المغرب: تقرير حقوقي يمسك العصا من الوسط بين السلطات ومحتجي جرادة

المغرب: تقرير حقوقي يمسك العصا من الوسط بين السلطات ومحتجي جرادة

25 سبتمبر 2020
سجل التقرير استخدام السلطات القوة لفض بعض التظاهرات (Getty)
+ الخط -
أمسك المجلس الوطني لحقوق الإنسان في المغرب العصا من الوسط، في تقرير أصدره مساء اليوم، الجمعة، حول الحراك الذي عرفته مدينة جرادة، في ديسمبر/كانون الأول من عام 2017، بعد وفاة شقيقين كانا يعملان في بئر عشوائية للفحم الحجري الذي تشتهر به المنطقة.
وسجل  المجلس، في تقريره حول احتجاجات جرادة، استعمال السلطات العمومية القوة لتفريق الاحتجاجات، معتبراً أنّ منعها لبعض الاحتجاجات غير المصرح بها، أو التي لم يتم الإشعار بها من أي جهة منظمة، يمس بالحق في التظاهر السلمي.
تقرير المجلس، الذي حصل "العربي الجديد" على نسخة منه، ذكر أنه سجل سلمية الاحتجاجات منذ انطلاقها، باستثناء احتجاجات يوم 14 مارس/ آذار 2018 التي عرفت أعمال عنف وإضرام نار ترتبت عليها إصابة 312 شخصا من القوات العمومية بجروح، من بينهم من هم في حالة خطيرة، و32 جريحا من بين المحتجين، من بينهم قاصر في حالة حرجة.
سجل  المجلس، في تقريره حول احتجاجات جرادة، استعمال السلطات العمومية القوة لتفريق الاحتجاجات
وانتقد تقرير المجلس الوطني، باعتباره مؤسسة دستورية مستقلة للدفاع عن حقوق الإنسان والحريات وحمايتها والنهوض بها، غياب تمثيلية ثابتة للمتظاهرين في لجنة الحوار مع السلطات العمومية، حيث كان يشارك كل مرة أشخاص مختلفون في الاجتماعات المتعاقبة، مسجلاً تناوب وجوه مختلفة من المشاركين في هذه الاحتجاجات على المهام التنظيمية والكلمات التوجيهية والنقاشات التي كانت تعرفها مختلف الأحياء الشعبية للمدينة.
في المقابل، اعتبر التقرير الحقوقي أنّ مطالب الاحتجاجات كانت موضوع برمجة أو التزامات سابقة، بما فيها ذات الصلة بالاتفاقيات الجماعية بين مفاحم جرادة والسلطات والنقابات، مسجلاً عدم إعمال مقتضيات الاتفاقيات الجامعية بعد قرار إغلاق مناجم الفحم، وكذا تعثر تنفيذ المشاريع التنموية في الإقليم وانعدام مفهوم الحكامة في تدبيرها وتعثر الوساطة قبل الاحتجاجات وأثناءها وبعدها.
وبخصوص ادعاءات التعذيب، كشف التقرير أنّ فريق اللجنة الجهوية التابع للمجلس بجهة الشرق، الذي قام بزيارات متعددة للمعتقلين على خلفية احتجاجات جرادة، لم يسجل أي تصريح بخصوص ادعاءات فعل التعذيب خلال الحراسة النظرية، إلا أنه سجل تصريحات بخصوص الممارسات المهينة.
وأوضح  التقرير أنّ المعتقلين لم يشتكوا من ظروف الاعتقال، كما لم يسجل المجلس أي تصريح ذي صلة بالاعتقال الانفرادي، لافتاً إلى أن المعتقلين الذين دخلوا في الإضراب صرحوا بأنهم تم عزلهم جماعة عن باقي المعتقلين وذلك طبقا للإجراءات الساري العمل بها، وخاصة بما يتعلق بالمراقبة الصحية للمضربين عن الطعام.
لم يسجل التقرير في المقابل أي تصريح بخصوص ادعاءات فعل التعذيب خلال الحراسة النظرية للمعتقلين
وبحسب التقرير، فإنّ بعض المعتقلين صرحوا بأنهم وقعوا على محاضر الشرطة القضائية دون قراءة محتواها، ونازع بعض المعتقلين في اعترافاتهم الواردة في محاضر الدرك الملكي، نظراً لكونهم لم يوقعوا على المحاضر التي قدمت إلى المحكمة، وإنما وقعوا فقط على تصريحات دونت في دفتر التصريحات.
وكشف المجلس أن لجنته الجهوية بالشرق واجهت صعوبات في القيام بمهامها قبيل أحداث العنف التي عرفتها مدينة جرادة وبعدها، لا سيما مهام رصد انتهاكات حقوق الإنسان بسائر المنطقة والتدخل بكيفية عاجلة عندما يتعلق الأمر بحالة من حالات التوتر التي قد تفضي إلى وقوع انتهاك حق من حقوق الإنسان بصفة فردية أو جماعية، وذلك ببذل كل مساعي الوساطة والصلح التي يراها مناسبة بتنسيق مع السلطات العمومية.
إلى ذلك، أوصى التقرير السلطات العمومية والبرلمان وجهة الشرق، باحترام حق التظاهر السلمي وإعمال التأويل الحقوقي بغض النظر عن التصريح أو الإشعار والعمل على تطوير المبادئ التوجيهية الوطنية التي تؤطر تدخل القوات العمومية. كما يلفت المجلس الانتباه إلى الحاجة إلى حوار وطني حول المقاولة وحقوق الإنسان والإسراع باعتماد خطة وطنية في المجال ووفقا للمقتضيات الدستورية ذات الصلة والمبادئ التوجيهية للأمم المتحدة بشأن الأعمال التجارية وحقوق الإنسان.
وكان حراك جرادة قد اندلع في ديسمبر/كانون الأول من عام 2017، بعد وفاة شقيقين كانا يعملان في بئر عشوائية للفحم الذي اشتهرت به مدينة جرادة عندما امتلأت بئرهما بالماء وغرقا، كما توفي شخص ثالث ثم رابع بعد أسابيع، وهم يستخرجون الفحم من هذه الآبار.
واحتج نشطاء على مقتلهم، إذ يقولون إنّهم يعملون في ظروف سيئة جداً، وتحوّلت الاحتجاجات إلى مطالب اجتماعية واقتصادية بتنمية المدينة وتوفير بديل اقتصادي.
واعتقلت السلطات عدداً من النشطاء على خلفية هذه الاحتجاجات، متهمة إياهم باللجوء إلى العنف وإذكاء الفوضى.
ووجهت المحكمة للمدانين عدة تهم، من بينها "المشاركة في إضرام النار عمداً في ناقلات بها أشخاص، والمشاركة في وضع أشياء تعوق مرور الناقلات في طريق عام، والذي تسبب في حوادث خطيرة وإصابة أشخاص بجروح خطيرة، وإهانة واستعمال العنف في حق موظفين عموميين... وكسر أشياء مخصصة للمنفعة العامة وحيازة السلاح دون مبرر والتجمهر المسلح في الطرق العمومية والعصيان المسلح".