أكدت مصادر مصرية "الرفض القاطع" للإدارة المصرية لأي خطة لدفع السكان الفلسطينيين من أبناء قطاع غزة، إلى النزوح خارجه، وخاصة باتجاه شبه جزيرة سيناء.
وشددت على أن "كافة الأجهزة الأمنية والاستخباراتية والعسكرية المصرية عبّرت عن ذلك بوضوح في أكثر من مناسبة، لا سيما في اجتماعات مجلس الأمن القومي، وهو المختص بإقرار استراتيجيات تحقيق أمن البلاد، وتحديد مصادر الأخطار على الأمن القومي المصري في الداخل والخارج، والإجراءات اللازمة للتصدي لها على المستويين الرسمي والشعبي، وأيضاً مجلس الدفاع الوطني، وهو المختص بالنظر في الشؤون الخاصة بوسائل تأمين البلاد وسلامتها، وتحديد الهدف السياسي العسكري".
خرج بعض المحسوبين على السلطة في مصر للرد على نتنياهو واحتلال محور فيلادلفيا
وقالت المصادر إن "هذا الموقف يرجع إلى أسباب كثيرة متعلقة بالأمن القومي للبلاد، وهذا مجال لا يمكن التهاون فيه".
لكنها لفتت إلى أنه "في ظل التصريحات عن نوايا جيش الاحتلال الدخول إلى منطقة محور فيلادلفيا الحدودية لقطاع غزة مع مصر واحتلالها، وتصاعد وتيرة العمليات العسكرية الإسرائيلية في جنوب قطاع غزة، والقصف العنيف لمنازل السكان والمهجرين من الشمال إلى الجنوب، إضافة إلى انعدام الخدمات الحياتية الأساسية، قد يدفع الأهالي للجوء إلى مصر، وفي هذه الحالة، فإن القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي، يلزمان دول الجوار للمناطق التي تشهد نزاعات، باستقبال هؤلاء اللاجئين".
نتنياهو يعمل على تهجير سكان غزة
وقالت صحيفة "إسرائيل اليوم" الإسرائيلية، أمس الأول الاثنين، إن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يعمل على "تحقيق التهجير الطوعي لسكان قطاع غزة إلى دول أخرى".
وأشارت الصحيفة إلى أن تصريحات لنتنياهو بهذا الشأن جاءت رداً على النائب من حزب "الليكود" داني دانون، وهو عضو لجنة الخارجية والأمن في الكنيست الإسرائيلي، خلال اجتماع، الاثنين الماضي، عقدته كتلة الحزب، حيث قال نتنياهو إن "مشكلتنا هي الدول المستعدة لاستيعاب اللاجئين، ونحن نعمل على حلها".
وفي ظل صمت رسمي مصري تجاه تصريحات نتنياهو وقبلها التسريبات حول خطة إسرائيل لاحتلال محور فيلادلفيا، خرج بعض المحسوبين على السلطة في مصر، للرد على ذلك، ومنهم اللواء المتقاعد سمير فرج، الذي وصفه الرئيس عبد الفتاح السيسي في إحدى المناسبات بأنه أستاذه في العسكرية.
وقال فرج، في تصريحات تلفزيونية، إن "محور فيلادلفيا منطقة فلسطينية عازلة بين مصر وقطاع غزة"، مضيفاً أنه "حال تفكير إسرائيل في احتلال المحور، فلا بد من التنسيق أولاً مع الدولة المصرية".
وتعليقاً على تصريحات نتنياهو حول الهجرة الطوعية للفلسطينيين من غزة، والبحث عن دول لاستقبالهم، قال الأستاذ المشارك ورئيس قسم العلوم السياسية في جامعة الأزهر في غزة، مخيمر أبو سعدة، لـ"العربي الجديد"، إنها "تنسجم ما تقوم به إسرائيل من إبادة جماعية للفلسطينيين في غزة، وتدمير للممتلكات المدنية، سواء كانت المستشفيات أو المدارس والبنى التحتية، التي تجعل من الحياة في قطاع غزة أمراً صعباً بعد انتهاء هذه الحرب".
نتنياهو يؤكد مخططات إسرائيل لدفع الفلسطينيين لمصر
وأشار أبو سعدة إلى "أنها تنسجم كذلك مع مخططات إسرائيل التي تدفع الفلسطينيين منذ بداية الحرب باتجاه الحدود مع مصر. لذلك جاءت تصريحات نتنياهو أمام اجتماع لحزب الليكود، لتؤكد من جديد مخططات إسرائيل، والتي يتزعمها قطب حزب الليكود داني دانون، الذي كان يقول منذ البداية إنه يمكن لمصر أن تستوعب الفلسطينيين لفترة مرحلية خلال الحرب. ولكن من الواضح أن هذه التصريحات كانت تهدف فقط إلى تهجير الفلسطينيين من وطنهم".
وأضاف أبو سعدة: "لذلك يبدو أن أحد أهداف الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، وأحد أهداف الدمار الشامل الذي تحدثه آلة الحرب الإسرائيلية، هو دفع الفلسطينيين إلى الهجرة، سواء كانت بشكل طوعي أو قسري، إلى خارج قطاع غزة".
مخيمر أبو سعدة: تصريحات نتنياهو تنسجم ما تقوم به إسرائيل من إبادة جماعية للفلسطينيين في غزة
وأوضح أن "الفكر الصهيوني يقوم على فكرة الإحلال، وهي طرد الفلسطينيين من وطنهم، وبالمقابل بناء مزيد من المستوطنات سواء في الضفة الغربية أو القدس، أو كما يدعو أقطاب اليمين المتطرف في إسرائيل أمثال (وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل) سموتريتش و(وزير الأمن القومي إيتمار) بن غفير، إلى الاستيطان مجدداً في قطاع غزة. وشاهدنا لافتات وضعها جنود الاحتلال في غزة تدعو إلى الاستيطان من جديد في قطاع غزة".
وشدد أبو سعدة على أن "هذه التصريحات من المفترض أن يتم الرد عليها من قبل المجتمع الدولي، والدول التي تؤيد نتنياهو في هذه الحرب، مثل الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا".
بدوره، قال النائب السابق في الكنيست الإسرائيلي، جمال زحالقة، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن "تصريحات نتنياهو، في غاية الخطورة، وهي عملياً تعكس تفكيره ومن حوله بالنسبة لليوم التالي بعد انتهاء الحرب، وهو أن يكون هناك تهجير لأهالي غزة عبر ما يسمى (الهجرة الطوعية). وما هي الهجرة الطوعية، إذا كنت تهدم بيت الإنسان وتقتل أبناءه وتلاحقه بالقصف؟ كيف تطلب من الناس أن يهاجروا طوعاً تحت القصف الوحشي، وهدم البيوت ومنع الناس من أسباب الحياة؟".
وأضاف زحالقة: "لهذا الكلام معنى فوري، وهو أن إسرائيل لا تريد السماح لأهالي غزة الذين هجرتهم إلى منطقة جنوب غزة، بأن يعودوا إلى شمالي القطاع في أي مرحلة من المراحل، على الأقل المنظورة، وهذا بالطبع يكشف عن أن التهجير كان ليس فقط من أجل الأعمال العسكرية، ولكنه كان خطوة سياسية". وقال زحالقة إن "الكلام عن التهجير الطوعي هو عملياً غسل للكلام، لأنه في الحقيقة عملية تهجير قسري وتطهير عرقي".
من جهته، قال الناشط المصري الفلسطيني، رامي شعث، لـ"العربي الجديد"، إنه "بعد تدمير كل البنية التحتية، و50 في المائة من المباني في غزة، والجزء المتبقي تم تدميره جزئياً، إضافة إلى تدمير 23 مستشفى، و9 مستشفيات أخرى دمرت جزئياً، وبالتالي الذي تبقى في الخدمة فقط 3 مستشفيات، وهناك 234 مدرسة، و186 مسجداً و3 كنائس دمرت، إضافة إلى كل الطرق وأدوات الحياة، والمصانع، والقتل المستمر لمتوسط 200 شهيد يومياً، ومئات الجرحى من العائلات والأطفال، يقول مجرم الحرب نتنياهو، هجرة طوعية، فكيف ذلك؟".