ماذا تخفي الزيارات الإيطالية إلى تونس؟

ماذا تخفي الزيارات الإيطالية إلى تونس؟

02 مايو 2024
سعيّد وميلوني في تونس، إبريل الماضي (رويترز)
+ الخط -
اظهر الملخص
- الزيارات الإيطالية لتونس بقيادة جورجيا ميلوني تهدف لتعزيز التعاون في مجالات الطاقة، التعليم، ومكافحة الهجرة غير النظامية، مع التأكيد على أهمية العلاقات الثنائية لاستقرار منطقة البحر الأبيض المتوسط.
- توفير مساعدات مالية وخطوط ائتمان للشركات التونسية، والتعاون في الدفاع والأمن البحري والبري، بما في ذلك مشاريع للعودة الطوعية للمهاجرين، تعكس رغبة مشتركة في دعم تونس واحترام حقوق الإنسان.
- تعزيز العلاقات الثقافية والحضارية بين البلدين من خلال لقاءات بين المسؤولين، مؤكدة على الصداقة المتبادلة والدعم الإيطالي لتونس في المحافل الدولية، مما يسهم في تقوية العلاقات الثنائية ودعم التنمية.

تطرح الزيارات الإيطالية إلى تونس في الفترة الأخيرة أسئلة كثيرة عن خلفياتها الحقيقية، كما أنها تثير حفيظة المنظمات الحقوقية وخشيتها من إبرام اتفاقات بين البلدين لا تراعي حقوق المهاجرين.

وتتالت زيارات رئيسة الحكومة الإيطالية جورجيا ميلوني إلى تونس ولقاءاتها بالرئيس قيس سعيّد، وآخرها في 17 إبريل/ نيسان الماضي. واعتبر كثيرون أن هناك توافقاً وتقارباً بين الطرفين، بدليل استماتة المسؤولة الإيطالية في الدفاع عن تونس بكل شراسة في المحافل الدولية.

ماتيو بيانتيدوسي: نعمل على تقاسم مشاريع تُركز على العودة الطوعية المدعومة للمهاجرين

ورافق ميلوني في زيارتها وفد رفيع المستوى يضم عدداً من الوزراء، أبرزهم وزير الداخلية ماتيو بيانتيدوسي. وتم التوقيع على اتفاق بشأن الدعم المباشر لميزانية الدولة التونسية، يقضي بتوفير 50 مليون يورو لدعم كفاءة الطاقة والطاقة المتجددة، وخط ائتماني بقيمة 55 مليون يورو للشركات التونسية الصغرى والمتوسطة، ومذكرة تفاهم بين وزارة التعليم والجامعات والبحث الإيطالية ووزارة التعليم العالي والبحث العلمي التونسية لتوفير إطار التعاون في هذا المجال بين البلدين. وبعد هذه الزيارة، حل وزير الدفاع الإيطالي غويدو كروساتو ضيفاً على نظيره التونسي عماد مميش، في إطار أعمال اجتماع اللجنة العسكرية المشتركة التونسية الإيطالية في 25 إبريل الماضي.

التعاون بين تونس وإيطاليا أولوية

وأكد كروساتو، وقتها، أن "التعاون بين إيطاليا وتونس أولوية، وأنه جزء من العمل الذي تنفذه إيطاليا في إطار خطة ماتي لبناء تعاون على قدم المساواة والاحترام مع دول القارة الأفريقية". وتسعى الحكومة الإيطالية عبر "خطة ماتي"، التي تتضمن استثمارات بمليارات الدولارات، لتوسيع نفوذها في الدول الأفريقية ومكافحة الهجرة غير النظامية. وأضاف كروساتو، في تغريدة على منصة إكس، أن "العلاقة مع تونس ترتكز على تطوير المصالح المشتركة، والتي ستقودنا نتائجها إلى تعزيز التآزر في قطاع الدفاع، وستقدم مساهمة مهمة في أمن واستقرار البحر الأبيض المتوسط، وهو أمر أساسي لأوروبا بأكملها".

وفي إطار الزيارات الإيطالية إلى تونس فإن سعيّد استقبل، السبت الماضي، وزير الثقافة الإيطالي جينارو سانغيوليانو. ونوّه سعيّد بالروابط الحضارية العريقة التي تجمع تونس بإيطاليا، مؤكداً على أن العلاقات الثنائية أوسع وأشمل من المقاربات التقليدية.

وزارت رئيسة لجنة الخارجية والهجرة بمجلس الشيوخ الإيطالي ستيفانيا كراكسي تونس الثلاثاء الماضي. وتُعرف كراكسي بدعمها الكبير لإسرائيل، وهو موقف متناسق مع مواقف ميلوني، الداعمة لإسرائيل أيضاً. وكانت كراكسي قد دافعت بقوة عن تونس خلال زيارتها لواشنطن في سبتمبر/ أيلول الماضي. وقالت، وقتها، إن "موقف الولايات المتحدة بشأن تونس لا يزال صعباً للغاية، وفي الوقت الحالي لا يوجد مخرج".

وقالت كراكسي في تونس، الثلاثاء الماضي: "لقد التقيت برئيس مجلس نواب الشعب إبراهيم بودربالة ورؤساء لجان الشؤون الخارجية والدفاع والسياحة، وسارت المحادثات بشكل جيد للغاية، وكانت وسيلة لتأكيد مشاعر الصداقة المتبادلة التي نزرعها بطاقة متجددة". وأوضحت كراكسي، عضو مجلس الشيوخ عن حزب فورزا إيطاليا، في تصريحات لوكالة نوفا الإيطالية، أنه "لدينا مصلحة في وجود مكان متوسطي للسلام والتنمية والتقدم يكون مثالاً للقاء الثقافات وليس فريسة لصدام الحضارات". وأضافت: "إذا كانت تونس تمثل أولوية بالنسبة لإيطاليا في سياق خطة ماتي لأفريقيا، فإن تونس تعول كثيراً على صداقة إيطاليا وعلى دعم بلادنا في أوروبا لتونس، وعلى المساعي الحميدة التي تبذلها إيطاليا في هذا الصدد. وأؤكد أن علاقة الصداقة الكبيرة والولاء المتبادل كانت عبارة عن تبادل صريح وأخوي حول قضايا مثل التنمية، ولكن أيضاً الحرب في الشرق الأوسط".

مجدي الكرباعي: تعكس الزيارات اهتمام المسؤولين الإيطاليين بملف الهجرة في المرتبة الأولى

وقال بيانتيدوسي، في مقابلة مع صحيفة "لا ستامبا"، نشرت الاثنين الماضي، إن فكرة إقامة نقطة ساخنة لاستقبال المهاجرين في تونس "يجب استبعادها تماماً، كونها لا داعي لها". وأضاف: "نحن نعمل على تقاسم مشاريع تُركز على العودة الطوعية المدعومة للمهاجرين"، والتي "إذا نجحت، ستؤدي إلى تخفيف الضغط على الأراضي التونسية أيضاً، مع احترام الحقوق الأساسية للأشخاص". وتوقع أن "يؤدي تزايد التعاون مع بلدان المغادرة والعبور إلى نتائج ذات أهمية"، مشيراً إلى أنه "من المقرر أن يتم التخطيط لمرحلة أخرى لهذا التعاون في الأيام القليلة المقبلة، إذ سألتقي زملائي من الجزائر وليبيا وتونس بوزارة الداخلية في اجتماع مهم".

تواتر الزيارات الإيطالية إلى تونس

وقال الناشط السياسي التونسي المقيم في إيطاليا، عضو مجلس النواب السابق عن دائرة إيطاليا مجدي الكرباعي، لـ"العربي الجديد"، إن الزيارات الإيطالية إلى تونس عبر مسؤولين في مواقع قرار متعددة تواترت خلال الأشهر الماضية، ومن أبرزها ميلوني التي زارت تونس أربع مرات في ظرف أشهر، وهو عدد قياسي لزيارات مسؤول خارجي لتونس. وأكد الكرباعي أن "هذه الزيارات بدأت منذ تولي حكومة ميلوني اليمينية السلطة (في أكتوبر/ تشرين الأول 2022)، وذلك على مستوى وزارة الداخلية ثم الدفاع، وبعد ذلك تلتها زيارات ميلوني".

واعتبر أن الزيارات الإيطالية إلى تونس التي لا تتوقف "تعكس اهتمام المسؤولين الإيطاليين من مواقع مختلفة الكبير بملف الهجرة في المرتبة الأولى، ثم أيضاً المصالح الاقتصادية المشتركة بين البلدين، ولا سيما ملف الطاقة، وبالأساس مشروع ألماد (الربط الكهربائي بين البلدين)، الذي سيوفر لإيطاليا مصدراً مهماً للطاقة بعد استكمال المشروع المقدر قيمته بنحو 900 مليون يورو".

وأشار الكرباعي إلى أن "وزير الدفاع الإيطالي غويدو كروساتو أثار أيضاً خلال زيارته إلى تونس ملف الأمن البحري والبري للبلاد، التي يعتبرها الإيطاليون بوابة أفريقيا ومنطقة عبور رئيسية نحو السواحل الإيطالية". وتابع: "تنوي إيطاليا، بحسب تصريحات وزير دفاعها، تنفيذ 38 عملية عسكرية مشتركة مع تونس لحماية الحدود، وهو ما يؤكد أن أمن البلد الواقع في جنوب المتوسط مسألة استراتيجية بالنسبة إليهم ". واعتبر أن "الاهتمام الإيطالي بتونس مرده أيضاً إلى التقارب السياسي الكبير بين حكومة ميلوني اليمينية وسلطة قيس سعيّد".

المساهمون