المحكمة الجنائية الدولية تستعد لانتخاب مدعٍ عامٍ جديدٍ خلفاً لبنسودا

المحكمة الجنائية الدولية تستعدّ لانتخاب مدعٍ عامٍ جديدٍ خلفاً لبنسودا

12 فبراير 2021
يتنافس أربعة مرشّحين لخلافة بنسودا المنتهية ولايتها (Getty)
+ الخط -

تنتخب الدول الأعضاء في المحكمة الجنائيّة الدوليّة، اليوم الجمعة، مدعياً عاماً جديداً لمنصب يتطلب عملاً شاقاً، خلفاً لفاتو بنسودا، التي فرضت عليها إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب عقوبات بسبب تحقيق بشأن جرائم حرب أميركية مفترضة في أفغانستان.

ويتنافس أربعة مرشّحين من بريطانيا وأيرلندا وإيطاليا وإسبانيا لخلافة بنسودا المنتهية ولايتها والتي قادت تحقيقات واجهت اعتراضاً، بما في ذلك حول النزاع الإسرائيلي الفلسطيني وأفغانستان.

وذكرت وسائل إعلام بريطانية أنّ البريطاني كريم خان هو المرشّح الأوفر حظاً للفوز بالمنصب، ويتقدّم على الإسباني كارلوس كاستريسانا والأيرلندي فيرغال غاينور والإيطالي فرانشيسكو لو فوي. وعلى الرّغم من محاولات عدّة في الأسابيع الأخيرة، فشلت الدول الأعضاء في المحكمة الجنائيّة الدوليّة في التوصّل إلى توافق بشأن تعيين مدّعٍ عامٍ جديدٍ، ويتوجّب عليها الآن حسم قرارها خلال تصويت في مقرّ الأمم المتحدة في نيويورك.

ومن المقرّر أن تستقيل بنسودا، المولودة في غامبيا، في يونيو/حزيران، بعد تسع سنوات قضتها في واحد من أصعب المناصب في القضاء الدولي، تاركةً وراءها سجلاً متفاوتاً من الإنجازات في محكمة لاهاي.

وسيكون ثالث مدعٍ عام للمحكمة منذ إنشائها في 2002 مسؤولاً عن ملفّات ضخمة وقضايا معقّدة، في محكمةٍ يتمّ باستمرار التشكيك في شرعيّتها.

عقوبات "غير مقبولة"

ترأس كريم خان، المحامي البريطاني المتخصّص في حقوق الإنسان، أخيراً تحقيقاً خاصاً للأمم المتّحدة حول جرائم تنظيم "داعش"، ودعا إلى إجراء محاكمات شبيهة بتلك التي خضع لها القادة النازيون في نورمبرغ. أمّا القاضي الإسباني كارلوس كاستريسانا، فترأس في السابق لجنة تابعة للأمم المتّحدة حول مكافحة الجريمة والفساد في غواتيمالا، لكنّه استقال في 2010، مؤكداً أنه يتعرض "لهجمات منهجيّة" من قبل موظفين متعطشين للسلطة.

من جهته، كان الأيرلندي فيرغال غاينور قد مثل ضحايا جرائم في المحكمة الجنائيّة الدوليّة، بما في ذلك في إطار التحقيق حول الحرب في أفغانستان وكذلك في قضيّة ضدّ الرئيس الكيني أوهورو كينياتا. وفي ما يتعلّق بالمدّعي فرانشيسكو لو فوي المتحدّر من صقلية، فقد سبق له أن عمل في قضايا ضد المافيا الإيطاليّة وشبكة كبيرة من مهربي البشر.

وتتمثّل أولى المسؤوليّات التي سيضطلع بها المدّعي العام الجديد في اتّخاذ قرار بشأن الخطوات التالية المتعلّقة بالتحقيق في جرائم الحرب في أفغانستان والتحقيق المثير للجدل حول الصراع الإسرائيلي الفلسطيني في غزّة في 2014.

والعام الماضي، استهدفت إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب فاتو بنسودا ومسؤولاً كبيراً آخر في المحكمة الجنائيّة الدوليّة، وفرضت عليهما عقوبات، بما في ذلك حظر سفر وتجميد أصولهما، بسبب تحقيق حول جرائم حرب أميركية مفترضة في أفغانستان. كما عارضت إسرائيل والولايات المتحدة، وهما ليستا عضوين في المحكمة الجنائيّة الدوليّة، بشدّةٍ تحقيقاً آخر في جرائم حرب مزعومة ارتكبتها القوّات الإسرائيليّة وجماعات فلسطينيّة مسلّحة. لكنّ قضاة المحكمة الجنائيّة الدوليّة أعلنوا، الأسبوع الماضي، أنّ المحكمة لديها اختصاص للنّظر في الأحداث في الأراضي الفلسطينيّة المحتلّة، وهو ما يمهّد الطريق لإجراء تحقيق في جرائم الحرب.

وبدت إدارة الرئيس الأميركي الجديد جو بايدن أقل حدة، لكنّها لم توضح بعد ما إذا كانت تنوي التخلّي عن العقوبات المفروضة على بنسودا والتي اعتبرت المحكمة أنّها "غير مقبولة".

سجل إنجازات متفاوت

تترك بنسودا وراءها سجلاً متفاوتاً من الإنجازات، فهي وسّعت نطاق المحكمة الجنائية الدولية، بحسب ما يقول خبراء، وفق "فرانس برس".

وقبل أيام، حكمت المحكمة بولايتها القضائية على الأراضي الفلسطينية، لتمهّد بذلك الطريق أمام ادعائها لفتح تحقيق بارتكاب جرائم حرب من جانب الجيش الإسرائيلي.

بالإضافة إلى ذلك، تطالب المحكمة الجنائية الدولية بتسليمها الرئيس السوداني المخلوع عمر البشير، لمحاكمته عن جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وإبادة جماعية، تقول إنها ارتكبت في إقليم دارفور في الفترة من 2003 - 2007.

وفي عهد بنسودا كذلك، اتخذت المحكمة، في مارس/آذار من العام الماضي، قراراً بالسماح بفتح تحقيق في جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في أفغانستان. ويستهدف التحقيق ممارسات ارتكبها جنود أميركيون في أفغانستان. كما وردت معلومات عن عمليات تعذيب مارستها وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي إيه).

يذكر أنّه تمّت تحت قيادتها تبرئة رئيس ساحل العاج السابق لوران غباغبو من جرائم ضد الإنسانية، بينما تمّت تبرئة النائب السابق لرئيس جمهورية الكونغو الديمقراطية جان بيير بيمبا، بالاستئناف. وأسقطت بنسودا تهم ارتكاب جرائم ضد الإنسانية بحق الكيني أوهورو كينياتا.

والمحكمة الجنائية الدولية هي المحكمة الدائمة الوحيدة لجرائم الحرب في العالم، وقد تعرّضت لانتقادات مراراً لتركيزها على شؤون البلدان الأفريقية.

(فرانس برس، العربي الجديد)

المساهمون