سفيان ونذير: القضية التونسية الأصعب

سفيان ونذير: القضية التونسية الأصعب

26 يناير 2017
التضامن معهما مستمر (فرانس برس)
+ الخط -


صرح منجي الحامدي، وزير الخارجية التونسي الأسبق في حكومة المهدي جمعة، صباح أمس الأربعاء، لإحدى القنوات التلفزيونية التونسية الخاصة أن قضية الصحافيين التونسيين سفيان الشورابي ونذير القطاري المختفيين في الأراضي الليبية منذ 8 سبتمبر/أيلول 2014 هي أكبر نقطة سوداء في تاريخ الدبلوماسية التونسية، وأنها أكبر مشكلة اعترضته شخصياً عند توليه الوزارة.

وبين أنه رغم الجهود التي بذلت في سبيل الإفراج عنهما وعملية البحث التي قامت بها السلطات التونسية، لكنهم لم يجدوا أي طرف في ليبيا أعلن عن تبنيه لاختطافهما أو قدم مطالب معينة مالية أو عملية تبادل من أجل الإفراج عنهما. ولم يقدم الوزير السابق أية معلومات تؤكد قتلهما أو وجودهما على قيد الحياة.

من ناحية أخرى، اتهمت سنية رجب، والدة نذير القطاري، الرئيس التونسي الحالي الباجي قايد السبسي والحكومة التونسية الحالية بأنهما لم يبذلا الجهود اللازمة من أجل التوصل إلى حقيقة اختفاء الصحافيين التونسيين رغم الوعود التي تم تقديمها لعائلتهما عند توليهم السلطة.

الاختفاء الغامض
يذكر أن الصحافيين التونسيين سفيان الشورابي ونذير القطاري اختفيا في الأراضي الليبية منذ 8 سبتمبر/ أيلول 2014 بعد أن توجها إليها يوم 6 سبتمبر / أيلول 2014 لإجراء تحقيق حول حرس المنشآت النفطية في منطقة أجدابيا الليبية لفائدة قناة "فارست تي في" التونسية الخاصة، ليتم الإعلان بعد ذلك أكثر من مرة عن قتلهما من طرف مجموعات إرهابية دون تأكيد ذلك من أي طرف ليبي أو تونسي.

ومطلع العام الحالي بثّت قناة "الحدث الليبية"، المقرّبة من الجيش الليبي بقيادة اللواء خليفة حفتر، تسجيلاً لـ"الإرهابي عبد الرزاق ناصر، المقبوض عليه من طرف قوات حفتر"، قال فيه إنّ الصحافيين التونسيين سفيان الشورابي ونذير القطاري، المختفيين في الأراضي الليبية قُتلا.

وأوضح ناصر أنّه "تم القبض على الشورابي والقطاري في بوابة النور، عندما كانا متوجهين إلى مدينة الأبرق، من طرف جماعة "غفار السريح"، وقاموا بنقلهما إلى مزرعة في منطقة درنة (فى الشمال الشرقي الليبي بالقرب من مدينة بنغازي)، ثم التحقيق معهما بتهمة الاستهزاء بالرسول وعدم صوم رمضان".

وأشار إلى أن "ثلاثة إرهابيين تونسيين، هم أبو أنس وأبو حمزة وأبو مصطفى، قدموا أشرطة فيديو تثبت التهم الموجهة لسفيان ونذير". وأضاف أنه "سبقت عملية قتلهما محاولة لمقايضتهما بإرهابي جزائري يقبع فى أحد السجون التونسية، لكن ذلك لم يتحقق، فتمّت تصفيتهما في غابة بمنطقة درنة من قبل تشاديَين يدعيان أحمد وأبو عبد الله".




أحياء أم قتلى؟

لكن سرعان ما خرج تكذيب لهذا التسجيل، على اعتباره تسجيلا قديما وليس جديداً. إذ صرّح مسؤول في الجيش الليبي بأن الفيديو الذي عرضته القناة قديم، مشيراً إلى أنّ التحريات أثبتت أنه "لا وجود لجثث في المكان الذي ادعى الإرهابي أن سفيان ونذير تمّ دفنهما فيه، وهو ما ينفي فرضية عملية قتلهما".

من ناحية أخرى، أعلن سفيان السليطي، المتحدث الرسمي باسم المحكمة الابتدائية بتونس والقطب القضائي لمكافحة الإرهاب، في تصريح لوكالة الأنباء الرسمية التونسية (وات)، أن التصريحات التي وردت في قناة "الحدث الليبية" ليست بجديدة وتتضمن نفس المعلومات التي كان أدلى بها شاهدان مصريان سابقا في ذات الموضوع.


لكن رغم ذلك يعتبر هذا الملفّ هو الأكثر غموضاً في تونس حالياً، ودليل على عجز الحكومات التونسية المتعاقبة عن إيجاد جواب حقيقي لحياة أو قتل سفيان الشورابي ونذير القطاري. وهو ما دفع اللجنة الوطنية لمتابعة قضية اختفاء سفيان ونذير قرارها برفع شكوى إلى مقرري الأمم المتحدة الخاصين بحقوق التعبير وقضايا الاختفاء القسري وحقوق الإنسان.

وكلّفت اللجنة عضويها، سهير بلحسين وجلال الماطري، بمتابعة هذه الشكوى، على أمل أن تتمكّن الأمم المتحدة من خلال سلطتها الأدبية، من كشف الغموض الذي يلف قضية اختفاء الصحافيين التونسيين.




التطمينات
وجاء قرار اللجنة بعد إعلان الحكومة التونسية أكثر من مرة عن عجزها عن حل هذا الموضوع إلى جانب تزامنها مع بعض المعلومات الإيجابية عن وجودهما على قيد الحياة في شهر يوليو/تموز الماضي. إذ أكدت ثلاث شخصيات ليبية أنهما لا يزالان على قيد الحياة، وأن عودتهما إلى تونس مسألة وقت، من دون الإفصاح عن الطرف الليبي الذي يحتجزهما منذ أكثر من سنة ونصف.

ووردت هذه التصريحات للصحافي التونسي وليد عبد الله، عبر برنامج "حديث العواصم" الذي يبث على قناة فرانس 24، عند تسجيل الحلقة. ونقل هذه المعلومة كُلّ من المحامي والناشط الحقوقي الليبي خالد الغويل، والصحافيين الليبيين محمود المصراتي وفؤاد عوام.


المساهمون