاني "في مطالبه"، موضحة أن فصائل المعارضة طرحت فكرة تسليم المدن والمعابر والدوائر إلى إدارات مدنية، إلا أن الطرح قوبل بالرفض القاطع من قبل "الهيئة". واتهمت "هيئة تحرير الشام" فصائل المعارضة بأنها من "بدأت التجهيز لحربنا"، مشيرة، في بيان صدر الجمعة الماضي، إلى أن فصائل المعارضة ربطت ملف المحتجزين في القتال الأخير بآخرين احتجزوا بناء على خلفيات أخرى. واتهمت فصائل المعارضة برفض إنشاء غرفة عمليات عسكرية معها، زاعمة أن المعارضة "أوقدت حربها لمحاولة الحصول على ثقة بعض الأطراف الخارجية".

ورأى الباحث في مركز "جسور" للدراسات، عبد الوهاب العاصي، أن "هيئة تحرير الشام" تسعى إلى "كسر حركة نور الدين الزنكي قبل أي تفاوض جدي مع تحرير سورية". وأضاف، في حديث مع "العربي الجديد"، أن السياسة التي تتبعها "جبهة النصرة" هي تجزئة الخلافات مع مكونات "جبهة تحرير سورية"، وتحييد "الزنكي"، ومن ثم فرض وجهة نظرها على "أحرار الشام" و"صقور الشام". إلى ذلك، يتصاعد الاستياء الشعبي من "هيئة تحرير الشام" التي واجهت تظاهرات شعبية ضدها بالرصاص. وأكدت مصادر محلية أن تظاهرة في مدينة الأتارب بريف حلب الغربي تعرضت، الجمعة الماضي، إلى إطلاق رصاص عشوائي مصدره عناصر "هيئة تحرير الشام" المتمركزين داخل "الفوج 46". وقالت المصادر إن عشرات المدنيين تجمعوا في ساحة جب الصخر وسط المدينة، مطالبين "هيئة تحرير الشام" بوقف قصفها، بقذائف المدفعية والدبابات، لقرى في ريف حلب الغربي تقع تحت سيطرة "حركة نور الدين الزنكي".

بموازاة ذلك، قتل وأصيب مدنيون، أمس السبت، جراء انفجار سيارة مفخخة في مدينة إدلب، أبرز معاقل "هيئة تحرير الشام" في شمال غربي سورية. وأشار "المرصد السوري لحقوق الإنسان" إلى مقتل سبعة مدنيين، وإصابة 25 بعضهم بجروح خطيرة، موضحاً أن الانفجار الذي هز المدينة وقع قرب مبنى "حكومة الإنقاذ الوطني" التابعة إلى "الهيئة".

المساهمون