ميلاد اسكندنافي.. بهجة رغم المنغصات

ميلاد اسكندنافي.. بهجة رغم المنغصات

كوبنهاغن
5698EA23-7F4D-47FA-B256-09D7BCA82E5A
ناصر السهلي
صحافي فلسطيني، مراسل موقع وصحيفة "العربي الجديد" في أوروبا.
21 ديسمبر 2015
+ الخط -


ينتظر عادة الاسكندنافيون شهر أعياد الميلاد والسنة الجديدة بكثير من التفاؤل والآمال. فهو بالنسبة لهم شهر الأضواء التي تنير عتمة ظلام يحل مبكرا في نهاريات قصيرة، وشهر التقاء العائلات والأصدقاء وتبادل الهدايا.


لكن وعلى الرغم من انتشار زينة وأضواء الميلاد فإن منغصات كثيرة تشغل سكان الدول الاسكندنافية هذا العام، فمن النرويج شمالا انتشر الرعب في أوسلو بعد مقتل شابة بلغارية في الثامنة والعشرين من عمرها، يوم الخميس الماضي، وانتشار حالة خوف بعد اكتشاف الجثة، وتوجيه نقد لاذع للشرطة من المؤسسات التي ترعى تلك الشابات في محاولة لمساعدتهن على تخطي استغلال بعض العصابات لهن، لأنها لم تأخذ ما تتعرض له تلك النساء من تهديدات على محمل الجد.

إلى الجنوب حيث الجارة الدنماركية وبالرغم من اكتساء شوارعها بالأضواء الساطعة ونصب شجرة الميلاد في ساحات مدنها وأمام متاجرها فإن العنف يعكر بهجة الميلاد، وهو ما حصل ليلة الجمعة إذ جرى إطلاق نار متكرر في العاصمة كوبنهاغن للمرة الثانية خلال أيام، وتبين لاحقا بأن ذلك جزء من حرب عصابات تثير الفزع بين المواطنين. اليوم السبت يعلن عن مقتل شاب في الثامنة عشرة من أصول مهاجرة في إطلاق النار الذي حدث ليلة أمس بعد إصابة خطرة.

حرب العصابات تنتشر في الضواحي وتثير حتى غضب السكان من أصول مهاجرة، بالإضافة إلى حملات التشويه والتعميم الإعلامي على الجميع. هذا بالإضافة إلى الإعلان اليوم الأحد عن مقتل اثنين من الدنماركيين من أصول مهاجرة في غارة من طائرة أميركية بلا طيار في سورية.

لم يمر العام بلا منغصات داخلية كثيرة في الدنمارك، ففي الخلفية مشاكل اجتماعية جمة وصادمة لمجتمع لا يعتبر فيه الحديث من المحظورات، إنما يكتشف كيف أن شرطة البلاد كانت تمارس الضغط على المتعرضات للاغتصاب بأن "يصمتن" ويسحبن دعاواهن حتى لا تجري حالات الاغتصاب تلك. هذا إلى جانب مشكلة تشغل بال المجتمع في موت نزلاء مشافي الأمراض العقلية والعصبية بسبب الإهمال الطبي.



موسم الميلاد هذا العام ورغم الأضواء الكثيرة ليس كالمواسم السابقة في اسكندنافيا، وخصوصا في الدنمارك، فهو يحمل تشنجا وجدالا سياسيا وشعبيا عن التشديدات الكبيرة التي أدخلتها الحكومة على سياسة اللجوء والهجرة.

وحمل ذلك الجدال تهكما كبيرا بحق وزيرة مثيرة للجدل هي وزيرة الدمج انغا ستويبرغ، إذ نشرت صحيفة بوليتيكن كاريكاتيرا لها وهي تشعل شموع شجرة الميلاد في بيتها، وقد عُلق لاجئ مشنوق على أحد أغصانها.

التقاليد هي التقاليد، فشجرة الميلاد لم تغب هذا العام رغم كل ما تقدم. لكن تلك التقاليد يثقلها الجدل القومي المتطرف بزيادة في شعبية التطرف في الخطاب الشعبوي وهي تودع عاما ميلاديا لتستقبل آخر.

لكن ما من شك في أن مئات آلاف أطنان المفرقعات سيطلقها الاسكندنافيون في سماء بلادهم، مقلدين الصينيين في صناعة أشدها خطورة، وربما أيضا للتنفيس عن احتقان صارت معالمه بادية في الأجواء التي لا تشبه حتى في طقسها ميلاد العام السابق.

اقرأ أيضاً: الفن الأقدم: الحفر على الخشب

دلالات

المساهمون