منظمة "العفو" ترصد انتهاكات داخل سجون "قسد" في سورية

منظمة "العفو" ترصد انتهاكات داخل سجون "قسد" في سورية

17 ابريل 2024
أمنستي: عشرات الآلاف من محتجزين تعسفياً في سجون قسد (فرانس برس)
+ الخط -

أصدرت منظمة العفو الدولية، اليوم الأربعاء، تقريراً جديداً يكشف عن انتهاكات مروّعة يتعرّض لها المعتقلون في مخيمات "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد) شمال شرقي سورية، حيث يموت عدد كبير منهم جراء الظروف غير الإنسانية التي يُعتقلون فيها. فيما طالب الائتلاف الوطني السوري المعارض بمحاسبة النظام السوري وشركائه على مئات الجرائم الوحشية التي ارتكبوها ضد الشعب السوري، وذلك في الذكرى الـ 11 لمجزرة التضامن، المعروفة بـ"مجزرة الحفرة".

ووفقاً لتقرير "أمنستي" الذي حمل عنوان "في أعقاب هزيمة تنظيم الدولة الإسلامية: ظلم وتعذيب وموت أثناء الاحتجاز في شمال شرق سورية"، صدر اليوم، فإن "الإدارة الذاتية" (الكردية) تتحمل المسؤولية عن انتهاكات واسعة النطاق بحق أكثر من 56 ألف شخص محتجز في سجونها، بما في ذلك 11.5 ألف رجل و14.5 ألف امرأة و30 ألف طفل، محتجزين في 27 منشأة ومخيمي احتجاز هما الهول وروج".

واتهم التقرير الولايات المتحدة وبريطانيا بالتواطؤ في معظم جوانب منظومة الاحتجاز، مشيراً إلى أن هناك عشرات الآلاف من الأشخاص محتجزين تعسفياً وبدون محاكمة بعد مرور خمس سنوات على هزيمة تنظيم الدولة، ويتعرض العديد منهم للتعذيب والاختفاء القسري. ويعيش المعتقلون في ظروف غير إنسانية، حيث يتعرضون للتعذيب بما في ذلك الضرب المبرح، والأوضاع المجهدة، والصدمات الكهربائية، والعنف القائم على النوع الاجتماعي، بالإضافة إلى فصل النساء بشكل غير قانوني عن أطفالهن.

وأفاد التقرير بوجود ضحايا من بين المحتجزين يعودون لتنظيم داعش، بمن فيهم مئات الأيزيديين ونساء وفتيات أخريات كن ضحايا زواج قسري وتجنيد الأطفال من قبل التنظيم. والسجناء، الذين يشملون سوريين وعراقيين في المقام الأول، بالإضافة إلى مواطنين أجانب من أكثر من 74 دولة، جرى احتجازهم في "مراكز الاحتجاز"، أو مخيمات الاحتجاز، بعد معارك مع داعش في بداية عام 2019.

وأكدت الأمينة العامة لمنظمة العفو الدولية، أنييس كالامارد، أن "سلطات الإدارة الذاتية ارتكبت جرائم حرب بما في ذلك التعذيب والمعاملة القاسية، ومن المحتمل أن تكون قد ارتكبت جريمة حرب بالقتل"، مشيرة إلى أن الأطفال والنساء والرجال يتعرضون للقسوة والعنف في معسكرات الاحتجاز. وأشارت إلى أن "هذا النظام السجني ينتهك حقوق الأشخاص الذين يُعتقد أنهم ينتمون إلى تنظيم داعش، ويفتقر إلى تحقيق العدالة والمساءلة للضحايا والناجين من جرائم التنظيم". وبالرغم من أن تهديد داعش مستمر في جميع أنحاء العالم، فإن الانتهاكات المستمرة شمال شرقي سورية تزيد من المظالم وتعزز الظلم المنهجي لجيل من الأطفال.

منظمة العفو الدولية حثّت "الإدارة الذاتية" وأعضاء "التحالف الدولي"، الذي تقوده الولايات المتحدة والأمم المتحدة، على التدخل لوقف انتهاكات حقوق الإنسان في مخيمات شمال شرقي سورية. لكنها أكدت أيضاً أن الولايات المتحدة والمملكة المتحدة متواطئتان في جوانب كثيرة من نظام الاعتقال، واحتجاز آلاف الأشخاص، بما في ذلك مواطنون بريطانيون وأجانب آخرون، في ظل ظروف مروعة تتسم بانتشار المرض والتعذيب والوفاة.

وأكدت كالامارد أن الولايات المتحدة لعبت دوراً مركزياً في إنشاء وصيانة هذا النظام السجني، الذي توفي فيه مئات الأشخاص، وأنه يجب عليها المساهمة في تغيير هذا الوضع. وأشارت إلى أن "التحالف الدولي" بقيادة الولايات المتحدة والمجتمع الدولي بشكل عام، خذل ضحايا جرائم تنظيم داعش وأهاليهم، الذين لا يزالون ينتظرون تحقيق العدالة.

ووفقاً للتقرير، أجرى محققو منظمة العفو الدولية زيارات متعددة إلى مناطق شمال شرق سورية، وأجروا مقابلات مع المحتجزين، بهدف إعداد التقرير، وعرضوا نتائج هذه الزيارات على السلطات المحلية التي تحدثت عن الظروف الصعبة التي تواجهها، ووجهت اللوم للشركاء الدوليين على تقاعسهم عن الوفاء بالتزاماتهم القانونية والأخلاقية. بدورها، أشارت الخارجية الأميركية في ردها إلى جهود الولايات المتحدة في معالجة التحديات الإنسانية والأمنية في المنطقة، وحثت جميع الأطراف في سورية، بما في ذلك "قوات سوريا الديمقراطية"، على احترام حقوق الإنسان.

مجزرة التضامن: نداء للعدالة

وفي الذكرى الحادية عشرة لمجزرة التضامن، جدد "الائتلاف الوطني السوري" المعارض دعوته إلى محاسبة النظام السوري وشركائه على الجرائم الوحشية التي ارتكبوها ضد الشعب السوري. رئيس الائتلاف، هادي البحرة، أكد أن مجزرة حي التضامن في دمشق تعد إحدى أبشع جرائم الإعدام الميداني، مشيراً إلى ضرورة تحقيق العدالة ومحاسبة الجناة. ودعا "المجتمع الدولي للوفاء بالتزاماته القانونية والأخلاقية، وضمان تنفيذ قرارات مجلس الأمن، بما يتيح الحل السياسي المستدام".

وكشفت مقاطع فيديو في إبريل/ نيسان 2022، نشرتها صحيفة "ذا غارديان" البريطانية عن مجزرة ارتكبتها قوات النظام السوري في حي التضامن جنوبي دمشق، يوم 16 إبريل 2013، أدّت إلى مقتل 41 مدنياً، وإحراق جثثهم ودفنهم في مقبرة جماعية. ويُظهر مقطع فيديو عنصراً من أجهزة النظام الأمنية يدعى أمجد يوسف، يقتاد المدنيين ويطلق النار عليهم، قبل أن يلقيهم في حفرة أعدت لدفن جثثهم وإحراقها. وفرضت الولايات المتحدة وبريطانيا والاتحاد الأوروبي عقوبات على أمجد يوسف ومسؤولين آخرين في جيش النظام السوري، في إطار إجراءات محاسبة النظام السوري.

مباحثات أمنية في دمشق

إلى ذلك، يخوض وفد أمني عراقي محادثات في دمشق مع المسؤولين السوريين لتعزيز التعاون في مكافحة المخدرات، في وقت تنطلق فيه أعمال اللجنة القضائية السورية العراقية الإيرانية المشتركة. ووفقاً لصحيفة "الوطن" المقربة من النظام السوري، وصل وفد أمني عراقي، برئاسة اللواء أحمد الزركاني إلى دمشق، لمناقشة تعزيز التعاون بين البلدين في مكافحة المخدرات. ومن المقرر أن يلتقي الوفد العراقي وزير داخلية النظام السوري اللواء محمد الرحمون لوضع الخطط اللازمة لتعميق التعاون الأمني بين البلدين.

يأتي ذلك بعد مباحثات مماثلة جرت في يوليو/ تموز من العام الماضي بين وزيري خارجية البلدين، حيث ناقشوا سبل مكافحة تهريب المخدرات عبر الحدود المشتركة. وفي وقت يتزامن مع زيارة الوفد العراقي، صادق مجلس النواب الأميركي على قانون الكبتاغون 2، الذي يفرض عقوبات على النظام السوري، بسبب تصنيع وترويج وتهريب المخدرات، مع التركيز بشكل خاص على عقار الكبتاغون.

من جهتها، بدأت في دمشق أعمال اللجنة القضائية السورية - العراقية - الإيرانية المشتركة، حيث تسعى الاجتماعات إلى وضع صيغة نهائية لمذكرة تفاهم قضائية مشتركة تهدف إلى مكافحة الإرهاب وضمان حقوق الضحايا في المحاكم الوطنية والدولية.

وفي تصريحات أدلى بها رئيس الهيئة القضائية العراقية، ليث جبر حمزة، أكد أهمية التعاون القضائي والقانوني لمكافحة الإرهاب، ومحاسبة مرتكبي الجرائم. وتوضح القضية العراقية في دمشق أن هذه اللجنة بدأت أعمالها عام 2021 بناءً على مذكرة عمل بين مجلس القضاء العراقي والسلطة القضائية في إيران، وتعد هذه الزيارة هي الثالثة للجنة، حيث عقدت الاجتماعات الأولى في بغداد والثانية في طهران.

المساهمون