ارتدادات انتخابات "بيرزيت" على "فتح" متواصلة

ارتدادات انتخابات "بيرزيت" على "فتح" متواصلة

30 ابريل 2015
دعم طلاب القدس والطلاب غير المتدينين "حماس" (فرانس برس)
+ الخط -
انتهت انتخابات جامعة "بيرزيت" في منطقة رام الله، في الضفة الغربية، في 22 أبريل/نيسان، لكن تداعياتها لم تنتهِ بعد، إذ ما زالت حركة "فتح" تعيش ارتدادات الهزيمة غير المتوقعة، من رأس هرم الحركة حتى قواعدها الطلابية والإقليمية في مختلف أنحاء الضفة. كان من الممكن أن تكون هزيمة "كتلة ياسر عرفات"، الذراع الطلابي لـ "فتح" في "بيرزيت"، في مقابل منافستها كتلة "الوفاء الإسلامي"، الذراع الطلابي لـ "حماس"، أمراً متوقعاً وليس مفجعاً، لسبب أن الانتخابات طلابية فحسب، لكن "فتح" تعاملت مع النتيجة وكأنها كارثة، على اعتبار ارتباطها بشعبيتها وبخياراتها السياسية، خصوصاً على ضوء التحوّلات الدولية في شأن الاعتراف بدولة فلسطين.

وكشفت الانتخابات الطلابية عن مدى تأثر "فتح"، إلى درجة تقديم مفوّض التعبئة والتنظيم في الحركة محمود العالول استقالته، ووضعها تحت تصرّف الرئيس محمود عباس، بصفته رئيس الحركة، الذي رفض قبولها. وتوالت الارتدادات بوتيرة أسرع في الأيام الماضية، بعد خروج أصوات فتحاوية وازنة، تطالب بتشكيل لجنة تحقيق لمحاسبة المسؤولين عن الهزيمة في "بيرزيت"، وتحمّل المسؤولية للطلاب في الجامعة من جهة، وللترهّل الذي أصاب "فتح" وانعكست مظاهره في "بيرزيت" من جهة أخرى. كما ارتفعت أصوات عدة في "فتح" تطالب بحجب الأموال عن الطلاب، وعودة العمل في الجامعة بإطاره الوطني ومن دون مكافآت مادية.
بدوره، ذكر عضو المجلس التشريعي عن "حماس" فتحي القرعاوي، لـ "العربي الجديد"، أن "انتخابات بيرزيت ربما لن تتكرر". وأضاف أن "الغضب الذي أظهرته الأجهزة الأمنية، وشنّها حملة اعتقالات لأنصار كتلة حماس في الجامعات، تحديداً في جامعتي بيرزيت والنجاح، مؤشر قوي على عدم إمكانية سماح السلطة بتكرار الانتخابات الطلابية في بيرزيت مرة ثانية".

واستكمالاً لسلسة الارتدادات الفتحاوية، عقدت اللجنة المركزية للحركة، وهي أعلى مستوى قيادي فيها، اجتماعين متتاليين في اليومين الماضيين، وخرجت بقرارات تنظيمية جديدة، بغرض معالجة آثار الهزيمة الطلابية. ونصّت القرارات الجديدة على "تشكيل لجنة لدراسة الوضع الفتحاوي وتقييمه تنظيمياً في كل مكان، وتشكيل لجان من التعبئة والتنظيم لتحديد المسؤول عن الإخفاق في جامعة بيرزيت، والتعادل في جامعة البوليتكنيك في الخليل". ويُعتبر التعادل في الخليل، بلغة الأرقام، هزيمة لـ "فتح"، بسبب تقدم "حماس" عليها بمقعدين مقارنة بالعام الماضي.

اقرأ أيضاً: فتح وحماس تفوزان... والشعب يخسر

واعتبر عضو اللجنة المركزية لحركة "فتح" جمال المحيسن، في تصريحاتٍ لـ "العربي الجديد"، أن "القرارات التنظيمية التي خرجت بها اللجنة المركزية تهدف لاستنهاض الوضع الداخلي للحركة". وأضاف أنه "أمام اللجنة المشكّلة لتحديد أسباب الهزيمة الطلابية سقف زمني، مدته شهر واحد لإنجاز دراستها، وتقديم توصياتها أمام اللجنة المركزية". وتابع قائلاً "لا يقتصر عمل اللجنة على دراسة الوضع التنظيمي للحركة في الضفة الغربية، بل في قطاع غزة وفي الشتات".

وفي سؤال عما إذا كانت هذه القرارات تأتي كردة فعل بعد هزيمة "فتح" في الجامعة، أجاب "كان لدينا قرار باستنهاض الوضع الحركي منذ عامين، ليكون ضمن برنامج إجراء المؤتمرات الحركية في الضفة والقطاع. لكنه لم يتمّ إجراء أي مؤتمر من المؤتمرات الستة في القطاع، بالتالي أصبح لزاماً مناقشة كل الوضع الحركي في الداخل والخارج الآن، وعدم تأخيره أكثر".

وحول استقالة العالول، قال المحيسن إن الأخير "وضع استقالته لدى عباس بعد نتائج بيرزيت، وكان في منتهى الشجاعة عندما قال إنه يتحمل المسؤولية، بينما المسؤولية عامة وليست شخصية". وفي السياق، أفاد عضو مركزية "فتح" وعضو لجنة "استنهاض الحركة" حسين الشيخ، في حديثٍ لـ "العربي الجديد"، أن "فتح تؤمن بالديمقراطية، وصندوق الانتخابات، صحيح أن النتائج لم تكن متوقعة، لكنها لم تكن كارثية كما صوّرها الإعلام". وحول ما إذا كانت "بيرزيت"، قد شكّلت نقطة تحوّل لتأليف لجنة من أجل استنهاض الحركة، قال "اللجنة لم تُشكّل من أجل بيرزيت إطلاقاً".

وتابع "هدف اللجنة دراسة الوضع الفتحاوي في كل مكان، وتقديم رؤيا استراتيجية لقيادة الحركة وعلى رأسها الرئيس عباس، للوقوف على مواطن الضعف والخلل، ووضع استراتيجية فتح للأعوام المقبلة على كل المستويات". وتؤكد مصادر من شبيبة "فتح" في نابلس، أنه "علينا مسؤولية أكبر في انتخابات مجلس طلاب جامعة النجاح المقبلة، حتى لا تتكرر الكارثة". وكانت جامعة "النجاح" قد أجّلت انتخابات مجلس الطلاب بشكل توافقي بين مختلف كتلها الطلابية، قبل أيام من انتخابات "بيرزيت".

وتُجمع قيادات من "فتح"، أن "المناظرة الإعلامية للحركة كانت ضعيفة، مقابل قوة مناظرة ودعاية حماس في بيرزيت، كما أن حماس أنفقت الكثير من الأموال في الدعاية الانتخابية". لكن "حماس"، على لسان منسق كتلتها عبد الرحمن حميدان، أكدت أن "طلاب بيرزيت وبعد سبع سنوات من وجود فتح في مجلس الطلاب، لمسوا ارتفاعاً في أسعار الأقساط الجامعية، وعدم جدية مجلس الطلاب في تقديم خدماتٍ لهم، فقرروا اختيار كتلة الوفاء الإسلامية (حماس)".

وكانت "حماس" قد اعتمدت في دعايتها الانتخابية على شعارات ولافتات "المقاومة"، وكانت صور المتحدث باسم "كتائب القسام"، أبو عبيدة، في كل أنحاء الجامعة. كما لوّحت بصفقة "وفاء الأحرار الثانية" لإطلاق سراح الأسرى أيضاً، متهمة "فتح" بـ "التنسيق الأمني مع سلطات الاحتلال، ورفض المقاومة، وقمع التظاهرات المؤيدة لقطاع غزة خلال العدوان الإسرائيلي عليها، واستقواء الأجهزة الأمنية، وإهمال السلطة لعلاج الأسرى المرضى مثل الشهيد جعفر عوض، ومحمد التاج".

أما "فتح" فاتكلت على رصيدها "التاريخي" وعلى صمود مخيم جنين إبان اجتياحه في العام 2002، وكان القائد الفتحاوي مروان البرغوثي حاضراً بقوة في الصور المنتشرة وفي المناظرة الطلابية. وكان لافتاً رفع صور محدودة لعباس، ما دفع المُناظر الحمساوي في الجامعة، لسؤال نظيره الفتحاوي "لماذا لا ترفعون صور رئيسكم؟".

وبالنسبة إلى أحد أعضاء "شبيبة فتح"، فإن أبرز المفاجآت تمثلت في أصوات طلاب القدس المحتلة، التي صبّت بمعظمها لصالح "حماس"، إذ يُشكّل طلاب القدس نحو 40 في المائة من عديد طلاب الجامعة. كما شكّل دعم غير المتدينين لـ "حماس" مفاجأة غير مفهومة بالنسبة لشبيبة "فتح".

وحول ذلك يعلق رئيس مجلس "بيرزيت" السابق وعضو الشبيبة أدهم صافي، لـ "العربي الجديد"، قائلاً "أظنّ أن طلاب القدس كان لديهم اعتقاد بأن حماس بعد حربها الأخيرة في غزة، قادرة على انتزاع حقوقهم". وتابع "هناك الكثير من الأصوات الممتنعة، والتي لا تنتمي لحماس فكرياً، صوّتت لصالحها"، مؤكداً أن "حماس تعيش حالة من المفاجأة، بعد فوزها غير المتوقع في الانتخابات".

وحول عدم نشر صور لعباس مثل تلك التي ظهرت للبرغوثي في الدعاية الانتخابية، قال صافي "الشبيبة تعتز بالرئيس، لكن كون البرغوثي أحد مؤسسي الشبيبة، ورئيس مجلس سابق في جامعة بيرزيت، جعله أكثر قرباً من ناحية طلابية ونقابية، هذا كل ما في الأمر".

وتبحث حركة "فتح" مسألة هزيمة "بيرزيت" بجدّية، ويرى في هذا الصدد، أمين سر المجلس الثوري للحركة أمين مقبول، أن "هزيمة فتح في بيرزيت كانت غير متوقعة، لأن القيادة الفلسطينية في أفضل حالاتها، وباتت في خضمّ اشتباك سياسي ودبلوماسي وقانوني عالمياً مع الاحتلال الإسرائيلي". وقال مقبول في حديثٍ لـ "العربي الجديد"، إنه "لا توجد مآخذ على القيادة الفلسطينية مثل السابق، فالمفاوضات متوقفة". وتساءل "طوال السنوات السبع الماضية كانت فتح تفوز، على الرغم من وجود مفاوضات بين القيادة والاحتلال الإسرائيلي. وهذه مفاجأة تستحق الدراسة". وأكد "سوف ندرس ما جرى، حتى نعرف الأسباب، تشخيصنا يشير إلى أن من أسباب فوز حماس ضعف أداء شبيبة فتح والوضع الداخلي التنظيمي لفتح لا بسبب قوة حماس". وأضاف أن "انتخابات بيرزيت أظهرت الخلل الفتحاوي، علماً أنه موجود في أماكن أخرى". من جهتها، سارعت عضو المجلس التشريعي عن حركة "فتح" نجاة أبو بكر، للمطالبة بحجب موازنات الشبيبة، إلى "حين يتم الدفع بقيادات مؤهلة غير القيادات الموجودة حالياً، التي تجاوز بعضها سنّ الـ 50 عاماً". وطالبت أبو بكر في تصريحاتٍ لـ "العربي الجديد"، بـ "حجب أي مصدر مالي عن حركات الشبيبة في الضفة الغربية، تحت أي تسمية، أكان بدل مهمات، أو مواصلات، وما إلى ذلك". وأشارت إلى أن "الشبيبة كانت تفوز في كل معاركها من دون أموال، والمال يعني ابتعاد الشباب عن العمل الوطني". وتساءلت "لماذا نغدق عليهم كل هذه الأموال، ونُفسدهم؟". وحول لجان التحقيق التي شكلتها المركزية للوقوف على أسباب الهزيمة، قالت "لا أعتقد أنها ستتشكل لجان تحقيق، دائماً ما يقولون هذا ولا نرى شيئاً".

اقرأ أيضاً مشعل لطلبة جامعة بيرزيت: الانتخابات بداية لإكمال مشروعنا الوطني

المساهمون