الأحزاب المغربية تتصدّع: غياب الكاريزما وتراجع الإيديولوجيا

الأحزاب المغربية تتصدّع: غياب الكاريزما وتراجع الإيديولوجيا

04 فبراير 2015
انشقاقات داخل الأحزاب وتشكيل تيارات جديدة (مصطفى بهلول/الأناضول)
+ الخط -
تعاني أحزاب سياسية تنتسب إلى الحركة الوطنية في المغرب، لاسيما حزبا "الاستقلال"، و"الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية"، من تداعيات الانشقاقات الداخلية التي ألمّت بها، ما يطرح تحديات تنظيمية وسياسية حقيقية أمامها في أفق الاستحقاقات الانتخابية المقبلة.

ويرى مراقبون أن غياب الديمقراطية و"كاريزمية" الزعماء الجدد لهذه الأحزاب التاريخية سببان رئيسيان في تدهور أوضاعها التنظيمية، وحصول انشقاقات في بيتها الداخلي، فضلاً عن تراجع الإيديولوجية السياسية التي تستند إليها هذه الأحزاب المنحدرة من الحركة الوطنية.
وفي تاريخ الأحزاب السياسية المغربية، مرّت زعامات تحظى بكاريزما وشرعية في آن معاً، من قبيل علال الفاسي ومحمد بوستة في حزب "الاستقلال"، وعبد الرحيم بو عبيد وعبد الرحمان اليوسفي في حزب "الاتحاد الاشتراكي"، والمحجوبي أحرضان في "الحركة الشعبية".


انشقاقات بالجملة
وتشهد أحزاب مغربية تصدعات وانشقاقات، منذ تولي الحكومة الحالية مهام تسيير الشأن العام في البلاد في بداية عام 2012. وضربت الانشقاقات خصوصاً حزبي الاستقلال والاتحاد الاشتراكي المعارضين، و"الحركة الشعبية" التي تشارك في الائتلاف الحكومي.
وشهد حزب "الاستقلال"، الذي يوصف بأنه محافظ لكونه أخذ على عاتقه المساهمة في معركة الاستقلال عن الاحتلال الفرنسي، انشقاقاً داخلياً بعدما تولى حميد شباط زعامة حزبه، إذ نشأ من داخله تيار "بلا هوادة"، ما أفضى إلى طرد أعضاء التيار المناوئ.

المصير نفسه لقيه الحزب التاريخي "الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية"، إذ أدّى وصول إدريس لشكر إلى قيادة الحزب المعارض، ذي المرجعية الإيديولوجية الاشتراكية، إلى نشوء تيار داخلي يسمى "الانفتاح والديمقراطية" أعلن تمرده، وطرد قيادييه.
ويعتزم أعضاء التيار المعارض داخل حزب "الاتحاد الاشتراكي"، والذي أسسه البرلماني الذي غرق في وادي الشراط قرب مدينة بوزنيقة، أحمد الوايدي، تكوين حزب سياسي جديد، أو الالتحاق بحزب الاتحاد الوطني للقوات الشعبية، وهو الحضن الأم للأحزاب التاريخية.

من جهته، عرف حزب "الحركة الشعبية"، المشارك في الائتلاف الحكومي الراهن، تصدعات وخلافات شديدة، خصوصاً بعد إعفاء العاهل المغربي محمد السادس لوزير الرياضة، محمد أوزين، والعضو القيادي بالحزب نفسه، إذ أبدى بعض الأعضاء سخطهم من أداء وزراء الحركة، ما أفضى إلى طردهم من قبل قيادة الحزب.

الشيخ والمريد
وعزا أستاذ العلوم السياسية بجامعة فاس، الدكتور أحمد مفيد، في حديث لـ"العربي الجديد"، تنامي التصدعات والانشقاقات داخل أحزاب المغرب، إلى التحولات العميقة التي طرأت على تركيبة هذه "الهيئات السياسية"، مشيراً إلى أن هذه التغيرات تسببت في مشاكل تنظيمية تقوم على الخضوع لتعليمات الزعيم".
وتابع مفيد أن تواري الزعامات الحزبية ذات الكاريزما السياسية إلى الخلف، لأسباب تتعلق بالسن أو لعوامل تنظيمية أو شخصية مختلفة، وتعويضها بزعامات أخرى لا تمتلك مثل تلك الميزات، أدّت أيضاً إلى نشوء مثل تلك التصدعات".
بدوره، اعتبر الأستاذ في جامعة طنجة، محمد العمراني بوخبزة، أن عدداً من الأحزاب السياسية المغربية لم تقطع الوصل مع ثقافة "الشيخ والمريد" التي تسود مؤسسة الزوايا، ما جعلها تستمر في العلاقة نفسها التي تربط الشيخ بمريديه، أي زعيم الحزب بالأعضاء، القائمة على الخضوع للأوامر.
وأبرز المحلل أن العديد من الأحزاب المغربية تقوم على "هاجس الزعامة والانفراد بالقرارات، وطرد كل من يخالف القائد، بعيداً عما يُفترض أن يكون عليه الحزب كفضاء رحب يتسم بتداول الآراء والاختلاف"، مستدركاً أن "ليس كل من طُرد من الحزب على صواب".
ويتفق مع بوخبزة الأمين العام لحزب "الاتحاد الاشتراكي"، إدريس لشكر، الذي يقول إن قرار طرد أعضاء من حزبه يعود إلى عدم انضباطهم مع لنظام الداخلي للحزب، وخلقهم لأجواء من التوتر والتمرد داخل الهيئة السياسية، فضلاً عن "عدم التزامهم بأداء الواجبات المالية لفائدة الحزب".