المحكمة العليا الأميركية تعلّق محاكمة ترامب

المحكمة العليا الأميركية تعلّق محاكمة ترامب: تأجيل قد يخدمه حتى الرئاسيات

29 فبراير 2024
ترامب: الرئيس يجب أن يكون حرّاً في اتخاذ القرارات (Getty)
+ الخط -

في قرار من شأنه قلب المشهد السياسي في البلاد، علّقت المحكمة العليا الأميركية، أول من أمس الأربعاء، محاكمة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، بتهمة التآمر لقلب نتيجة انتخابات الرئاسة في العام 2020، وذلك بعد موافقتها على سماع قضية ادعاء ترامب أنه يتمتع بالحصانة من الملاحقات الجنائية على أفعال ارتكبها أثناء توليه الرئاسة.

ومن شأن قرار المحكمة العليا الأميركية، التي تتألف من أغلبية قضاة محافظين، أن يمنح "شريان حياة" قانونياً لترامب، حتى الانتخابات الرئاسية الأميركية المقرّرة في الخريف المقبل، وهو المرشح للرئاسة للمرة الثالثة والأوفر حظاً لنيلها عن حزبه الجمهوري. كما أن القضية، إذا ما بتّت فيها المحكمة لمصلحة ترامب، وهي مسألة جدلية جداً من ناحية قانونية في البلاد، من شأنها أن تؤسس لوضع مختلف تماماً بالنسبة لموقع الرئاسة الأميركية، لناحية ما تُسمى "حصانة الرئاسة" مدى العمر.

المحكمة العليا الأميركية تنظر بمسألة الحصانة

ويواجه ترامب، الساعي للحصول على ترشيح الحزب الجمهوري للرئاسة بمواجهة الرئيس الديمقراطي جو بايدن، عشرات التهم على مستوى الولايات والمستوى الفيدرالي، من بينها محاولة الانقلاب على نتائج انتخابات الرئاسة في العام 2020، التي فاز بها بايدن، والتحريض على اقتحام أنصاره مقر الكونغرس في 6 يناير/كانون الثاني 2021، لمنع المصادقة على فوز بايدن بالرئاسة، وسوء إدارة وثائق حكومية حسّاسة والاحتفاظ بها في مقر إقامته في فلوريدا بعد مغادرته البيت الأبيض.

قرار المحكمة يعني فعلياً تأجيل محاكمة ترامب ربما إلى ما بعد 5 نوفمبر

وتتألف المحكمة العليا الأميركية من 9 قضاة، ويغلب عليها القضاة المحافظون، علماً أن 3 منهم عيّنهم ترامب حين كان في البيت الأبيض بين عامي 2016 و2020. وحدّدت المحكمة العليا تاريخ 22 إبريل/نيسان المقبل، لسماع مرافعات ترامب، وأعلنت أن محاكمته بتهمة التآمر لقلب نتيجة الانتخابات ستظل معلّقة في الوقت الحالي، ما يعني أن الرئيس السابق لن يُحاكم بتهمة التدخل في الانتخابات في 4 مارس/آذار الحالي (الاثنين المقبل)، كما كان مقرّراً.

تقارير دولية
التحديثات الحية

وأوضحت المحكمة العليا أنها ستنظر في مسألة "ما إذا كان الرئيس السابق يتمتع بالحصانة الرئاسية من الملاحقة الجنائية بسبب سلوك يُزعم أنه ينطوي على أعمال رسمية خلال فترة ولايته في منصبه، وإذا كان الأمر كذلك، إلى أي مدى". ومن المتوقع صدور حكمها بحلول نهاية ولايتها الحالية في يونيو/حزيران المقبل، علماً أن مؤتمر الحزب الجمهوري لاختيار مرشحه للرئاسة هذا العام سيُعقد في يوليو/تموز.

وعلى الفور، رحّب ترامب بالقرار، قائلاً إنه "من دون الحصانة الرئاسية، لن يتمكن الرئيس من العمل بشكل صحيح أو اتخاذ القرارات بما يحقق مصلحة الولايات المتحدة". وأضاف في منشور على منصته "تروث سوشال"، أن "الرئيس يجب أن يكون حرّاً في اتخاذ القرارات المناسبة"، محذراً من أنه "لا يجب أن ينقاد بالخوف من القصاص".

ليز تشيني: يجب أن يكون نظامنا القضائي قادراً على تقديم ترامب للمحاكمة قبل الانتخابات المقبلة

وستكون هذه القضية الانتخابية الأكثر أهمية التي تصل إلى المحكمة العليا منذ أن أوقفت الأخيرة إعادة فرز الأصوات في ولاية فلوريدا عام 2000 حين كان الجمهوري جورج دبليو بوش متقدماً بفارق ضئيل على الديمقراطي آل غور.

دفعٌ لاستراتيجية التأخير

وكانت لجنة استئناف مكونة من 3 قضاة في وقت سابق من شهر فبراير/شباط الماضي، قد قررت أن ترامب ليست لديه حصانة من الملاحقة القضائية كرئيس سابق. وأجمع قضاة اللجنة على أن ادعاء ترامب أنه يتمتع بالحصانة من المسؤولية الجنائية عن أفعاله أثناء وجوده في البيت الأبيض "لا تدعمه سابقة أو تاريخ أو نصّ الدستور وبنيته"، مضيفين أنه "لا يمكننا قبول أن يضع مكتب الرئاسة شاغليه السابقين فوق القانون طوال الوقت بعد ذلك". وعلّقت محكمة الاستئناف حكم الحصانة لمنح ترامب فرصة الاستئناف أمام المحكمة العليا، لكن حكمها شكّل نكسة قانونية كبيرة لترامب، الأوفر حظاً لنيل ترشيح الحزب الجمهوري للرئاسة للعام الحالي، وأول رئيس سابق يتم توجيه اتهامات جنائية إليه.

وأثار قرار المحكمة العليا الأربعاء إحباط خصوم ترامب، من الجمهوريين والديمقراطيين. وفي هذا السياق، اعتبرت النائبة الجمهورية السابقة والمعارضة الشرسة لترامب، ليز تشيني، أن إرجاء محاكمة ترامب "يقمع أدلة خطيرة يستحق الأميركيون الاطلاع عليها"، مضيفة على منصة "إكس" أن ترامب "حاول قلب نتيجة الانتخابات والاستيلاء على السلطة، ويجب أن يكون نظامنا القضائي قادراً على تقديمه للمحاكمة قبل الانتخابات المقبلة" المقرّرة في 5 نوفمبر/تشرين الثاني المقبل.

ومن شأن قرار المحكمة البتّ في "حصانة" ترامب، منح استراتيجية الرئيس الأميركي السابق لتأخير المحاكمة إلى ما بعد الانتخابات الرئاسية في نوفمبر دفعاً قوياً، وهو أمر أصبح مرجحاً بنسبة كبيرة بحسب صحيفة "نيويورك تايمز" وموقع "أكسيوس" أمس. وكتب آلان فور، في "نيويورك تايمز"، أمس، أن المحكمة العليا التي ساهم ترامب في تشكيل هيئتها القضائية، منحته "شريان حياة" قانونياً، بعدما رفضت محكمتان أدنى وخبراء عديدون نظرية أن الرؤساء الأميركيين يتمتعون بالحصانة مدى العمر عن الأفعال والقرارات التي كانوا اتخذوها حين كانوا في السلطة.

وأوضحت الصحيفة الأميركية أن احتمال أن يواجه ترامب المحاكمة قبل موعد الانتخابات، لا يزال قائماً. وبحسب الروزنامة القضائية، فإنه إذا أصدر قضاة المحكمة العليا قراراً بأن ترامب لا يتمتع بالحصانة قبل انتهاء ولاية المحكمة الحالية في يونيو، فإن محاكمة ترامب قد تبدأ في أواخر سبتمبر/أيلول المقبل، أو بداية أكتوبر/تشرين الأول، لكن مع كل تأخير، فإن الفرص تزداد بألا يتمكن الناخبون من الاطلاع على أدلة تؤكد أن ترامب سعى للانقلاب على نتائج انتخابات 2020، بحسب الصحيفة، لكي يتخذوا قراراً بما إذا كانوا سيصوتون له أم لا للرئاسة مرة أخرى (إذا حصل على ترشيح حزبه).

ولفتت الصحيفة إلى أنه إذا نجح ترامب في تأخير المحاكمة حتى ما بعد يوم الانتخابات، ونجح في العودة إلى البيت الأبيض، فإن بإمكانه استخدام صلاحياته الرئاسية لمحاولة إنهاء القضية برمتها. كما أن سياسة وزارة العدل الأميركية تمنع محاكمة رئيس في المنصب، ما يعني أنه بمجرد أن يقسم ترامب اليمين، فإنه يستطيع تأخير أي محاكمة فيدرالية إلى ما بعد انتهاء ولايته.

تقارير دولية
التحديثات الحية

المساهمون