الحريري يخطف أضواء "الاستشارات" باقتراح "يحفظ ماء الوجه"

الحريري يخطف أضواء "الاستشارات" باقتراح "يحفظ ماء الوجه"... ولقاء إيجابي بين عون وميقاتي

27 يوليو 2021
الحريري: لا أحد يزايد علينا في موضوع 4 آب (فرانس برس)
+ الخط -

بالتوازي مع حراكِ رئيس الوزراء اللبناني المُكلَّف نجيب ميقاتي "التشاوري"، اليوم الثلاثاء، أطلَّ رئيس الوزراء "المُعتذِر" سعد الحريري بعد الظهر بمؤتمرٍ صحافي عالي النبرة أعلن خلاله عن اقتراحٍ وضعه في إطار "القرار الاستثنائي" ربطاً باستدعاءات المحقق العدلي في انفجار مرفأ بيروت، وذلك بعد الهجوم الكبير الذي تعرّض له نواب "كتلة المستقبل" عند توقيعهم ما سُميَ بـ"عريضة العار".

وينصّ الاقتراح على "تعليق كلّ المواد الدستورية والقانونية التي تعطي حصانة أو أصولاً خاصة بالمحاكمات لرئيس الجمهورية ورئيس الحكومة وللوزراء وللقضاة وللموظفين والمحامين أيضاً".

ونأى الحريري بنفسه وكتلته النيابية عن الاتهامات التي طاولتهم برفضهم رفع الحصانات والإفلات من المحاسبة والعقاب والالتفاف على القرارات القضائية من خلال العريضة التي وقعها النواب، متذرعاً بسطرٍ منها يقول، "لأجل ذلك نتقدّم بطلب اتهام، وبالتالي الإذن بالملاحقة أمام المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء"، وذلك من باب أن الموقعين لجأوا إلى مواد قانونية ودستورية لم يضعها هو، علماً أن المجلس معروف أنه معطّل وغير مفعّل وصوريّ.

وأكد الحريري في بداية تصريحه، الذي يُدلي به قبل أيام من الذكرى السنوية الأولى للانفجار، على ضرورة حصر المؤتمر بموضوع "الحقيقة في جريمة 4 أغسطس، إذ لا شيء يتقدّم عليه"، متمنياً تأجيل الكلام في الموضوع الحكومي، ومضيفاً أنه "كلف نفسه مع كتلة المستقبل تأمين شروط النجاح لميقاتي".

واتكأ الحريري على جرائم اغتيال والده رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري ومسؤولين سياسيين وأمنيين ضمن فريقه وحلفه، وكونه ابن العاصمة بيروت ليقول "لا أحد يزايد علينا في موضوع 4 آب"، ويردّ على حملات تقوم بها جهات متخصصة في تزوير التاريخ، وترتكز على التضليل والكذب، بحسب تأكيده.

وأضاف الحريري، "هذه القضية، إذا بقيت مثل ما هي اليوم، تسير وفقاً للقوانين وللدستور، ستصبح أمام 3 محاكم؛ المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء، المجلس العدلي ومحكمة التمييز الخاصة بالقضاة"، متسائلاً "هل يجوز هذا الأمر!"، وهو موقفٌ وُضع في إطار إطلاق النار على التحقيقات ومهام القاضي طارق البيطار المحقق العدلي.

وفي هذا السياق، يؤكد المحامي فاروق مغربي، في حديثه مع "العربي الجديد"، تأييده مسألة تعليق الحصانات، لكن في المقابل، الموضوع دستوري ويحتاج إلى تعديل دستوري، ولا سيما في ما يخصّ رئيسي الجمهورية والحكومة، وبالتالي يتطلب أغلبية نيابية فوق الثلثين".

ووفقاً لذلك، يشير مغربي إلى أن "الاقتراح غير قابل للتطبيق، والأهم اليوم والأسرع رفع الحصانات وهو مطلبنا من أجل التحقيق مع الأشخاص الذين شملتهم لائحة استدعاءات المحقق العدلي القاضي طارق البيطار، مع العلم أن الاستدعاء لا يعني الإدانة ومن هو غير مذنب سيظهر ذلك".

ويرى مغربي أن "موقف الحريري هو لحفظ ماء الوجه، خصوصاً أنه ركّز فيه على أنه ابن شهيد قُتِلَ بتفجير، وذلك بعد الهجوم الذي تعرّضت له بشكل خاص النائبة بهية الحريري (عمّة سعد) وكتلة المستقبل في موضوع التوقيع على العريضة، ولا سيما أن الشعب اللبناني وقف إلى جانبه في فترة اغتيال والده مطالباً بالتحقيق والعدالة في الجريمة".

حكومياً، استمع ميقاتي يوم الثلاثاء إلى آراء الكتل النيابية في إطار الاستشارات غير الملزمة التي عُقدت في مجلس النواب وخرجت عنها مواقف إيجابية متفائلة بقرب ولادة الحكومة، وتلخص بعنوان عريض رسمه رئيس البرلمان نبيه بري "العبرة في التأليف" في حين خرج النواب بلباس "المسهّل" وغير المطالب بأي حقيبة وزارية وهم يعرقلون ويضعون الشروط في اجتماعاتهم المغلقة.

وتوجه ميقاتي إلى قصر بعبدا الجمهوري حيث التقى الرئيس ميشال عون وأطلعه على مجريات الاستشارات، مشدداً في تصريحٍ على أهمية تشكيل الحكومة في أسرع وقتٍ ممكن. وقال ميقاتي "التفاصيل متطابقة بيننا بنسبةٍ كبيرة وسيكون لدينا اجتماعات متتالية في الأيام المقبلة".

وأشارت أوساط قصر بعبدا الجمهوري لـ"العربي الجديد" إلى أن "الأجواء كانت إيجابية واللقاء تطرّق إلى الصيغة الحكومية في إطار مبادرة رئيس البرلمان نبيه بري التي تقوم على تأليف حكومة من 24 وزيراً اختصاصيين غير حزبيين وتتماشى مع المبادرة الفرنسية".

وقالت الأوساط نفسها إن "ما يهمّ رئيس الجمهورية هو عدم إقصاء دوره وصلاحياته الدستورية باعتبار أن الحكومة تشكل بالتشاور بينه والرئيس المكلف".

وعلى صعيد أبرز مواقف الكتل النيابية اليوم خلال الاستشارات، فقد قال رئيس تكتل "لبنان القوي" النائب جبران باسيل إن "التكتل أبلغ ميقاتي رغبتنا، بل قرارنا بعدم المشاركة في الحكومة، وبالتالي عدم التدخل إطلاقاً في عملية التأليف وهذا يمكن أن يكون عنصراً مساعداً"، علماً أنّ باسيل يُتهم من قبل فريق "تيار المستقبل" ومعارضيه أنه الرئيس الظلّ، والمعرقل الأكبر لعملية التشكيل بالنظر إلى الحقائب الوزارية التي يطلبها والثلث المعطل الذي يخوّلها التحكم بمصير الحكومة.

هذا وشدد باسيل على أن موقف التكتل في موضوع منح الثقة لحكومة ميقاتي "يُتخذ بناءً على التشكيلة والبرنامج" مع الإشارة إلى أن باسيل ما كان سيعطي الثقة لحكومة الحريري وهذا من الأسباب التي دفعت الحريري إلى الاعتذار، كونه كان يشترط حصول حكومته على الثقة، فضلاً عن الخلاف حول بعض الوزارات وتسمية الوزيرين المسيحيين وعلى حقيبة الداخلية التي تتمسك بها القوى السياسية لدورها في الانتخابات النيابية المنتظرة.

على صعيد كتلة حزب الله "الوفاء للمقاومة"، فقد أكدت أنها لم تطلب أي شيء خاص من ميقاتي، وأكدت أهمية أن تضم الحكومة وزراء من ذوي الاختصاص وأن تشكل الحكومة في أسرع وقتٍ ممكن، في حين أنّ الحزب أيضاً يتهم بأنه لا يريد تشكيل حكومة لاعتبارات إقليمية، وهو يفضل حكومة، إن شكلت أن تكون سياسية – اختصاصية أو تكنوقراط.

وشددت كتلة بري "التنمية والتحرير" على ضرورة الإسراع في عملية التشكيل تجاوباً مع حاجات الناس، في حين أكدت كتلة "المستقبل" أنها لم تطالب خلال الاستشارات بأي صيغة حكومية سواء على 18 أو 24 وزيراً، باعتبار أن "ميقاتي هو الذي يؤلف الحكومة"، مشيرةً إلى أن الرئيس المكلف لم يحدد وقتاً لكنه مستعجل على التشكيل لعلمه بتداعيات التعطيل.