السيسي يعاقب مكاريوس... أسقف المنيا المعارض

22 اغسطس 2017
ندد مكاريوس أكثر من مرة بسياسة السلطات المصرية (فيسبوك)
+ الخط -

علم "العربي الجديد" من مصادر كنسية عدة أن واقعة منْع الشرطة لمسيحيي قرية الفرن بمركز أبو قرقاص بمحافظة المنيا من الصلاة أمس الأول، الأحد، جاءت عقابًا لـ أنبا مكاريوس أسقف عام المنيا وأبو قرقاص، على مواقفه السابقة المعارضة لسياسة الدولة مع الأقباط.

ومنعت قوات من الشرطة المصرية، الأحد، مواطنين مسيحيين في قرية الفرن بالمنيا، من إقامة صلاة قداس الأحد، بحجة أن المبنى الذي يصلون فيه غير مرخص للصلاة، وحررت لهم محضرًا في قسم الشرطة.

وأوضحت المصادر أن البيان الأخير الذي أصدره انبا مكاريوس، بشأن غلق الأمن لكنيسة قبطية بقرية كدوان بمركز المنيا، استفز الأمن لدرجة أنه قرر منع الصلاة في كنيسة قرية الفرن أمس الأول الأحد.

وجاء في البيان الذي أصدره في 13 أغسطس/ آب الماضي قبيل ذكرى مجزرة فض اعتصام رابعة، "بعد مرور مدة شهر كامل من الواقعة، بذلنا فيها كل المحاولات ولم نفلح، فبنفس المنطق والمبررات تمنع أجهزة الأمن الأقباط، من ممارسة الشعائر بقرية كدوان بالمنيا، بدعوى اعتراض بعض المعترضين في القرية، وأنه من الواجب أن ترُاعى مشاعرهم، في حين لا قيمة لمشاعر الأقباط، والذين لا يطلبون سوى أن يصلوا، وكأن القرار قد صار للمعترضين، وليس لدولة عظيمة مثل مصر ذات السيادة والقانون".

وقال مكاريوس في بيانه "إننا نحاول إيجاد أيّة أماكن لإقامة الشعائر الدينية، حتى لا نخرق حظر تنقل الأقباط، وتلافيًا لأخطار محتملة، وقد تكون تلك الأماكن قاعة أو منزلا أو حتى حجرة بسيطة رديئة التهوية.

وأضاف "مع أن الدستور يكفل حق العبادة، إلا أن هذا الحق ممنوع على أرض الواقع، وذلك بالإرادة الشخصية لبعض المسؤولين المحليين. بل إن الأمر في أكثر الأوقات صار أشبه بتتبُّع الأقباط لمنعهم من الصلاة، بل قد يصل الأمر إلى استخدام القوة ضد الشعب ورجال الدين".



كما اعتبر أنه "مع أن دستور الدولة يؤكد على حرية العبادة، ومع أن توجّهات وتوجيهات الرئيس معًا هي تحقيق العدل والمساواة وتوطين السلم والاستقرار في أركان البلاد، إلا أنه -وللأسف الشديد- ما تزال المعاناة كما هي، المنهج هو المنهج، والآلية هي ذات الآلية، وفي كل مرة نُواجَه بنفس السيناريوهات والمبرّرات البغيضة مثل: الوضع محتقن.. الحالة الأمنية لا تسمح.. وربما كان ضمير بعض المسؤولين هو الذي لا يسمح".

وتابع "إن العادة هي ألّا تسمح لنا الأجهزة بالطرق الرسمية بفتح ما هو مغلق، وممنوع كذلك إقامة مبنى جديد أو كنيسة، ولم نعد من سنين نبني كنيسة كاملة (بالقباب والمنائر والصلبان والأجراس). والأماكن التي يدّعي بعض المسؤولين أنهم قاموا بتوفيق الأوضاع لها، هي في الواقع أماكن تمارس فيها الشعائر من سنين وهي أيضاً أماكن يُرثى لها كثيرًا بسبب ضيقها وموقعها الجغرافي.. ومع ذلك فهي مساهمة منا في حل المشكلة".

وأوضح مكاريوس "لدينا ما يزيد عن 15 مكانًا مغلقًا بأمر أجهزة الأمن، رغم وجود طلبات رسمية حبيسة الأدراج، وكذلك حوالي 70 قرية وعزبة ونجعا بلا أماكن للصلاة".

وأكد أسقف المنيا "أن الأقباط والمسلمين في كدوان لا خلاف بينهم، والمعترض منهم إن وُجِد يتعلّل بضرورة الحصول على تصريح أمني، وبغض الطرف عن كونه محقًا في اعتراضه أم لا، فإن الأجهزة بدلًا من الرد بأن هذا شأن مؤسسات الدولة، أو التصريح بالصلاة كحق شرعي، فإنها تؤكد منع الصلاة! وفيما تفعل ذلك تؤكد في الوقت ذاته على أن المعترض على حق فيما ذهب إليه". وأضاف: "إن الإذعان لإرادة المعترضين من شأنه تأجيج الفتنة بين المسلمين والأقباط وزرع الخصومات، وتعميق الخلاف، وليس منعها كما يتخيل البعض".

وختم مكاريوس بيانه قائلًا إنه "للأسف.. الطريقة هي الطريقة، والمنهج هو ذات المنهج، والمبررات جاهزة.. مهما أوصى الرئيس.. ذكرنا ما حدث، ولعل ما ذكرنا يثلج صدور أولئك الذين يدّعون أن الدولة تدلّل الأقباط وتحابيهم... وما زلنا ننتظر ولن نيأس، وقد نشرنا ما حدث لعل الأمر يحتاج إلى تدخل الأجهزة في العاصمة القاهرة، وللتذكير: "الأقباط مصريون والمنيا محافظة مصرية".

وفي السياق، قال مصدر عسكري مقرب من مكتب السيسي رفض الكشف عن اسمه، لـ"العربي الجديد"، إن هناك أكثر من تقرير أعده جهاز الأمن الوطني (أمن الدولة سابقًا) والمخابرات العامة يؤكد أن الأنبا مكاريوس دائم النقد والاعتراض، وأنه عبّر أكثر من مرة عن عدم رضاه عن حكم الرئيس السيسي. وأضاف المصدر أن الرئيس السيسي تطرّق إلى هذا الموضوع أكثر من مرة خلال لقاءاته السابقة بالبابا تواضرس، حيث طلب منه السيطرة على تصريحات مكاريوس، لأنها تثير الرأي العام الداخلي والعالمي ضد الدولة، وخصوصًا فيما يتعلق بمسألة حماية حقوق الأقباط.

من جانبه قال عضو اتحاد شباب ماسبيرو، الناشط مينا مجدي، إن مسيحيي قرية الفرن بأبي قرقاص في محافظة المنيا يدفعون ثمن موقف الأنبا مكاريوس. لقد "توجهوا صباح الأحد إلى الكنيسة التي تم بناؤها منذ سنوات كعادتهم كل أسبوع، لكنهم فوجئوا أن قوات من الأمن تحيط بالكنيسة". وأضاف أنه "عندما استفسر كاهن الكنيسة وبعض الناس من الأمن عن سبب حصار الكنيسة قيل لهم إنهم يستخدمون المبنى للصلاة دون الحصول على ترخيص. وهذا أمر غريب".

ومن المعروف أنه قبل صدور قانون بناء الكنائس في عام 2016، كانت معظم المباني التي يصلي فيها المسيحيون في مصر وخصوصًا في المحافظات غير حاصلة على ترخيص، حيث إن الحصول على ترخيص لبناء كنيسة كان يتطلب موافقة رئيس الجمهورية شخصيًا، وهو الأمر الذي لم يكن يتحقق بالشكل الذي يطالب به المسيحيون في مصر. وبناء عليه، فإن مسألة بناء الكنائس كانت تتم بصورة غير قانونية بالتوافق مع الأمن (أمن الدولة)، حيث كانت تسمح ببناء بعض المباني للصلاة دون إصدار ترخيص رسمي، وكانت تلك العملية تتم غالبًا حسب أهواء الدولة ووزارة الداخلية.

وأكدت المصادر الكنسية أن بيان الأنبا مكاريوس الأخير بشأن غلق كنيسة كدوان، ليس وحده السبب في إغضاب الأجهزة الأمنية، ولكن مواقف الأنبا مكاريوس السابقة المعارضة لسياسة الدولة في التعامل مع الأقباط أدت إلى تصنيفه كمعارض للدولة وللسيسي.

كما سبق لـ الأنبا مكاريوس أن أصدر بيانًا شديد اللهجة حول واقعة تعرية عجوز مسيحية في قرية الكرم بمحافظة المنيا على يد متطرفين، حيث أحرق حشد ضم نحو 300 شخص منازل مسيحيين، وجرّد السيدة المسيحية من ملابسها ثأرًا من ابنها الذي تردد أنه أقام علاقة مع سيدة مسلمة.

وطالب الأنبا مكاريوس بمحاسبة الجناة المتورطين في الواقعة قبل عقْد جلسات صلح بين المسيحيين والمسلمين في القرية، وانتقد تعامل الأمن مع الواقعة.

وكان الأنبا مكاريوس قد انتقد أيضًا التقصير الأمني في حماية المسيحيين، وقال إن تكرار حوادث استهداف المسيحيين تؤكد فشل المنظومة الأمنية.

وقال تعليقًا على مقتل 26 مسيحيًا في هجوم مسلح أثناء ذهابهم لدير الأنبا صموئيل المعترف بالمنيا مايو/ أيار الماضي، إن الحادث يعد رسالة إرهابية بالقدرة على الوصول للأقباط في أي مكان، وهو ما يستدعي وقفات، ومراجعات، لطريقة التعامل مع الإرهاب.

وقامت أمس قوات الشرطة بمحاصرة مبنى مساحته 50 مترًا في قرية الفرن بأبي قرقاص محافظة المنيا، كان مسيحيو القرية يستخدمونه ككنيسة، ومنعوا المسيحيين من الصلاة فيه وتم تحرير محضر "صلاة دون تراخيص".