الجيش المصري يحشد لمواجهة تصاعد عمليات "ولاية سيناء" برفح

الجيش المصري يحشد لمواجهة تصاعد عمليات "ولاية سيناء" برفح

17 يونيو 2022
دفع الجيش المصري بقوات خاصة لمواجهة "داعش" (محمد الشاهد/فرانس برس)
+ الخط -

أدى تصاعد الأحداث الأمنية في مدينة رفح بمحافظة شمال سيناء، شرقي مصر، نتيجة زيادة نشاط تنظيم "ولاية سيناء"، الموالي لتنظيم "داعش"، إلى دفع الجيش المصري نحو حشد المزيد من قواته وقدراته المتنوعة، في دعم المجموعات القبلية، التي تواجه صعوبة في التقدم في عدة قرى غرب رفح، نتيجة تمركز مجموعات التنظيم الإرهابي فيها منذ سنوات.

وفي تفاصيل الوضع الميداني، قال أحد مسؤولي المجموعات القبلية التي تساند الجيش المصري في سيناء، لـ"العربي الجديد"، إن قرى بلعا والمطلة والحسينيات، تشهد اشتباكات ضارية بين التنظيم، وقوات الجيش والقبائل، نتيجة تمركز عشرات المسلحين في هذه المنطقة، التي تعتبر مهد التنظيم، وانطلقت منها شرارة الأحداث في صيف 2013.

تشهد قرى بلعا والمطلة والحسينيات اشتباكات ضارية بين "ولاية سيناء" وقوات الجيش والقبائل

ولفت إلى أن الجيش خسر خمسة عناصر خلال اليومين الماضيين، بالإضافة إلى أن القبائل فقدت عدداً مماثلاً خلال نفس الفترة، ما يشير إلى حجم المقاومة التي تواجههما على الأرض، نتيجة زرع العبوات الناسفة، ورصاص القناصة، وغيرها من الأساليب العسكرية التي يتبعها "داعش" في تلك المناطق.

"ولاية سيناء" استعد للمعركة

وأوضح أن القوات العسكرية والقبلية دهمت تلك المناطق، بحماسة وقوة، سعياً للحسم واستسلام مسلحي التنظيم، بعد خسارته مناطق واسعة جنوب مدينتي رفح والشيخ زويد، إلا أنّ القوات المتوغلة في مناطق "ولاية سيناء" فوجئت بأن التنظيم استعد جيداً لهذه المعركة، ولديه قوة عسكرية لا يمكن الاستهانة بها.

ويعتمد التنظيم على حرب العصابات، في استهداف القوات النظامية والقبلية التي تقاتل جنباً إلى جنب في هذه المعركة. وأدى كل ذلك إلى وقوع خسائر بشرية في صفوف الجيش والقبائل، الأمر الذي يجعل هذه القوات تضع في الحسبان احتمال أن ترتفع الأعداد خلال الأيام القليلة المقبلة، في ظل محاولات التقدم في تلك المناطق مجدداً.

وأشار المسؤول القبلي إلى أنه نظراً إلى ضراوة المعركة، اضطر الجيش إلى استخدام الطيران الحربي على مدار الأيام الماضية، لمنع "داعش" من التحرك واستهداف القوات العسكرية البرية التي باتت على تخوم مناطقه، وتتعرض لهجمات يومية.

دفع الجيش المصري بقوات خاصة للمعركة

وأوضح أنه تم أيضاً الدفع بقوات خاصة ومشاة، غير تلك الموجودة منذ أيام، عدا محاولات استغلال القوة البحرية في بحر مدينة رفح، إلا أن هناك تخوفاً من استهدافها بصواريخ موجهة من قبل "داعش" كما حصل في يوليو/تموز 2015، عند استهداف بارجة حربية مصرية في عرض بحر مدينة رفح، في أوج قوة التنظيم وسيطرته في محافظة شمال سيناء.

وتوقعت بعض المصادر القبلية أن يقدم الأمن المصري على الإفراج عن المئات من أبناء سيناء، جزء كبير منهم تم اعتقالهم بتهم التهريب في اتجاه قطاع غزة والأراضي الفلسطينية المحتلة، وكذلك العمل في الممنوعات.


يعتمد التنظيم على حرب العصابات، في استهداف القوات النظامية والقبلية

وسيحاول الأمن المصري عبر عملية الإفراج زيادة أعداد الشباب البدو المقاتلين مع الجيش، بهدف تطهير سيناء بشكل كامل من "داعش"، خلال الفترة القريبة المقبلة، خصوصاً في ظل صعوبة تحقيق إنجازات على مستوى مناطق غرب رفح وساحل البحر، في الوقت الحالي، بدون تغييرات في القوة العسكرية والبشرية المشاركة في العمليات.

وفي مقابل هذا، يستمر باب السجن مغلقاً على الآلاف من أبناء سيناء المعتقلين بلا تهم، أو تم تلفيق تهم لهم بالانتماء إلى تنظيمات إرهابية، ودعم المقاومة الفلسطينية في غزة، أو السعي للإضرار بالأمن القومي المصري.

أوسع حملة للجيش في سيناء منذ 2013

يشار إلى أن الجيش المصري، وبمشاركة حاشدة من قبائل الترابين والسواركة والارميلات، يخوض حملة عسكرية، هي الأوسع منذ بدء الحرب في سيناء عام 2013 ضد تنظيم "ولاية سيناء".

وبعد المعارك المتعددة التي اندلعت على مدار الشهرين الماضيين، تمكنت القوة العسكرية المشتركة من إنهاء وجود "ولاية سيناء" بمناطق واسعة في نطاق قرى جنوب مدينتي رفح والشيخ زويد، وسط خسائر فادحة في صفوف الطرفين.

وكان للمجموعات القبلية النصيب الأكبر من الخسائر، إذ فقدت العشرات من عناصرها، فيما أصيب أغلبية المسؤولين عنها في هجمات متنوعة لتنظيم "ولاية سيناء"، الذي لم يستسلم بسهولة، وهو ما كان متوقعاً من قبل الجهات الأمنية والعسكرية في سيناء.

وأضحت الخريطة الجديدة في سيناء تشير إلى أن المناطق المسترجعة من "ولاية سيناء" تبدأ من الحدود المصرية مع الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948، حيث قرى جنوب رفح، بدءاً من البرث والصبات باتجاه نجع شيبانة والطايرة وجوز أبو رعد والكيلو 21 والخرافين، وصولاً إلى قرى الشيخ زويد، حيث المهدية والجورة والمقاطعة وأبو العراج واللفيتات والزوارعة والظهير والتومة.

في المقابل، لا تزال كامل مناطق ساحلي مدينتي رفح والشيخ زويد تحت سيطرة التنظيم، بدءاً من بُعد كيلومتر عن الحدود البحرية الفاصلة بين قطاع غزة وسيناء، وصولاً إلى بحر الشيخ زويد، بمسافة تصل إلى 12 كيلومتراً، وعرض 3 كيلومترات.

صعوبة جبهة غرب رفح

وتعقيباً على ذلك، قال باحث في شؤون سيناء، لـ"العربي الجديد"، إن صعوبة جبهة غرب رفح تعود لعدة أسباب أهمها، الطبيعة الجغرافية لمناطق بلعا والمطلة والحسينيات والذيبة وغيرها من مناطق غرب رفح والساحل.


يعتبر "داعش" مناطق في غرب رفح بمثابة قلعة خاصة به

وأوضح أن "داعش" يعتبر هذه المناطق بمثابة قلعة خاصة به، لا يمكن السماح بسقوطها، نظراً إلى تواجد قوة عسكرية وعملياتية ولوجستية كبيرة تابعة للتنظيم في تلك المناطق، وبالتالي فإن فقدانها سيؤثر على قوة التنظيم في شرق محافظة شمال سيناء بالكامل، ويعني أن الأمن المصري سيطر على مدن رفح والشيخ زويد بشكل تام وكامل، ولا يمكن للتنظيم الحياة فيها مجدداً، في ظل تحويلها إلى منطقة عسكرية مغلقة، يحظر التحرك فيها.

وأضاف الباحث، الذي فضل عدم الكشف عن هويته، أن الجيش المصري ومعه المجموعات القبلية بنت جزءا من خططها على ضعف "داعش"، نتيجة فقدانه مساحات واسعة جنوب رفح والشيخ زويد.

إلا أنه أشار إلى أن عقلية التنظيم وتركيبته العسكرية، التي تعتمد على الخلايا المنفردة، والتي لا علاقة لها بغيرها من المجموعات، تعنيان أننا أمام تنظيم معقد، قد لا يؤثر عليه كثيراً فقدان الأرض، وإنما يتأثر بالضرر الذي يلحق بقوته البشرية بشكل ملموس، إلا أن ذلك لا يبدو واضحاً، في ظل أن غالبية الخسائر البشرية تقع في صفوف القوات الأمنية، واتحاد القبائل العامل معه.

واعتبر أن الوضع في رفح سيحدد وضع سيناء بأكملها، فسيطرة قوات الجيش والقبائل على هذه المناطق تعني أن الجزء الأكبر من سيناء بات نظيفاً من "داعش"، هذا في حال لم يتمكن أفراد التنظيم من الهرب في اتجاه الجبهات الأخرى، كبئر العبد والمغارة وسط سيناء، التي بدأ التنظيم في تفعيلها خلال الساعات الماضية، لتخفيف الضغط عن جبهة غرب رفح، موقعاً خسائر بشرية في صفوف الجيش والقبائل.