وسائل التواصل مصدر الغضب... الاحتجاجات تقسم التونسيين

وسائل التواصل مصدر الغضب... الاحتجاجات تقسم التونسيين

10 يناير 2018
خلال الاحتجاجات الليلية (ياسين قايدي/الأناضول)
+ الخط -
دفعت الزيادات في أسعار بعض المواد الاستهلاكية في قانون المالية لسنة 2018 الكثير من التونسيين إلى الاحتجاج من خلال عديد الحملات  على مواقع التواصل الاجتماعي، في مرحلة أولى، ليتحوّل بعد ذلك إلى أرض الواقع، من خلال مسيرات ليلية في عديد المحافظات التونسية، تخلّلها قطع للطرق وإشعال للإطارات وعمليات نهب للمحلات التجارية.

وأسفرت هذه التحركات عن وفاة مواطن تونسي، ليلة الإثنين، أكد بعضهم أن سيارة أمن دهسته. في المقابل، أكدت مصادر أمنية وصحية أن الوفاة ناتجة عن عملية اختناق بالغاز المسيل للدموع الذي استعمله الأمن التونسي لتفريق المحتجين.

ونقلت مواقع التواصل الاجتماعي في تونس الأحداث لكن الرؤى اختلفت حول تقييمها. وحمّل بعضهم الحكومة التونسية المسؤولية، مثل الإعلامي والمدون، أمان الله المنصوري، الذي رأى أنّ "الاحتجاج السلمي هو أحسن خيار لإسقاط قانون المالية لسنة 2018 دون الدخول في لعبة الاستفزاز"، محملاً الحكومة التونسية المسؤولية في ما يحدث.

من جهته، حمّل المحامي، بشير قطيطي، المسؤولية لنواب حركتي النهضة والنداء، أصحاب الأغلبية في البرلمان التونسي. وكتب "بن علي وجبروته وقوته لم يكن يتجرأ على زيادات مثل التي مررها نواب النهضة والنداء، استهزؤوا بالشعب واستضعفوه فجاءهم الجواب".

بعضٌ آخر من التونسيين استغرب تصريحات بعض أعضاء الحكومة التونسية في قراءتهم لهذه الاحتجاجات ومنهم الإعلامية أسماء البكوش التي كتبت، موجهةً كلامها إلى وزير أملاك الدولة في الحكومة التونسية، مبروك كورشيد: "إلى السيد مبروك كرشيد طالما اعتبرت أن الزيادات تمس فقط الأغنياء على اعتبار أنها شملت الكماليات، أسألك: هل الشمبو ومعجون الأسنان والصابون من الكماليات؟ هل الجفال من الكماليات؟ هل البيض والجبن من الكماليات؟ هل الأدوية من الكماليات؟! نرجعوا للقمل وللمجاعة يا حكومة الكفاءات".

واستنكر قسم آخر من التونسيين عمليات النهب التي رافقت هذه الاحتجاجات. وكتب الإعلامي، منير المنستيري، "وانطلقت الاحتجاجات السلمية الليلية، بسرقة 34 دراجة نارية ضخمة وتكسير مجموعة من السيارات الأمنية في القصرين.. والاستحواذ على مساكن اجتماعية عن طريق الخلع في ساقية سيدي يوسف وإصابة رئيس فرقة الشرطة العدلية ومجموعة من الأعوان في طبربة".


لكن المدونة لينا بن مهني اعتبرت، أنّ من يقومون بعمليات النهب هم من ساندوا بن علي. وكتبت "على فكرة اللّي هبطو يسرقو ويكسّرو هوما بيدهم اللّي هبطو في الكماين (الشاحنات) وكراهب (السيارات) مكرية نهار 13 باش يقولو يحيا بن علي".


ومن الآراء الطريفة حول ما يحصل في تونس، ما كتبه بلغة ساخرة الإعلامي، محمد سفينة، الذي قال "رغم الاحتجاجات وفشل السلطة في إيجاد الحلول، عندي شبه يقين أنو لو تصير انتخابات الجمعة الجاية (الأسبوع المقبل) نفس الائتلاف الحاكم وما جاوره يتحصل على نسبة الأغلبية".

أما الإعلامي، وليد أحمد الفرشيشي، فرأى في هذه الاحتجاجات فرصةً للإطاحة برئيس الحكومة، يوسف الشاهد، بدعم من بعض الأطراف الحاكمة، حيث كتب "بتلك الشقلبة البهلوانية البجبوجية (نسبة للرئيس التونسي الباجي قايد السبسي)، والتي قضت أن لا يعبد وزراء الشاهد أحداً سواه، فإن عمر الأزمة سيطول، بل أجزم أن الباجي سعى إلى تعفين الوضع للتخلص من رئيس حكومته الذي حين قلنا لكم منذ سنتين، إنه دمية باربي اتهمتمونا بقلة الحياة.. ..وعليه هذه هي خلاصة وضعية السرك الذي تشتعل قماشته الآن".

وكتبت الناشطة المعروفة فى لجان حماية الثورة حليمة معالج، مستغربة اهتمام القنوات الإماراتية مثل سكاي نيوز وقناة الغد بالتحركات الاحتجاجية الحاصلة في تونس، معلقة بلغة ساخرة "ياحنينة أنت يا إمارات".

وكان ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي في تونس قد أطلقوا حملة "فاش نستناو" (ماذا ننتظر) ضد غلاء المعيشة، نتيجة الزيادات التي أقرتها الحكومة في قانون المالية لسنة 2018. والحملة بدأت بوسم #فاش_نستناو، لتعرف بعد ذلك انتشارًا في مواقع التواصل الاجتماعي. ودفعت بعض من مناصريها إلى الخروج إلى الشارع والقيام بمظاهرات في الشارع الرئيسي بالعاصمة التونسية ليلة الأحد.

وتعوّل الأطراف المعارضة للحكومة التونسية على "فيسبوك" لتحريك الشارع التونسي بعد موجة الغلاء الأخيرة. حيث قال منذر بوهدي، الناطق الرسمي باسم حزب المؤتمر من أجل الجمهورية موجهاً خطابه للناشطين الفيسبوكيين "الى جيش الفايسبوك العظيم... لقد هزمناهم في ألمانيا شر هزيمة وكشفنا عوراتهم ونفضنا عنهم غبار الموتى... لقد لقنا إعلام العار وكل الخونة دروساً في صناعة الوعي وفرض قضايانا المصيرية وربحنا معارك السطحية والتدجيل، إننا اليوم أمام معارك أخرى أكثر دناءة، وفيها من الشر لبلادنا الكثير، فاستعدوا لها بتدويناتكم النووية وآرائكم الذرية، إننا اليوم نعلم جيداً ما نملك من قوة... أنتم جيش لا يقهر أبداً لأنه حر ونزيه".

وأصبح هذا في تونس سلاحاً يحاول كل طرف سياسي توظيفه لخدمة أهدافه. ونهاية الأسبوع الماضي، دان رئيس الحكومة التونسية، يوسف الشاهد، ما ينشر من أخبار على فيسبوك ويتعلق بالزيادات التي قررتها حكومته وكانت سبباً في اندلاع الاحتجاجات. واعتبر الشاهد ما ينشر فيه الكثير من المغالطات التي تهدف ربما للإطاحة بحكومته، مطالباً بالتثبت من الأخبار قبل نشرها.










دلالات

المساهمون