تركيا: المعارضة تتّحد ضدّ قوانين "الدولة الأمنيّة"

تركيا: المعارضة تتّحد ضدّ قوانين "الدولة الأمنيّة"

05 فبراير 2015
دعا دميرتاش (يمين) إلى وحدة المعارضة (أمين منغ أرسلان/الأناضول)
+ الخط -
وجّهت أحزاب المعارضة التركية، اتهاماتٍ شديدة للحكومة التركية، بمحاولة تحويل الجمهورية التركية إلى "دولة أمنيّة"، كما كانت عليه إبّان الانقلابات العسكرية، وذلك على خلفية حزمة القوانين المتعلقة بالأمن، والتي يحاول حزب "العدالة والتنمية" تمريرها في البرلمان، في إطار قانون ناظم.

ويُعتبر التوافق بين أحزاب المعارضة من المرات النادرة، التي تتّحد فيه، من حزب "الشعب الجمهوري" وحزب "الحركة القومية" وحزب "الشعوب الديمقراطي"، الجناح السياسي لحزب العمال الكردستاني، ضد "العدالة والتنمية"، المفترض أن يتقدم بمسودة حزمة قوانين أمنية، ليتم إقرارها في بحر الأسبوع المقبل.

وأكد رئيس حزب "الشعب الجمهوري"، كمال كلجدار أوغلو، بأن "الحزمة الجديدة ستحتوي على تدابير، من شأنها تمديد إمكانية احتجاز المتهمين في مراكز الشرطة لمدة 48 ساعة من دون إذن من المحكمة، وستسمح بممارسة المزيد من القوة في تفريق وقمع المتظاهرين".

واعتبر أن "الأمر قد يجرّ تركيا إلى حالة أمنية، تشبه الأوضاع التي أعقبت انقلاب 1980". ووافق زعيم حزب "الحركة القومية"، دولت بهجلي، كلامَ كلجدار أوغلو، متهماً الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، بـ"محاولة صنع دولته البوليسية الخاصة به".

أما حزب "الشعوب الديمقراطي"، المعني الأول بهذه الحزمة، فقد دعا رئيسه صلاح الدين دميرتاش، حزبَي "الشعب الجمهوري" و"الحركة القومية"، إلى "التعاون معه والتنسيق مع حزبه، لمنع انعقاد جلسات الدورة الحالية للجمعية العامة للبرلمان التركي، وبالتالي وقف مشروع القانون، على الرغم من الأغلبية البرلمانية الواضحة، التي يمتلكها حزب العدالة والتنمية".

ولم تتوقف الاعتراضات على الأحزاب السياسية، فقد حذّرت منظمة "هيومن رايتس ووتش" من جانبها، في ديسمبر/كانون الأول الماضي، من أن "مشروع القانون هذا، يمنح الكثير من الصلاحيات لموظفي السلطة التنفيذية، والمفترض أن تكون منوطة بالسلطة القضائية وحدها".

وإذ يؤكد مشروع القانون على أنه يمكن للوالي، عند الضرورة، وحينما تدعو الحاجة إعطاء أوامر مباشرة إلى قائد الشرطة أو الموظفين العموميين، من أجل تسليط الضوء على جريمة ما وللعثور على مرتكبيها، "مما يفسح المجال أمام الوالي المعيّن بشكل مباشر من قبل أنقرة، بتوجيه التحقيق"، وفقاً لـ"هيومن رايتش ووتش".

في غضون ذلك، تؤكد الحكومة التركية على أن "الحزمة لا تحتوي على أي أحكام من شأنها تقييد الحقوق والحريات الأساسية للمواطنين"، كما اعتبر رئيس الوزراء أحمد داوود أوغلو، بأن "الحزمة الجديدة تأتي ضمن معايير الاتحاد الأوروبي، وأن الأمر يعتمد على الممارسة وكيفية التطبيق".

من جانبه، أشار وزير الداخلية التركي، إفكان آلا، يوم الثلاثاء، إلى أن "المعارضة تقود حملة إعلامية تضليلية ضد مشروع القانون، وقامت بدعاية سوداء، تستند كلياً إلى التضليل، مثل أن يقال بأن الحزمة الجديدة تقضي بالحكم لمدة عامين على من يستخدم المقلاع أو سنة كاملة على من يستخدم السلاح". وشرح "لا مشكلة في أن يكون المقلاع في المنزل، لكن المشكلة تقع عندما يؤخذ المقلاع بالقذائف المعدنية التي تملك تأثير الرصاصة، إلى تظاهرة ما أو إلى حشد جماهيري".

ويقترح مشروع القانون، "توسيع صلاحيات الشرطة بالتفتيش والاحتجاز، والقيام بنشاطات استخباراتية واسعة لجمع المعلومات، كالتنصت على الهواتف وباقي أدوات الاتصال الالكترونية للمشتبه بهم وتفتيش منازلهم ومكاتبهم". ويتمّ ذلك وفقاً للقانون المقترح من دون الحاجة إلى أوامر من المحكمة، التي يحقّ لها الاعتراض وإيقاف هذه الحملات، كما يجعل هذا من قنابل "مولوتوف" والمقلاع، التي يستخدمها أنصار "العمال" في تظاهراتهم، أسلحة يحاسب عليها القانون.

كما يعطي القانون الولاة سلطة تعليق القانون واستخدام الحقوق الأساسية عند الضرورة، كما كان الحال في أجزاء كبيرة من جنوب شرق تركيا، عندما كانت تُدار تحت قانون الطوارئ بين عامي 1987 ونوفمبر/تشرين الثاني عام 2002.

وجاءت هذه الحزمة رداً من الحكومة التركية على أعمال الشغب الواسعة، التي رافقت الاحتجاجات التي دعا إليها "الشعوب الديمقراطي" في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، لمساندة مدينة عين العرب، الحدودية السورية مع تركيا، حين كانت محاصرة من تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش).

وتحوّلت الاحتجاجات في حينه إلى العنف، بعد وقوع اشتباكات بين أنصار "العمال" وأنصار حزب "الدعوة الحرة" (حزب سلفي كردي)، أدت إلى سقوط أكثر من 40 قتيلاً، وإلى منع التجول في أكثر من خمس ولايات تركية شرقي البلاد، ولم تتوقف الاشتباكات إلا بعد الرسالة التي بعثها عبد الله أوجلان من سجنه في جزيرة إمرالي داعياً للتهدئة.

المساهمون