أسبوع على الانتخابات الإسرائيلية: قلق من الذهاب لانتخابات خامسة

أسبوع على الانتخابات الإسرائيلية: قلق من الاضطرار للذهاب لانتخابات خامسة

16 مارس 2021
أسبوع على الانتخابات الإسرائيلية (Getty)
+ الخط -

من المقرّر أنّ يتوجه نحو 6 ملايين ناخب إسرائيلي، الثلاثاء المقبل، إلى صناديق الاقتراع وسط إجراءات مشدّدة لجهة الحفاظ على قواعد التباعد الاجتماعي، وترتيبات خاصة للمصابين بفيروس كورونا من جهة، واشتداد التنافس داخل المعسكر الواحد، لكل من معسكر بنيامين نتنياهو والمعسكر المناهض له، من جهة أخرى.

في غضون ذلك، ومع استمرار تنبؤ الاستطلاعات بعدم قدرة نتنياهو على الوصول إلى ائتلاف يميني خاص، كما يريد وكما أعلن هو نفسه مجدّداً في الأيام الأخيرة؛ يبدو المعسكر المناهض له أقل تماسكاً وأكثر تنافساً بما يهدد أحزابه الصغيرة بعدم اجتيازها نسبة الحسم، واختفائها من الخريطة السياسية كلياً ولا سيما حزبي "ميرتس" اليساري، و"كاحول لفان" الذي يقوده الجنرال بني غانتس، وزير الأمن الحالي والشريك الثاني في حكومة نتنياهو الحالية.

وارتفعت فرص تحقّق هذه التوقعات، في اليومين الماضيين، بعدما اتّجه زعيم حزب "ييش عتيد"، زعيم المعارضة يئير لبيد، في الأيام الأخيرة، إلى مهاجمة الأحزاب الصغيرة في المعسكر المناهض لنتنياهو، وفي مقدمتها "كاحول لفان" و"ميرتس" وحتى حزب "العمل"، تحت شعار وجوب خروج الحزب كبيراً بعد الانتخابات، وتعزيز قوته الانتخابية، بما يمكنه من الحصول على تكليف لتشكيل الحكومة المقبلة.

كذلك سد الطريق أمام إمكانية انتقال أعضاء من حزب "كاحول لفان" بعد الانتخابات إلى معسكر نتنياهو من جهة، ومنع خصميه، نفتالي بينت وجدعون ساعر، من تشكيل كتلة برلمانية مشتركة غداة الانتخابات يفوق عددها عدد نواب حزبه، مما قد يضطر زعيم المعارضة للتنازل عن رأس المعسكر لصالح الكتلة الأكبر لسد الطريق أمام نتنياهو لتشكيل حكومة يمينية تعتمد على أصوات اليمين على الرغم من أنّ الاستطلاعات لا تمنح نتنياهو ذلك. 

وعلى الرغم من اتجاه تعاظم قوة حزب يئير لبيد في الأسابيع الأخيرة، إلا أن حالة البلبلة التي يبني عليها عند الناخب الإسرائيلي قد تنقلب عليه، خصوصاً أنّ آخر استطلاع نشرت نتائجه، مساء الأحد، في القناة "13" أشار إلى أنّ 62% من الإسرائيليين لا يعتزمون تغيير نمط تصويتهم، إلا أنّ 38% أعلنوا أنهم قد يغيرون تصويتهم في الأسبوع الأخير.

وحتى في اليوم الأخير، عشية التصويت، في حال تمكّن نتنياهو من إقناع الإسرائيليين بأنّ حملة التطعيم التي قادتها الحكومة، وإعادة فتح المرافق العامة وإعادة الحياة والاقتصاد، مرهونة بإعادة التصويت له، وعدم الرهان على الأحزاب الصغيرة والمتوسطة الحجم، التي لن تكون قادرة، حتى لو توفرت لها أغلبية عددية على تشكيل حكومة مستقرة. 

وقد يجد ادعاء نتنياهو وسعيه لحكومة يمين كاملة، آذاناً صاغية مع اشتداد التنافس بين أحزاب المعسكر المناهض له، وتصريحات كل من ساعر وبينت بأنّ لبيد لن يكون رئيساً للحكومة.

ويحاول نتنياهو في الفترة الأخيرة إبراز قوة لبيد بالذات كمن سيقود حكومة يسار، أو على الأقل تعتمد على أحزاب يسارية. ويتفق هذا مع الخط الديماغوجي (أي الشخص الذي يسعى لاجتذاب الناس عبر الكذب)، الذي يقوده نتنياهو في العامين الأخيرين، وجرّبه خلال ثلاث معارك انتخابية، ضد اليسار خصومه بمن فيهم جدعون ساعر، ونفتالي بينت واتهامهما بالاستعداد لتشكيل حكومة مع القائمة المشتركة للأحزاب العربية. 

وبموازاة تشديد نتنياهو على رغبته بحكومة يمين خالصة، فإنه يواصل أيضاً التلويح باتفاقيات التطبيع مع كل من الإمارات والبحرين والسودان والمغرب، من موقع القوة.

ويرى مراقبون أنّ المعركة الانتخابية الحالية قد يتم حسمها بعدد قليل من الأصوات، نسبياً من خلال تثبيت فوز قائمة "هتسيونوت هدتيت"، قائمة اليمين الفاشي بقيادة بتسلئيل سموتريتش، وإيتمار بن غفير، ليس فقط باجتياز نسبة الحسم وإنما الحصول على 5 مقاعد (من أصل 120) على حساب تراجع قوة قائمة الحريديم، "يهدوت هتوراة" بفعل حراك انتخابي من أوساط الشبيبة الحريديم لصالح حزب "هتسيونوت هدتيت" المذكور بفعل مواقفه المتطرفة، مما سيزيد من فرص اقتراب نتنياهو من تشكيل حكومة يمين قوية، خاصة في حال عدم تمكن حزب "ميرتس" اليساري من اجتياز نسبة الحسم، مما يعني خسارة المعسكر المناهض لنتنياهو 4 مقاعد وحرق عشرات آلاف الأصوات. 

ومع أن حركة "ميرتس" أطلقت، في الأسبوع الأخير، حملة دعائية لتفادي عدم اجتياز نسبة الحسم، إلا أنّ فرصها تبدو ضعيفة خاصة في ظل تعثرها في أوساط المجتمع الفلسطيني في الداخل، من جهة وانزياح ناخبيها التقليديين نحو التصويت لصالح حزب "العمل" بقيادة ميراف ميخائيلي، الذي يستقطب أخيراً، شرائح اجتماعية من اليسار المحسوب على حزب "ميرتس" تقليدياً. 

أما في المجتمع الفلسطيني في الداخل، فإنّ الحرب الإعلامية الضارية بين القائمتين العربيتين الرئيسيتين المشاركتين في الانتخابات: القائمة المشتركة المكونة من ثلاثة أحزاب بقيادة أيمن عودة والقائمة العربية الموحدة بقيادة الدكتور منصور عباس، ورفْض الأخيرة توقيع اتفاق لفائض الأصوات بين القائمتين، تزيد من حالة النفور وعدم المبالاة لدى الناخب العربي من المشاركة في الانتخابات. 

وتتوقع الاستطلاعات أن تكون نسبة مشاركة الفلسطينيين في الداخل متدنية نسبياً، مقارنة بالانتخابات التي جرت في مارس/آذار الماضي. 

وبحسب كافة المؤشرات، فإنّ نسبة تصويت منخفضة، على خلفية الانشقاق الحالي بين القائمتين، ستؤدي إلى تراجع التمثيل العربي للأحزاب العربية في الكنيست، من 15 مقعداً إلى 12 مقعداً، في حال فازت القائمة المشتركة بـ8 مقاعد مقابل 4 مقاعد للقائمة العربية الموحدة. 

ولا تقف تداعيات هذا الانقسام وتفكيك القائمة المشتركة عند تراجع التمثيل في الكنيست، بل تمتد إلى نذر شرخ اجتماعي وسياسي داخلي مع استمرار تراشق الاتهامات بين نشطاء القائمتين، والتخوين والتكفير المتبادل. 

وفي السياق، بيّن استطلاع للرأي أعده معهد "مدغام" الإسرائيلي، أنّ القضية الفلسطينية وحلها لا يشكلان عاملاً مؤثراً في قرار 75% من الناخبين في إسرائيل.

وبحسب الاستطلاع الذي نشرت نتائجه في صحيفة "هآرتس"، اليوم الثلاثاء، فإنّ الانتخابات ستسفر على ما يبدو عن وجود أغلبية 80 عضو كنيست من أصل 120، محسوبين على اليمين الإسرائيلي، وهي نتائج تعتبر حزب "ييش عتيد"، بقيادة يئير لبيد خارج كتلة اليمين، باعتباره حزب وسط، مما يبقي لليسار الإسرائيلي والأحزاب العربية 20 نائباً أيضاً.

ووفقاً للاستطلاع المذكور، فإنّ 55% من الإسرائيليين اعتبروا أن تغيير الحكم- وإسقاط حكومة نتنياهو- هو العامل الأساسي الذي يحدد وجهتهم في التصويت.

ومن ضمن المستطلعة آراؤهم، وتحديداً الذين قالوا إنهم سيصوتون لحزبي "تكفا حداشاه" برئاسة جدعون ساعر، و"يسرائيل بيتينو" بقيادة أفيغدور ليبرمان، فقد قال 68.8% منهم إنّ تغيير الحكم- وإسقاط نتنياهو- هو العامل الرئيسي في قرارهم. 

في ظل هذه المنافسة الداخلية وعدم ثبات موقف الناخب الإسرائيلي وإعلان 38% من الناخبين أنهم قد يغيرون تصويتهم في الأيام الأخيرة، تزيد حالة تشتت الأصوات وربما أيضاً تراجع نسبة التصويت العامة بما لا يتجاوز 70% من إجمالي الناخبين. وتصب نسبة تصويت منخفضة في صالح معسكر نتنياهو لكون أحزاب هذا المعسكر بعيدة عن خطر عدم اجتياز نسبة الحسم. 

وعلى الرغم من هذه المعطيات الأولية، لا يستبعد مراقبون، وبينهم رافيف دروكير وعميت سيغل احتمال الإبقاء على حالة الجمود في الحلبة الحزبية وعدم تمكن أي من المعسكرين؛ معسكر نتنياهو والمعسكر المناهض له، من تأمين أغلبية 61 صوتاً، وتكرار حل الكنيست والذهاب لانتخابات للمرة الخامسة في أقل من عامين مما قد يحقق تحذيرات نتنياهو من مايو/أيار من العام 2020 بعيد انتخابات إبريل/نيسان، أن تبقى إسرائيل في دوامة أزمة سياسية داخلية، وانتخابات متكررة كما كان الحال في إيطاليا في السنوات الأخيرة.

المساهمون