لجنة التحقيق الإسرائيلية بشأن "نفق الحرية" تقدم تقريرها إلى بن غفير

لجنة التحقيق الإسرائيلية بشأن "نفق الحرية" تقدم تقريرها إلى بن غفير

17 مايو 2023
تأجل موعد تقديم التقرير مرات عدة بسبب عدد الشهود الذين خضعوا للاستجواب (فرانس برس)
+ الخط -

قدّمت لجنة التحقيق الإسرائيلية في فرار ستة أسرى فلسطينيين من سجن جلبوع عام 2021 في عملية "نفق الحرية"، استنتاجاتها النهائية، مساء اليوم الأربعاء، إلى وزير "الأمن القومي" إيتمار بن غفير وسلطة السجون، بشأن الإخفاقات التي مكّنت الأسرى من الهرب، موضحة أن هناك "إخفاقات ونواقص في عمل سلطة السجون في جميع المجالات الأساسية التي تتعامل مع السجناء الأمنيين".

وانتقد أعضاء اللجنة في تقريرهم  كبار المسؤولين في سلطة السجون، وعلى رأسهم المفوضة كيتي بيري، لكنهم لم يوصوا بعزلهم، كما توقعت بعض المصادر. في المقابل، رأت اللجنة أنه يتوجب على قائد لواء الشمال في الشرطة أريك يعقوب، إنهاء عمله حتى نهاية شهر سبتمبر/أيلول، وعدم تقلّد أي منصب قيادي في المجال العملياتي.

وسبق أن تلقى المسؤولون تحذيراً من اللجنة، قبل بضعة أشهر، بأنهم قد "يتضررون" جراء استنتاجاتها وتوصياتها. 

والأسرى الستة الذين حفروا نفقاً تحت سجن جلبوع وتمكنوا من انتزاع حريتهم في ليلة 6 سبتمبر/ أيلول من سنة 2021، هم: محمود عارضة، أيهم كممجي، محمد عارضة، يعقوب قادري، زكريا الزبيدي ومناضل انفيعات، قبل أن تعيد سلطات الاحتلال اعتقالهم.

وكانت صحيفة "هآرتس" قد نقلت عن مصدرين مطلعين على عمل اللجنة، لم تُسمّهما، في تقرير نشرته اليوم الأربعاء، أن التقرير ينتقد بشدة الوضع في السجن، وكذلك كبار المسؤولين في سلطة السجون، مع التركيز على نظام استخباراتها، لكنه لن يوصي بإقالة بيري.

وقدّرت المصادر أن اللجنة ستشير إلى استنتاجات شخصية ضد قائد السجن السابق بن شيطريت الذي استقال من سلطة السجون وخرج للتقاعد بعد عملية "نفق الحرية"، بالإضافة إلى استنتاجات ضد قائد منطقة الشمال.

وسيكون السؤال بشأن إمكانية استمرار بيري في منصبها أحد الأسئلة المركزية في التقرير، وتحديداً لجهة ما إذا كان أعضاء اللجنة سيوصون باستبعادها أم سيكتفون بالتوصية بعدم تمديد ولايتها التي من المنتظر أن تنتهي رسمياً في يناير/ كانون الثاني من العام المقبل.

يذكر أن بن غفير غير ملزم بقبول توصيات اللجنة التي عيّن أعضاءها سلفه في المنصب عومر بارليف. وبحسب قانون الحكومة، يتوجب على اللجنة أن ترفع التقرير الذي يلخّص أنشطتها إلى الوزير، وبدوره سيكون ملزماً بعرض التقرير على الحكومة.

ونقلت الصحيفة عن مصادر مطّلعة على الجانب القانوني قولها إنه في حال أوصت اللجنة بإقالة بيري فإن بن غفير سيتبنى التوصية. أما إذا قرر إبقاءها في منصبها على الرغم من وجود توصية باستبعادها، فقد تُحسم المسألة في المحكمة العليا.

وذكرت الصحيفة أن احتمالات إقدام بن غفير على إقالة بيري من منصبها كبيرة، إذ يتيح له ذلك تعيين مفوض جديد من طرفه يساهم في تطبيق مخططاته لتشديد الإجراءات بحق عموم الأسرى الفلسطينيين.

وقد تدخل في حسابات بن غفير إذا ما قرر استبعاد بيري علاقته المتوترة بها، عقب المفاوضات التي أجرتها مع الأسرى قبيل شهر رمضان الماضي، بهدف منع إضرابات واسعة عن الطعام في السجون. ونجحت المفاوضات حينها في الحيلولة دون اتخاذ خطوات تصعيدية من قبل الأسرى. 

وشارك في المفاوضات في حينه كبار المسؤولين في سلطة السجون وممثلون عن جهاز الأمن العام "الشاباك" ومجلس الأمن القومي، فيما لم يُشرك بن غفير بالأمر، وأبُلغ فقط بالتسهيلات التي انتزعها الأسرى مقابل عدم الشروع في الإضراب، في الوقت الذي كان هو يطالب بتضييق الخناق عليهم.

وبدأ العمل على التقرير في نوفمبر/ تشرين الثاني من عام 2021، ويُقدّم اليوم بتأخير كبير، إذ كانت تقديرات العاملين عليه تشير إلى إنهائه حتى نهاية 2022، لكن تأجل الموعد مرات عدة، وذلك بسبب عدد الشهود الكبير الذين خضعوا للاستجواب، إلى جانب مراجعة عشرات آلاف المستندات.

وجاء في رسالة التحذير التي تلقتها المفوضة بيري من اللجنة في شهر مارس/ آذار من العام السابق أنها قد "تتضرر" من الاستنتاجات، في حال رأت اللجنة أنها لم تحرص على توفّر معلومات استخباراتية كافية لمنع هرب الأسرى وأنها لم تعمل على النحو المطلوب من أجل ملاءمة نشاطات سلطة السجون على النحو الذي يمنع عمليات الهرب، وفي حال تبيّن أنها لم تمارس رقابة كافية على عمل الضباط في المنظمة بهذا الجانب.

يشار هنا إلى أن عملية "نفق الحرية" التي شكّلت أحد أكبر الإخفاقات في مسيرة سلطة السجون، جاءت بعد تسعة شهور من تولي المفوضة بيري مهامها. وزعمت بيري أمام اللجنة بأن الوقت القصير الذي أمضته في منصبها قبل هروب الأسرى لم يمكّنها من معالجة مشكلات سلطة السجون التي كانت قبل ذلك بلا مفوّض ثابت لمدة عامين. 

في المقابل، أجمع أعضاء اللجنة على أن بيري أحدثت قفزة تكنولوجية كبيرة في وسائل الأمان في المنظمة، الأمر الذي يلعب لصالحها. 

وكشفت عملية ومداولات اللجنة عن صورة الوضع في السجن، بما في ذلك العديد من الإخفاقات الأمنية والاستخباراتية والصراعات بين كبار المسؤولين فيه.

في شهادتها أمام اللجنة، حمّلت بيري القائد السابق لسجن جلبوع بن شيطريت مسؤولية وضع اثنين من الأسرى الستة في نفس الزنزانة، رغم تصنيفهم في فئة الأسرى ذوي احتمالات الهروب الكبيرة.

وكان بن شيطريت قد استقال بعد عملية الهروب، لرفضه الامتثال لأوامر قائده، قائد لواء الشمال يعقوب أريك يعقوب، والذي من المتوقع أن توصي اللجنة بإقالته من منصبه أيضاً. كذلك، من المتوقع أن يوجه التقرير انتقاداً شديد اللهجة إلى موني بيتان المسؤول عن نظام الأمن في السجن ونظام الاستخبارات في سلطة السجون.