"واشنطن بوست": الحرب في السودان تهدد بصراعات داخل الدول المجاورة

"واشنطن بوست": الحرب في السودان تهدد بإشعال صراعات داخل الدول المجاورة

28 ابريل 2023
يقع السودان على حدود سبع دول واجهت كل منها حرباً أو اضطرابات (أسوشييتد برس)
+ الخط -

ترجح تقديرات أن حالة الصراع المسلح العنيف في السودان قد تمتد إلى ما هو أبعد من حدود البلد الآخذة أوضاعه بالتدهور يوما بعد يوم في ظل استمرار القتال وتراجع آمال احتواء الأزمة.

وقالت صحيفة "واشنطن بوست" في تقرير لها عن ارتدادات الحرب على الدول المحيطة، إن القتال في السودان منذ ما يقرب من أسبوعين يهدد بإشعال المزيد من الصراعات داخل حدود جيرانه.

ويقع السودان على حدود سبع دول، هي: مصر وجنوب السودان وتشاد وجمهورية أفريقيا الوسطى وليبيا وإثيوبيا وإريتريا. ووفقاً للصحيفة، واجهت كل منها حربًا أو اضطرابات مدنية عنيفة أو اضطرابات سياسية في السنوات الأخيرة. 

وحذر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس من "حريق كارثي" قد يستهلك المنطقة، في ظل تضاؤل الآمال في التوصل إلى حل سريع في السودان مع فشل كل وقف لإطلاق النار. 

وقالت "واشنطن بوست" إن مخاطر حدوث تداعيات إقليمية عالية، بالنظر إلى الأهمية الجيوستراتيجية للسودان عند تقاطع المحيط الهندي والقرن الأفريقي والعالم العربي. 

وأضافت أن جيران السودان من سبع جهات يراقبون بقلق، حيث يمر نهر النيل وخطوط أنابيب النفط عبر الدولة الغنية بالمعادن.

مخاوف مصر

وأوضحت الصحيفة أنه من جهة الشمال، تعتمد مصر على السودان كحصن ضد الاضطرابات السياسية وشريك في النزاعات الإقليمية على المياه، مضيفة أن "مصر على صلة وثيقة بالجنرال عبد الفتاح البرهان، قائد الجيش السوداني ورئيس الدولة بحكم الأمر الواقع".

وبينما تتفق كل من مصر والسودان على موقف واحد بأن السد الذي بنته إثيوبيا يهدد إمدادات المياه في البلدين، فإن أي صدع بين القاهرة والخرطوم يمكن أن يعرض للخطر جهود التوصل إلى اتفاق لتقاسم المياه مع أديس أبابا، كما أوردت الصحيفة.

وأشارت الصحيفة إلى تشابه مصير ثورتي السودان ومصر، حيث انقلب الجيش على الحكم وقطع الطريق نحو نظام مدني.

تدفق اللاجئين إلى جنوب السودان

على الجانب الآخر من السودان، يتدفق في الأيام الأخيرة الآلاف من لاجئي جنوب السودان عبر الحدود التي يبلغ طولها 1200 ميل بين الدولتين المتحاربتين، في رحلة عودة إلى جنوب السودان، وفقا للصحيفة.

وقالت الصحيفة إن جنوب السودان المنهكة من الحرب -إحدى أفقر دول العالم- غير مجهزة لاستيعاب اللاجئين السودانيين أو المغتربين العائدين، لافتة إلى أن حوالي 12 مليون شخص يعيشون في جنوب السودان، حوالي مليونين منهم نازحون داخليًا ويعتمد 75 في المائة منهم على المساعدات الإنسانية، وفقًا لممثلة وكالة الأمم المتحدة للاجئين في البلاد ماري هيلين فيرني. فيما حوالي 2.3 مليون جنوب سوداني هم لاجئون في بلدان أخرى في المنطقة.

وذكرت الصحيفة أن التدفق المفاجئ للعديد من السودانيين إلى جنوب السودان في الأيام الأخيرة يهدد بإعادة إشعال الصراع والمنافسة على الموارد الشحيحة في الدولة الفتية التي شهدت حربا أهلية في عام 2013، أججتها الانقسامات العرقية.

وقالت الصحيفة إن شمال "جنوب السودان" يعتمد اقتصاديًا على السودان، وقد تسبب القتال في تعطيل إمدادات المواد الغذائية والسلع الأساسية، في حين قالت فيرني إن خطة الاستجابة الإنسانية الدولية لجنوب السودان تلقت أقل من ربع التمويل الذي تتطلبه.

تشاد غربا

على الجانب الغربي من السودان، تقدر الأمم المتحدة أن حوالي 100 ألف سوداني سيفرون عبر الحدود إلى تشاد، الحليف الإقليمي الرئيسي للولايات المتحدة، حسب الصحيفة.

وتقول الأمم المتحدة إن نحو 20 ألف شخص عبروا الحدود إلى تشاد من منطقة دارفور، في حين كانت تشاد تستضيف حوالي 400 ألف لاجئ سوداني نزحوا بسبب النزاعات السابقة وأقاموا في مخيمات حدودية.

ولفتت الصحيفة إلى أن القتال في السودان وما ينتج عنه من فراغ في السلطة قد يؤدي إلى تأجيج عدم الاستقرار السياسي في تشاد. 

وأشارت إلى أن تشاد لديها تاريخ من الاشتباكات مع المليشيات القبلية السودانية الموالية للحكومة والمعروفة باسم "الجنجويد"، والتي جرت هيكلتها في ما بعد وتحولت إلى قوات الدعم السريع.

وفي العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، قام الجنجويد، بتوجيه من الرئيس السوداني المخلوع عمر البشير، بإرهاب منطقة دارفور في السودان وشن غارات عبر الحدود على اللاجئين السودانيين في تشاد. واتهمت تشاد الخرطوم بدعم المتمردين التشاديين في حينه.

وحسب الصحيفة، تخشى تشاد من الوقوع في حروب إقليمية وحروب بالوكالة، إذ أشارت وثائق استخبارات أميركية مسربة أخيرًا، إلى جهود تبذلها مجموعة "فاغنر" شبه العسكرية الروسية لتجنيد المتمردين التشاديين وتدريبهم في جمهورية أفريقيا الوسطى في مخطط للإطاحة بحكومة تشاد. 

وقالت وثائق أميركية أخرى مسربة، إن "فاغنر" تنشط في جمهورية أفريقيا الوسطى في إطار جهود روسيا لتحقيق مكاسب في أفريقيا.

حلفاء الدعم السريع في ليبيا

وعلى الجانب الليبي، كانت مصادر ليبية متطابقة قد كشفت لـ"العربي الجديد"، النقاب عن إقلاع طائرة تابعة لقيادة مليشيات اللواء المتقاعد خليفة حفتر، يومي 17 و18 إبريل/نيسان الجاري، محملة بعتاد عسكري من قاعدة الخروبة، شرقي البلاد، إلى مطار قاعدة مدينة الكفرة، قرب الحدود مع السودان.

وقالت عدة مصادر لصحيفة "واشنطن بوست" إن مليشيا ليبية تربطها صلات بـ"فاغنر" أرسلت إمدادات إلى قائد قوات الدعم السريع محمد حميدتي.

 

وذكرت الصحيفة أن خليفة حفتر، زعيم المتمردين الذي يسيطر فعليًا على شرق ليبيا، مدعوم من "فاغنر" ويقال إنه مقرب من قوات الدعم السريع، في إشارة من الصحيفة إلى ما قد ينتج عن هذه التحالفات من زعزعة للاستقرار في ليبيا. 

إثيوبيا

وإلى جنوب شرق السودان، تراقب إثيوبيا كيفية تأثير القتال على اثنين من اهتماماتها الرئيسية: تأمين حقوق المياه لسد النهضة الإثيوبي الكبير، وتسوية المطالبات الإثيوبية بالمنطقة الحدودية المتنازع عليها حيث اندلع القتال من قبل، وفق الصحيفة.

وأشارت الصحيفة إلى أن السودان كان أيضًا ملاذًا لعشرات الآلاف من الإثيوبيين الفارين من منطقة تيغراي، التي خاضت حربًا استمرت عامين مع الحكومة المركزية وانتهت باتفاق سلام هش في أواخر العام الماضي، قد ينهار مرة أخرى ويتفجر الصراع مجددا.

أريتريا

وحسب الصحيفة، يمكن للتغييرات في ميزان القوى في المنطقة أن تزعج التحالفات الهشة لإريتريا المجاورة، حيث استضاف السودان آلاف اللاجئين وطالبي اللجوء من جارته الشرقية، وهو المحطة الأولى للعديد من الرجال الإريتريين الفارين من التجنيد الإجباري للحكومة القمعية. 

ووقفت إريتريا إلى جانب إثيوبيا في حربها الأخيرة مع متمردي تيغراي.