انتخابات رئاسة البرلمان التركي: منافسة حادة وتحالفات تمهّد للحكومة

انتخابات رئاسة البرلمان التركي: منافسة حادة وتحالفات تمهّد للحكومة

26 يونيو 2015
"العدالة والتنمية" يحسب خسائره من التحالف مع المعارضة (الأناضول)
+ الخط -

بدت الأحزاب التركية، خلال أولى جلسات البرلمان، أكثر هدوءاً وبُعداً عن الاستقطاب السياسي الذي ميّز فترة الحملات الانتخابية وما تلاها من أسابيع بعد إعلان نتائج الانتخابات.

وبعد يوم واحد من أداء البرلمانيين الجدد القسم الدستوري، تقدّمت أحزاب المعارضة التركية بمرشحيها لمنصب رئيس البرلمان، المنصب الذي يكتسب أهمية من كونه يحل محل الرئيس التركي في حال غيابه، وأيضاً لإدارته شؤون البرلمان.

وفي الوقت الذي لم يعلن فيه حزب "العدالة والتنمية" بعد عن مرشحه للمنصب، أعلنت أحزاب المعارضة عن مرشحيها. وعلى الرغم من الخلاف الذي تسرب للإعلام بين كل من زعيم "الشعب الجمهوري" كمال كلجدار أوغلو، وزعيم الحزب السابق وأحد صقور التيار القومي في الحزب، دينيز بايكال، إلا أنه وبعد اللقاء الذي جمع الاثنين في أروقة البرلمان، تقدم بايكال بطلب للترشح للمنصب عن حزب "الشعب الجمهوري" (أكبر أحزاب المعارضة)، بينما كان أكمل الدين إحسان أوغلو (المرشح الرئاسي السابق) مرشحاً عن حزب "الحركة القومية" (يميني متطرف)، وذلك في الوقت الذي اختار فيه حزب "الشعوب الديمقراطي" نائبه عن مدينة إزمير، دنغير مير محمد فرات (أحد مؤسسي العدالة والتنمية).

ومهما كان اسم مرشح "العدالة والتنمية" للمنصب، إلا أنه هذه المرة سيكون تنافساً حاداً بين ثلاثة نواب متدينين محافظين ونائب علماني، إذ تشير التقارير إلى أن التوافق على هذا المنصب سيكون بمثابة مؤشر على شكل الحكومة الائتلافية المقبلة. فتاريخياً بقي المنصب من حصة الحزب الثاني من حيث الكتلة النيابية في الحكومة الائتلافية، بينما احتفظ الحزب الأكبر برئاسة الحكومة.

وعلمت "العربي الجديد" أنه لم يكن جميع نواب "الشعب الجمهوري" راضين عن ترشيح بايكال، لأسباب كثيرة، أولها وأهمها الخلاف الذي اندلع بعد أن التقى بايكال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في أحد مباني وزارة الخارجية في العاصمة أنقرة في وقت سابق، مما اعتبره البعض محاولة من بايكال لإعادة تقديم نفسه والالتفاف على زعامة الحزب، على الرغم من أن الأخير أكد مراراً أنه لم يذهب إلى الاجتماع إلا بعلم من زعيم الحزب الحالي كلجدار أوغلو، الذي لم يتردد بدوره في اتهام بايكال في إحدى المقابلات بأنه خالف أوامره وتطرق إلى أحاديث تتعلق بالحكومة الائتلافية خلال لقائه بأردوغان. كما يعتقد بعض النواب الآخرين أن ترشيح بايكال سيضعف من قوة "الشعب الجمهوري" في مفاوضات تشكيل الحكومة، إذ إن الحصول على المنصب سيعتبر مكسباً للحزب.

في غضون ذلك، لم يكلف أردوغان، حتى الآن، رئيس الكتلة النيابية الأكبر، أي أحمد داود أوغلو، بتشكيل الحكومة، ما اعتبره البعض منح مزيد من الوقت لداود أوغلو لإجراء مفاوضات غير رسمية مع مختلف الأحزاب السياسية، مما سيسهل مهمته ويخفف عليه الضغط خلال فترة الـ45 يوماً التي يمنحها الدستور للنائب المكلف بتشكيل الحكومة، قبل تحويل التكليف إلى زعيم الكتلة النيابية الثانية، والذي سيكون في هذه الحالة كمال كلجدار أوغلو.

اقرأ أيضاً: تركيا: انتخاب رئيس البرلمان أول تحدّيات التحالفات الحكومية

من جهة أخرى، تتواصل المشاورات غير الرسمية لتشكيل الحكومة. وبينما يشير معظم المراقبين إلى أن عمر الحكومة الائتلافية المقبلة لن يتجاوز نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، ما زال "العدالة والتنمية" يحسب خسائره من التحالف مع كل من أحزاب المعارضة، سواء على المستوى السياسي أو الاقتصادي (فيما يخص حصة اللوبي الاقتصادي الموالي للعدالة والتنمية). وعلى الرغم من أن التحالف مع "الحركة القومية" يبدو الأقرب للقاعدة الشعبية واللوبي الاقتصادي الداعم للحزب، إلا أنه قد يعني تعطيل عملية السلام بشكل رسمي، أي تثبيت خسارة "العدالة والتنمية" بشكل نهائي لأصوات اليمين الكردي لصالح "الشعوب الديمقراطي". أما التحالف مع الأخير فسيعني منحه المزيد من الشرعية السياسية كحزب صاعد بكل ما يشكّله من تهديد على أصوات "العدالة والتنمية"، لترجّح الكثير من التوقّعات أن يكون التحالف مع "الشعب الجمهوري" الأقل تكلفة سياسياً، وإن كان أكثرها تكلفة اقتصادية، وخصوصاً أن الأخير يبدي رغبة عالية بالعودة إلى السلطة، في محاولة لتقديم أي شيء لناخبيه وتعزيز موقعه.

كما أن "الشعب الجمهوري" لا يشكّل أي خطر على أصوات الكتلة اليمينية في تركيا، بل قد يساهم في تقليص كتلة "الشعوب الديمقراطي" وسحب ما أخذه منه الأخير من نسبة 2 في المائة من الأصوات، وبالتالي فإن استلام بايكل لمنصب رئاسة البرلمان قد يكون أول علامات التحالف بين "الشعب الجمهوري" و"العدالة والتنمية".

يذكر أن أول جولتين للتصويت لاختيار رئيس البرلمان ستُعقدان في 31 من الشهر الحالي، وفي حال فشل النواب في اختيار رئيس البرلمان، ستكون الجولتان التاليتان في أول أيام يوليو/تموز المقبل.

اقرأ أيضاً: المعارضة التركية تقدم مرشحيها لرئاسة البرلمان

المساهمون