لبنان: انتخابات نيابيّة على وقع تشرذم المعارضة وتحكّم السلطة

لبنان: انتخابات نيابيّة على وقع تشرذم المعارضة وتحكّم السلطة

بيروت
ريتا الجمّال (العربي الجديد)
ريتا الجمّال
صحافية لبنانية. مراسلة العربي الجديد في بيروت.
ريما أبو خليل .. لبنان
ريما أبو خليل
صحافية لبنانية، من فريق موقع العربي الجديد قسم السياسة.
13 مايو 2022
+ الخط -

عشية الانتخابات النيابية اللبنانية التي تُجرى في الداخل في 15 مايو/أيار، تتفاوت حماسة الشارع اللبناني للمشاركة فيها، خصوصاً أنها تأتي في ظلّ أزمة اقتصاديّة غير مسبوقة في تاريخ البلاد.

ففي جولة لـ"العربي الجديد" لاستطلاع آراء اللبنانيّين، تظهر عدم حماسة قسم كبير منهم للانتخابات، باعتبار أنها ستكون تجديداً للطبقة السياسيّة الحاكمة التي ساهمت بانهيار قيمة الليرة، وتردّي الوضع الاقتصادي من جهة، وطرح أحزاب كانت في السلطة نفسها على أنّها معارِضة، من جهة أخرى.

وفي وقت يصرّ فيه آخرون على حقّهم بالمشاركة في العمليّة الانتخابيّة، يبدو الشارع السنّي غير متحمّس للمشاركة فيها، بعد إعلان رئيس "تيار المستقبل"، رئيس الحكومة السابق سعد الحريري، مقاطعة الانتخابات.

وفي هذا السياق، يقول أستاذ علم الاجتماع السياسي في معهد العلوم الاجتماعية في الجامعة اللبنانية روبير عبد الله، في حديث لـ"العربي الجديد"، إنّ نسبة المشاركة في الانتخابات لا تتجاوز في العادة الـ50 بالمائة، معتبراً أنه عندما يكون هناك انعدام أمل بإحداث تغيير جدّي، من خلال الانتخابات، لا يرى المواطنون داعياً للمشاركة فيها، ويلفت إلى أن هناك سببين بشكل خاص لتوقّع نسبة مشاركة ضئيلة في هذه الدورة الانتخابية، الأول امتناع رئيس "تيار المستقبل" سعد الحريري عن المشاركة فيها، على الرغم من بعض الخروقات من قبل بعض الأشخاص، والثاني حالة الإحباط والصدمة التي انتابت اللبنانيّين بعد انتفاضة 17 تشرين، بعدما رأى قسم كبير منهم أنّ من شاركوا فيها يعملون لدى السلطة.

ويتطرّق عبد الله في معرض حديثه عن الأسباب المحتملة للمقاطعة، إلى الوضع المعيشي القاتم، إذ لم يعد المواطن يبالي بمن سيفوز في الانتخابات، فضلاً عن التشكيك المستمرّ بإمكان عدم حصولها.

وإذ يلفت إلى أن انتفاضة 17 تشرين الأول/ أكتوبر 2019 كانت محطة مضيئة في تاريخ البلد، يشرح أنه كان طبيعياً ألا تُحدث الفعل الذي يجب أن تحدثه، لأن قوى التغيير التي يُفترض أن يعوَّل عليها لاستغلال لحظة الانتفاضة لدى الناس، كانت ضعيفة جداً، وكانت مصابة بعجز هائل.

ويعتبر أنه يمكن قراءة وضع الانتخابات انطلاقاً من الوضع الذي آلت إليه انتفاضة 17 تشرين، فقد كان لافتاً خلالها رفض أن يكون هناك قائد لها، في حين أنه كان هناك قائد مستتر متمثل بقوى السلطة وقوى الثورة المضادة والإعلام، لافتاً إلى "أننا وصلنا إلى الانتخابات وإلى تشتت اللوائح وهذا ليس عبثياً، لأنه لم يكن هناك برنامج تغيير جدي مُدار من قبل قوى معروفة بقدرتها التغييرية والإدارية"، ويرى أنه كانت هناك شرذمة مفتعلة لقوى الانتفاضة من ناحية، ومن ناحية أخرى، فإنّ الناس الجديّين فيها كانوا حديثي الخبرة في ممارسة أشكال الاعتراض، وهذا أحد الأسباب التي تدفع الناس لإعادة انتخاب أحزاب السلطة.

يعارض الناشط السياسي أدهم حسنية، المنسحب من السباق الانتخابي، حديث عبد الله، معتبراً أنّ وجود عدد كبير من لوائح المعارضة في الدائرة الواحدة هو انعكاس لواقع المعارضة، ويجب التعاطي معه كواقع سياسي أكثر من النظر إليه كتشتت لهذه القوى، مشيراً إلى أن وجود قوى تغييرية في أكثر من لائحة يعكس عدم وحدة في الرؤية السياسية بينها، لا تشتتاً.

وإذ يشدد حسنية على أن المتغيّر الأبرز بعد انتخابات 2018 هو انتفاضة 17 تشرين، يستطرد: "لا أقول إنها ستكون عصا سحرية في انتخابات 2022 لقوى التغيير، لكنها متغيّر سيُترجم في 15 مايو، وسنرى مدى أثر الانتفاضة فعلياً بخلق جو عام منتفض على الخيارات السياسية التقليدية"، على الرغم من تأكيده أن نتائجها غير معروفة، إذ يمكن أن تكون سلبية على قوى التغيير عبر إحجام الناس عن التصويت أو العودة للقوى التقليدية التي تستغل الأزمة لتكريس زبائنية معينة، أو إيجابية بالانتفاض على نظام لم يعد يلبّي حاجات المواطنين.

ويعتبر حسنية أن التحدي الأكبر هو المال الانتخابي الذي يتم دفعه بشكل كبير من أحزاب النظام، بالإضافة إلى المعارضة التي خلقتها أحزاب السلطة التي استطاعت اختراق بعض الأحزاب والمجموعات التغييرية، وتطعيم لوائح بأسماء حزبية، أو خلق لوائح إضافية لتشتيت الأصوات.

في المقابل، لا يخفى تخوّف ناخبين في بعض المناطق من اختيار مرشحين خارج الاصطفافات التقليدية، بسبب سيطرة الأحزاب فيها. وإذ يعتبر عبد الله أن ثمة مبالغة في هذا الموضوع، لأن لكلّ منطقة نمطها في كبت الحريات، يؤكد أن القمع يمارَس بطريقة مباشرة وغير مباشرة، إذ إنّ البلد طائفي سياسياً، والطوائف تمارس قبضتها على المواطنين بآليات مختلفة ومتعددة، عبر الإعلام، والتخوين، والتوظيفات، والولاءات لجهات خارجية.

ولا يقتصر احتمال أن تعيد السلطة التجديد لنفسها في هذه الدورة الانتخابيّة اعتماداً على تشتّت القوى المعارِضة في لوائح عدة، وخيبة أمل اللبنانيّين بعد انتفاضة 17 تشرين، إذ إن الفساد الذي ينخر الدولة اللبنانية "مفتعل من قبل السلطة"، بحسب عبد الله، ليكون المواطن تابعاً لها بشكل أو بآخر، موضحاً أنّ التقصير في تطبيق القوانين ليس عجزاً، بقدر ما هو أمر مقصود، مشيراً إلى أنه بسبب غياب دولة القانون، يصبح المواطنون بحاجة للارتباط بزعيم معيّن لتأمين حاجاتهم.

ويتحدث أيضاً عن أن الدولة نجحت منذ التسعينيات ولغاية اليوم في القضاء على النقابات، والتي تُعتبر أحد أماكن تشكيل الوعي التي تتيح للإنسان تحديد خياراته وفق مصالحه الفعلية وليس ارتباطاته بهذا الزعيم أو ذاك.

وفي سياق آخر، يتطرّق عبد الله إلى قانون الانتخاب، مشيراً إلى أن السلطة هي التي تضعه لإعادة تجديد نفسها، ومن يمسك بزمام السلطة لا يفرّط بها، مشيراً إلى أن هذا الأمر له في لبنان حيثية خاصة، فأولاً هناك إشكالية الاقتراع في مكان القيد وليس مكان الإقامة، وهذا تنتج عنه ارتباطات معينة للحصول على خدمات، بالإضافة إلى موضوع سنّ الاقتراع، الذي يدّعي أهل السلطة أنهم يريدون تخفيضه إلى 18 عاماً، وهذا ادعاء كاذب ومفتعل، لأن الشباب في هذا العمر لديهم نوع من التمرّد على أولياء الأمور والتقليد.

ذات صلة

الصورة

سياسة

أعلن وزير الأمن الإسرائيلي يوآف غالانت، اليوم الأربعاء، أن جيش الاحتلال الإسرائيلي يقوم بـ"عملية هجومية" في جنوبيّ لبنان بأكمله.
الصورة
بات شغوفاً بعمله (العربي الجديد)

مجتمع

أراد ابن جنوب لبنان محمد نعمان نصيف التغلب على الوجع الذي سببته قذائف وشظايا العدو الإسرائيلي على مدى أعوام طويلة فحولها إلى تحف فنية.
الصورة
وقفة تضامن مع جنوب أفريقيا في لبنان 1 (سارة مطر)

مجتمع

على وقع هتافات مناصرة للقضية الفلسطينية ومندّدة بحرب الإبادة التي تشنّها قوات الاحتلال الإسرائيلي على غزة، كانت وقفة أمام قنصلية جنوب أفريقيا في بيروت.
الصورة
تضررت مخيمات النازحين السوريين في لبنان من الأمطار الغزيرة (فيسبوك/الدفاع المدني)

مجتمع

أغرقت الأمطار التي يشهدها لبنان والتي اشتدت أول من أمس (السبت)، العديد من مخيمات اللاجئين السوريين في لبنان، لا سيما تلك الواقعة في المناطق المنخفضة.