خلفاء المالكي المحتملون: عبد المهدي "الميكيافيلي المعتدل" (2-3)

خلفاء المالكي المحتملون: عبد المهدي "الميكيافيلي المعتدل" (2-3)

03 يوليو 2014
شخصية متناقضة متقلبة التوجهات (لؤي بشارة/Getty)
+ الخط -
في ظل تدهور الوضع الأمني في العراق، وفشل انعقاد أولى جلسات البرلمان العراقي الجديد، يوم الثلاثاء، ينهمك التحالف الوطني، الكتلة الشيعية الكبرى في البرلمان العراقي، في اختيار مرشحه لرئاسة الوزراء، بدلاً من رئيس الوزراء المنتهية ولايته، نوري المالكي، الذي ترى معظم القوى العراقية والعربية والدولية أن رحيله اصبح شرطاً لازماً لحل الازمة العراقية.

تطرح عدد من الأسماء لخلافة المالكي منها: طارق نجم وعادل عبد المهدي، وأحمد الجلبي، وإبراهيم الجعفري، وفالح الفياض.

الشخصية المتقلبة

يعتبر عادل عبد المهدي، من الشخصيات الشيعية العراقية البارزة، التي شغلت مناصب سياسية عدة، كان آخرها منصب نائب رئيس الجمهورية العراقية. وبرز اسمه لكونه قيادياً في المجلس الإسلامي الأعلى العراقي (المجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق سابقاً)، الذي ساهم عبد المهدي في تأسيسه في إيران في ثمانينيات القرن الماضي، ويتزعمه حالياً عمار الحكيم.

ولد عبد المهدي المنتفجي في بغداد عام 1942 لأسرة برجوازية كانت تسكن المنتفج (الناصرية حالياً)، في جنوبي العراق. وكان والده من أعيان الشيعة الذين شاركوا في انتفاضة عام 1920 ضد الاحتلال البريطاني، واصبح وزيرا خلال عهد الملك فيصل الأول ونائبا ممثلا عن المنتفج.

ارسله والده للدراسة في ارقى المدارس العراقية، ودرس في "مدرسة بغداد" والتقى هناك بأولاد العائلات البرجوازية، منهم السياسيان البارزان إياد علاوي وأحمد الجلبي. تأثر الشاب، في فترة الخمسينيات من القرن الماضي، كبقية أقرانه، بالقضية الفلسطينية وقضايا مصر وسورية، وتبنى الأفكار القومية وأيديولوجية حزب البعث في العراق.

التحق بجامعة بغداد لدراسة الاقتصاد، وكان يقضي معظم وقته في الأنشطة الحزبية، وطور علاقته مع إياد علاوي ونظما معاً اعتصامات في الحرم الجامعي، ما دفع الأمن العراقي الى اعتقاله في العام 1963. أطلق البعثيون سراحه بعد انقلاب 1963، الذي فشل بعد تسعة أشهر. وتمكن عبد المهدي من الحصول على شهادة البكالوريوس في الاقتصاد من جامعة بغداد في تلك السنة. تعرض الى الاعتقال لمرات عدة بين 1964 و1965. وبفضل نفوذ والده، حصل على وظيفة في وزارة الخارجية العراقية في العام 1965.

سافر عبد المهدي الى فرنسا عام 1969، هرباً من بطش صدام حسين، بحسب ما نقلت عنه صحيفة "واشنطن بوست" في أبريل/نيسان 2005. واعتنق هناك الفكر الشيوعي الماوي، ودرس في "المعهد الدولي للادارة العامة" في باريس وحصل على ماجستير في العلوم السياسية في عام 1970. وفي 1972، حصل على ماجستير في الاقتصاد السياسي من جامعة "بواتييه" . ثم ترك فرنسا في ذلك العام ليعيش في سورية ثم في لبنان، ليغادر الأخير بعد الاجتياح الإسرائيلي عام 1982، ليستقر مرة أخرى في فرنسا.

تردد عبد المهدي على ايران في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي، والتحق بـ "المجلس الأعلى للثورة الإسلامية"، المظلة السياسية للمعارضة الشيعية التي تشكلت في إيران باشراف مرشد الثورة الإيرانية، روح الله خميني. وبفضل لباقته ودبلوماسيته العالية، استخدمه المجلس الأعلى في التواصل مع أطراف المعارضة الأخرى والاطراف الأقليمية والدولية.

كتبت عنه صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية في 15 أبريل/نيسان 2005 أنه "استطاع بدوره المعتدل، رد منتقدي حزبه و طمأنة قلق الغرب منه". وتضيف الصحيفة انه "في الوقت الذي ينشغل رفاقه في مراسيم جلد الظهور بالسلاسل وملء مجالس العزاء (الحسينيات) بصدى نحيبهم، يجري عبد مهدي مقابلة مع قناة "سي أن أن" ليشرح نتائج الانتخابات".

رجع عبد المهدي الى العراق عقب الغزو الأميركي في 2003، واصبح عضواً في "مجلس الحكم"، ممثلاً عن زعيم المجلس الأعلى آنذاك، الراحل عبد العزيز الحكيم، حتى نهاية 2004. ثم تولى وزارة المالية في الحكومة المؤقتة التي ادارها إياد علاوي (2004-2005)، وكان المشرف على أول موازنة عراقية بعد الاحتلال الأميركي. كما شارك في صياغة الدستور العراقي الجديد الذي أجريت بموجبه انتخابات عام 2005.

انتُخب عبد المهدي نائباً لرئيس الجمهورية في 2006، بعد ان خسر كمرشح لرئاسة الوزراء أمام إبراهيم الجعفري بفارق صوت واحد، ليتولى نوري المالكي (مرشح تسوية) رئاسة الحكومة، بسبب الفيتو الذي وضعته بعض الأطراف على الجعفري، خصوصاً من الجانب الكردي والأميركي. وأصبح عبد المهدي أحد نائبي الرئيس العراقي المنتهية ولايته، جلال الطالباني، في 2010، وذلك في إطار اتفاق بين قائمة الائتلاف الشيعية والقائمة الكردية. لكنه قدم استقالة من منصبه في مطلع 2011، بسبب استيائه من فشل اداء حكومة المالكي.

نقاط القوة

يرجح بعض مراقبين أن يتولى عادل عبد المهدي رئاسة وزراء العراق المقبلة، عازين ذلك الى الأسباب التالية:

1- يحظى عبد المهدي باحترام العديد من الأطراف السياسية العراقية، فهو من السياسيين القلائل الذين ساهموا في الحركات السياسية على مختلف توجهاتها، لذلك هو يملك خبرة كبيرة في كيفية التعامل مع الاطراف الاخرى، حتى مع المرجعية الدينية في النجف، التي تدعمه. ويقول المحلل السياسي العراقي، كريم العامري، في رد على سؤال لـ"العربي الجديد" عن فرص فوزه برئاسة الوزراء المقبلة: "أعتقد أنه مرشح قوي، لأنه يحظى باحترام معظم الأطراف، وقد يفوز برئاسة الوزراء، خصوصاً إذا أجري تصويت مباشر على المرشحين لعدم تمكن الأطراف في التحالف الشيعي من اختيار مرشح بالتوافق".

2- تمتُّع عبد المهدي بعلاقة طيبة جدا مع الأكراد، ونشأت هذه العلاقة الحميمة في أيام المعارضة إبان فترة النظام السابق.

3- يحظى عبد المهدي بدعم إيراني، وكانت علاقته الجيدة مع الايرانيين قد بدأت في مطلع ثمانينيات القرن الماضي، ولكونه قيادياً في المجلس الأعلى، الذي تشكل في إيران.

4- يعتبر عبد المهدي من الشيعة الاسلاميين القلائل المفضلين لدى الأميركيين. كما يتمتع بثقة "المعتدلين" في السياسة الاقليمية والدولية.

5- عززت استقالته من منصبه كنائب لرئيس الجمهورية، ثقة معظم الأطراف، وخصوصاً السنة العرب، الذين يتعاطف بعضهم معه لأن شيوخ آل السعدون، العرب السنة، الذين حكموا إمارة "المنتفج" كانوا قد منحوا عائلته كنيتهم، عندما قطنت الإمارة.

6- يعتبره البعض شخصية جذابة بسبب لباقته وثقافته وتخصصه العلمي في الاقتصاد والسياسة، ولكونه يتكلم ثلاث لغات حية (العربية والإنكليزية والفرنسية)، وبالإضافة الى شخصيته الإسلامية المعتدلة.

انتقادات ومآخذ

1- يؤخَذ على عادل عبد المهدي أنه يجمع متناقضات فكرية وعقائدية كثيرة، إذ كان قد تبنى الفكر الاشتراكي وانتهى به الامر بالفكر الاسلامي الشيعي. ويصفه البعص بأنه شخصية ميكيافيلية، تلهث وراء السلطة، خصوصاً بعد انتمائه الى تنظيم إسلامي (المجلس الأعلى) نشأ على الإيمان بحكم الولي الفقيه وتشكيل الدولة الإسلامية في العراق.

2- لا يزال بعض العراقيين يربطون اسمه بعملية السطو على "مصرف الزوية" في بغداد، التي قتل فيها 8 من حراس المصرف بدم بارد. وكان المتهمون، الذين يشتبه بأنهم من عناصر ميليشيا "فيلق بدر"، التابعة للمجلس الأعلى، قد أخفوا المبالغ المسروقة في مقر "جريدة العدالة" العائدة لعبد المهدي. وعلى الرغم من أن القضاء قد برأ ساحة عبد المهدي، إلا أن البعض لا يزال يشكك في براءته.

3- انتماؤه الى المجلس الاسلامي الأعلى، يثير الريبة والشكوك لدى بعض الأطراف، لأن هذا التنظيم تشكل من قبل الإيرانيين الذين اشرفوا على تدريب فيلق بدر، الميليشيا التي كان معظم عناصرها يتبعون المجلس الأعلى، قبل أن ينفصل عنه زعيم الميليشيا، هادي العامري، وزير المواصلات المنتهية ولايته. وتتهم هذه الميليشيا بالولاء المطلق للحرس الثوري الأيراني، وبتعذيب الجنود العراقيين الأسرى لدى إيران إبان الحرب العراقية الإيرانية، بالإضافة الى ارتكاب جرائم طائفية ضد العراقيين بعد 2003 وضد السوريين بعد ثورة 2011.

المساهمون