أحزاب تونسية تدعم حوار اتحاد الشغل: التنازلات مشتركة

أحزاب تونسية تدعم حوار اتحاد الشغل: التنازلات مشتركة

25 فبراير 2022
خلال تظاهرة ضد حل سعيّد المجلس الأعلى للقضاء (ياسين قائدي/الأناضول)
+ الخط -

لاقت دعوة الأمين العام لـ"الاتحاد العام التونسي للشغل"، نور الدين الطبوبي، حول التعجيل بحل الأزمة من خلال حوار وطني تشاركي، صدى إيجابياً لدى الأحزاب التونسية المختلفة. وقد طلب الطبوبي من رئيس الجمهورية قيس سعيّد، تعديل موقفه من بعض الملفات بهدف تحقيق انفراج في الوضع السياسي الحالي بالبلاد، داعياً كذلك الأطراف الرافضة لإجراءات سعيّد الاستثنائية منذ 25 يوليو/تموز الماضي، إلى القيام بتنازلات وتضحيات.

وضع تونس يؤكد أهمية الحوار وتقديم التنازلات

وفي السياق، أكد الأمين العام لـ"التيار الديمقراطي"، غازي الشواشي، في حديث مع "العربي الجديد"، أن "التيار مع نفس موقف الاتحاد، الذي دعا حتى من قبل مؤتمره الأخير (الذي عقد الأسبوع الماضي)، إلى الحوار، وقدم مبادرة رسمية بهذا الشأن في نوفمبر/تشرين الثاني 2020 لرئيس الجمهورية".

وتابع "وحتى بعد 25 يوليو، كان الاتحاد يدعو إلى حل تشاركي، وإلى وضع خريطة طريق لإنقاذ البلاد، تساهم فيها كل القوى الحية، والمنظمات والمجتمع المدني".

ولفت الشواشي إلى أنهم يشاركون الاتحاد الموقف نفسه لأنهم يعتبرون البلاد "مهددة بالانهيار على جميع المستويات؛ الاقتصادية والاجتماعية والصحية والسياسية. كما أن التجربة الديمقراطية مهددة، والبلاد تسير في منحى دكتاتوري جديد، وهي في حالة انفلات وفوضى على جميع الأصعدة، ولا يوجد أي عاقل يقبل بمثل هذا الوضع".

الشواشي: أول من عليه القيام بتنازلات هو من يملك زمام الأمور وله السلطة المطلقة

وأشار إلى أن "الاتحاد كان منشغلاً منذ فترة بمؤتمره وبالتجاذبات الداخلية، وهذا طبيعي، وبعد المؤتمر أكد أنه سيتوجه إلى رئيس الدولة باعتباره يمثّل مؤسسة دستورية لا تزال قائمة، مع التأكيد على دعوته مجدداً للحوار، فضلاً عن دعوته الجميع للتنازل".

وأضاف الشواشي أنه "من الطبيعي أن تكون هناك تنازلات، ومن يعتبر أنه المالك الوحيد للحقيقة لن ينجح، وبالتالي ولن يكون هناك حوار. ولذلك، على الجميع ترك الخلافات جانباً وتقديم تضحيات للوصول إلى منطقة وسطى تشاركية يتم من خلالها بناء توافقات".

وتابع: "لكن إذا بقي الرئيس متشبثاً بموقفه، فإن الاتحاد لن يبقى على الربوة وسيلعب دوره كمنظمة وطنية، مع التأكيد على دور مكونات المجتمع المدني ومختلف القوى الحية، والمقصود بها القوى السياسية، فالأحزاب لها دور تلعبه في كل ديمقراطية ولا يمكن تجاوزها، خصوصاً الأحزاب الفاعلة التي اختارها الشعب والتي لها تمثيل وازن بقطع النظر عن فشلها أو نجاحها".

وقال الشواشي إنهم يأملون بأن "يستجيب رئيس الدولة لهذه الدعوة المكررة للحوار، وفي حال لم يستجب، فسيتحمل كل طرف مسؤوليته أمام الشعب، لأن تونس لا يمكن أن تبقى رهينة أي شخص أو منظمة أو حزب".

وأكد أنهم "مستعدون لتقديم تنازلات، فالحوار تنازلات وتسويات أولاً، وكل حوار له مخرجات ووراءه أغلبية يقود لبر الأمان، ولكن أول من عليه القيام بتنازلات هو من يملك زمام الأمور وله السلطة المطلقة"، في إشارة إلى الرئيس سعيّد.

لا أفق لتونس إلا بالحوار

من جهته، أكد القيادي في حركة النهضة، العجمي الوريمي، في حديث مع "العربي الجديد"، أنه "لا أفق لتونس إلا بالحوار، والنهضة ما فتئت تدعم الدعوة للحوار، وهي مع حوار تشارك فيه الأحزاب السياسية وأغلب المنظمات والمجتمع المدني من دون إقصاء".

وأشار إلى أن "الحوار يحدد الرؤيا للمستقبل، ويتم فيه ترتيب الأولويات والاتفاق على عودة الديمقراطية، كما ينظر في الإصلاحات التي تحتاجها البلاد".

وأضاف الوريمي أن "الأزمة بعد 25 يوليو تعمّقت، خصوصاً في ظل الإجراءات التي اتخذها سعيّد بتجميع كل السلطات بيده، والتي لم تخرج البلاد من أزمتها".

الوريمي: لا بدّ من أن يلتئم شمل التونسيين ويجلس الجميع على الطاولة نفسها للوصول إلى أقصر المسالك التي تقود إلى الحل

ولفت إلى أنه "من الطبيعي أن لا يكون الحوار وفق شروط مسبقة وبنيّة إقصاء أطراف معينة، وأن يكون بين مختلفين سواء في الأفكار أو الحلول، لأن الاختلاف يثري النقاش".

وحول دعوة الطبوبي الأطراف الرافضة لإجراءات 25 يوليو إلى تقديم تنازلات ومراجعة مواقفها، قال الوريمي إن "من رفض 25 يوليو يرفض النتائج التي أدى إليها هذا المسار، وهي نتائج كارثية، وهددت مكتسبات الثورة، وأضرّت بمسار الانتقال الديمقراطي، وحتى بصورة تونس وسمعتها".

وأكد أن "النهضة منذ البداية اعتبرت ما حصل انقلاباً، وهناك أحزاب لم تكن مقتنعة بأنه انقلاب، ولكنها سرعان ما عادت واقتنعت بعد ذلك بأن سعيّد قام بانقلاب مكتمل الأركان".

وشدد الوريمي على أنه "لا بدّ من العودة إلى ما تم الاتفاق عليه منذ المصادقة على الدستور، من نظام ديمقراطي يقوم على الفصل بين السلطات والتداول السلمي عليها، وتحسين الأداء من أجل الاستقرار. واليوم لا بدّ من أن يلتئم شمل التونسيين ويجلس الجميع على الطاولة نفسها للوصول إلى أقصر المسالك التي تقود إلى الحل".

تقارير عربية
التحديثات الحية

ترحيب بدعوة "الاتحاد التونسي للشغل" للحوار

بدوره، أكد عضو مبادرة "مواطنون ضد الانقلاب"، الحبيب بوعجيلة، في حديث مع "العربي الجديد"، أن "دعوة الاتحاد إيجابية، فلا حلول اقتصادية واجتماعية من دون الحل السياسي، ومن الإيجابي أن يحرص الاتحاد على تشريك جميع القوى السياسية والبقاء على المسافة نفسها من الجميع".

وأضاف أن "الاتحاد أكد أن على الجميع، حتى رئيس الجمهورية، تقديم تنازلات، وهذا يؤكد أن الحل يجب أن يكون وطنياً وتونسياً-تونسياً، والاتحاد يريد أن يلعب دور الوسيط، مثلما حصل في الحوار الوطني عام 2013".

واعتبر المتحدث نفسه أن "اتحاد الشغل منظمة وطنية وبإمكانه لعب هذا الدور، ونحن لا نمانع أن يرعى الحوار بين الفرقاء، ويعالج الأزمة التي وضع فيها الانقلاب تونس".

وأكد أن "التنازلات؛ سواء تعلقت بوصف ما حصل بعد 25 يوليو بالانقلاب، أو التنازل عن المؤسسات الدستورية كمطلب عودة البرلمان، هي أمور تُناقش على طاولة الحوار، وعلى رئيس الجمهورية كذلك أن يقدم تصوره ورؤيته".

وشدد بوعجيلة على أنه "لا خطوط حمراء على طاولة الحوار، ولكي تتقارب المواقف وتتوحد الجهود، تبقى كل التنازلات واردة. ولكن يجب أن تكون النقاشات على الطاولة، أما عندما يواصل المنقلب الانفراد بالقرار، ويعمل على حل المؤسسات والهجوم على القضاء والمعارضين، فإن الدعوة إلى التنازل لن يكون لها معنى".

بوعجيلة: لا خطوط حمراء على طاولة الحوار وكل التنازلات واردة

في السياق ذاته، قال النائب المستقل، حاتم المليكي، إنه "من الطبيعي أن يبادر الاتحاد التونسي للشغل، بعد انتهاء مؤتمره وتجديد قياداته، إلى الدعوة للحوار، وإلى منطق المبادرة والضغط على الأطراف السياسية لحلحلة الأزمة، وأن يكون وفياً لخياراته في البحث عن التسويات الضرورية وخدمة المصالح العليا للبلاد".

وأضاف في حديث مع "العربي الجديد" أن "خطاب الاتحاد هو ذاته، وهو تأجيل الخلافات السياسية وحسمها من خلال المحطات الانتخابية، وإعطاء الأولوية للملفات الاجتماعية والاقتصادية".

وأوضح المليكي أن "عودة البرلمان لما قبل 25 يوليو مسألة غير مطروحة، وفي الوقت نفسه، يعتبر الاتحاد أن على رئيس الجمهورية القيام بتنازلات بعيداً عن الانفراد بالسلطة، وبعيداً عن تسيير البلاد عبر المراسيم، ومواصلة الوضع الاستثنائي".

وأشار إلى أن "دعوة الطبوبي واضحة، فالأحزاب لها محطات انتخابية تتنافس من خلالها، ومن الواضح أن خريطة الطريق التي رسمها رئيس الجمهورية صعبة التحقيق، والمرسوم 117 (الصادر في 22 سبتمبر/ أيلول 2021 ويتعلق بالتدابير الاستثنائية) لا يعتبر الإطار المناسب لكي تعيش تونس ديمقراطيتها".

وتابع "كما أن عودة البرلمان غير مطروحة، وبالتالي فإن الأيام المقبلة قد تطول نسبياً لإقناع جميع الأطراف بأن عليها قبول مختلف وجهات النظر، وأن هناك خياراً ثالثاً وهو الذي عبر عنه الاتحاد".

وبيّن المتحدث نفسه أن "لهجة الاتحاد تبدو أكثر صرامة الآن، لأنه معني بمفاوضات صندوق النقد الدولي، وبالمسار السياسي والاجتماعي والوطني، ومن أولى مهماته التي وضعها هي إنقاذ البلاد والخروج من الأزمة السياسية".

أما نائبة رئيس حزب "التكتل"، هالة بن يوسف، فرأت في حديث مع "العربي الجديد"، أن "دعوة الاتحاد للحوار مهمة، ومطلب الاجتماع وجلوس جميع الأطراف على الطاولة نفسها، هو مطلب جماعي، دعت إليه مختلف القوى السياسية".

وأكدت أن "إخراج البلاد من المأزق الذي تعيشه، لا يكون إلا بتضحيات وهذه التضحيات لا يمكن اعتبارها تنازلات بقدر ما هي قناعات". وأشارت بن يوسف إلى أن "تنسيقية القوى الديمقراطية التي تضم أحزاب التكتل والجمهوري والتيار الديمقراطي ومستقلين، ستكون بالتأكيد مع الحوار، ولكن بشرط استثناء بعض الأطراف الحزبية، لأن الحوار يجب أن يكون مع القوى المؤمنة بالحريات وبمشروع الإصلاح الحقيقي".

المساهمون