نازح من سرت الليبية يروي مأساة الحياة في المدينة

نازح من سرت الليبية يروي مأساة الحياة في المدينة

18 مايو 2016
يحتدم القتال في الساحل الليبي (عبد الله دومة/فرانس برس)
+ الخط -
يتزايد السؤال عن أوضاع المدنيين في مدينة سرت الليبية، التي يحكمها تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، بعد تزايد الأنباء عن تنافس قوى مسلحة في غرب وشرق البلاد، لقتال التنظيم في سرت والسيطرة عليها. الإجابات عن كثير من التساؤلات حول أوضاع الأهالي بسرت شحيحة للغاية، خصوصاً بعدما عمد التنظيم إلى قطع كافة وسائل الاتصالات داخل المدينة، ذلك لأن أغلب النازحين من المدينة يرفضون التحدث إلى الإعلام، خوفاً على من بقي من أهاليهم في المدينة.

أحد أهالي سرت ممن استطاعوا أخيراً الفرار من جحيم المعاناة، يصف في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، الوضع الإنساني داخل سرت بـ"المرعب جداً". ويقول إن "الحياة تبدأ عند الساعة 9 صباحاً، وتنتهي بعد صلاة المغرب، ومن بقي من أهالي سرت بالمدينة يعانون من نقصٍ حاد في الغذاء والدواء".

ويضيف أنه "لا وجود لمحال تجارية، إلا التي يسيطر عليها داعش. وتقتصر عملية البيع على المواد الغذائية والخضروات واللحوم، فيما الأسعار ترتفع بشكل متزايد، إذ يصل سعر رغيف الخبز الواحد إلى دينار (0.74 دولار)، والسلع تباع بأضعاف أثمانها، ومحلات الملابس فرض فيها اللباس الأفغاني كرمز لتمدّد داعش في المدينة".


وحول أوضاع التعليم في سرت، يكشف أنه "حالياً وبسبب نزوح أغلبية السكان، توقفت المدارس، غير أنه في السابق فُرض النقاب على الطالبات في المدارس، وتم فرض مواد دراسية جديدة، في محاولة من التنظيم غرس معتقداته والترويج لها، بين طلاب المدارس والجامعات".

ويلفت النازح إلى أن "القبضة الأمنية المشددة التي يفرضها داعش جثمت على قلوب أهل سرت لأكثر من عام"، مؤكداً على أن "التنظيم استولى على بيوت الأهالي الذين فروا من المدينة منذ بداية سيطرته عليها، وسلّم بيوتهم إلى عناصره". كما يكشف النازح أن "التنظيم أمر بعض العائلات بمغادرة بيوتهم بحجة أنها تقع مناطق حيوية، وسلم بيوتهم لما يسمى جنود الخلافة المهاجرين".

ويردف أن "كل شيء في حياة الأهالي مقابل بدل مادي، حتى إذا قرر مواطن النزوح فعليه أن يدفع المال. لقد اشترط داعش أخيراً على المواطنين الحصول على موافقة كتابية من ديوان الحسبة مدفوعة مقابل النزوح".
ويرى بأن "عدم نزوح من بقي في سرت إلى الآن، يعود إلى أن التنظيم يعتقل أبناءهم جراء اتهامات مختلفة، من بينها التخلّف عن حضور ما سماها بالدورات الشرعية التي يدرس بها: الجهاد والاستشهاد وقتال الطواغيت والتكفير وإقامة الحد". وينوّه إلى أن "حضور تلك الدورات إجباري وتحت التهديد، ومن يتخلّف يعاقب إما بالحبس أو الإعدام".

وحول مصادر تمويل التنظيم يكشف بأن "داعش صادر أملاك الأهالي بذريعة الارتداد عن الشريعة أو الانتماء للنظام السابق أو لمعصية الوالي"، مضيفاً أنه "بمعنى أدق يتهمون الأهالي زوراً للاستيلاء على أرزاقهم". وحول الجرائم الإنسانية للتنظيم ضد الأهالي، يقول النازح "للأسف المعلومات الدقيقة حول المجازر الإنسانية التي ارتكبها التنظيم منذ سيطرته على سرت بالأرقام مستحيلة". ويشير إلى أن "المجازر الإنسانية التي ارتكبها التنظيم ضد الأهالي كثيرة، لكن لا توجد أرقام دقيقة، والسبب عدم تسليم جثامين الضحايا لأسرهم، كذلك لا نعلم بمصير من هم في سجون التنظيم".

ويختم النازح حديثه قائلاً "نحن نتحدث عما هو ظاهر، أما ما في سجون داعش من أسرار فالله يعلم بحجم المعاناة فيها، والأطراف المتسابقة اليوم للسيطرة على سرت تعرف هذا جيداً منذ أكثر من عام، ولكن السياسيين لا يهمهم ذلك، بقدر ما يهمهم المنصب والكرسي والسيطرة".

دلالات

المساهمون