أمير الكويت يلتقي ترامب اليوم: مواصلة سياسة الوسيط

أمير الكويت يلتقي ترامب اليوم: مواصلة سياسة الوسيط

05 سبتمبر 2018
سيدفع الأمير لترامب بخططه لجمع الخليجيين (برندن سميالوسكي/فرانس برس)
+ الخط -
يلتقي أمير دولة الكويت، الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، في البيت الأبيض اليوم الأربعاء، في قمة هي الثانية من نوعها بين الزعيمين منذ الأزمة الخليجية التي عصفت بالمنطقة، بعد محاولة السعودية والإمارات، ومن خلفهما البحرين ومصر، فرض حصار على دولة قطر. وكان أمير الكويت، الذي يقوم بدور الوسيط في الأزمة الخليجية، زار واشنطن في سبتمبر/أيلول العام الماضي، حيث تباحث مع ترامب في سبل إنهاء الأزمة الخليجية، قبل أن يعقد مؤتمراً صحافياً قال فيه إن وساطة الكويت تمكنت من احتواء تدخل عسكري محتمل كان يلوح في الأفق، في إشارة إلى تهديدات كانت قد لوحت بها دول الحصار حيال قطر. وأعلن، وقتها، أن الشروط التي تمس سيادة أي دولة مرفوضة، في إشارة إلى الشروط الـ13 التي طالبت دول الحصار قطر الالتزام بها.

ورغم أن هدف الزيارة هو التباحث في كافة ملفات المنطقة، فإنه يتوقع أن يكون ملف الأزمة الخليجية أولوية في المحادثات بين الزعيمين. ولم يشر نائب وزير الخارجية الكويتي، خالد الجار الله مباشرة إلى أن أمير الكويت سيبحث مع ترامب ملف الأزمة الخليجية، ربما بسبب تفضيل الدبلوماسية الكويتية العمل على الموضوع بعيداً عن الأضواء، مفضلاً الحديث عن "الوضع في منطقة الخليج"، في إشارة مبطنة إلى إيران. ولفت الجار الله، في تصريح لوكالة الأنباء الكويتية (كونا) أمس الثلاثاء، إلى أن "هذه الزيارة تكتسب أهمية مضاعفة في ضوء تسارع التطورات التي تشهدها الساحة على المستويين الإقليمي والدولي، خصوصاً ما يتصل منها بالوضع في منطقة الخليج وتطورات عملية السلام في الشرق الأوسط والتحديات التي يواجهها البلدان في إطار التحالف الدولي لمواجهة الإرهاب وتجفيف منابع تمويله". وكشف عن "التوقيع على عدد من الاتفاقيات التي ستشكل إطاراً لتجسيد التعاون بين البلدين"، معرباً "عن ارتياح الكويت وتفاؤلها بهذه الزيارة، وبما سوف تحققه من أهداف مرجوة، سواء على صعيد العلاقات الثنائية أو على صعيد الوضع في منطقة الخليج في ضوء التزام الولايات المتحدة الأميركية بأمن واستقرار المنطقة".

وكان أمير الكويت، الذي يعد الدبلوماسي الأكبر سناً في المنطقة (89 سنة) قد تولى دور الوسيط في الأزمة الخليجية، رافضاً الانحياز إلى دول الحصار، حيث قام بجولات مكوكية بين الدول الخليجية في أول أيام الأزمة، محاولاً إنهاء حالة التصعيد السياسي والإعلامي وتلويح دول الحصار بالعمل العسكري مفضلاً الحل السياسي. وتتمثل استراتيجية الكويت في معالجة الأزمة بتهدئتها أولاً، وقصرها على الخلاف السياسي فقط من دون أن تتطور إلى أعمال عدائية، ومن ثم محاولة إيجاد حل لنقاط الاختلاف دون مساس بسيادة أي بلد، وفق تصريحاته، مع ضمان عدم تدخل القوى الإقليمية أو الدولية في الوساطة، وهو ضمان حصلت عليه الكويت العام الماضي من قبل الرئيس الأميركي نفسه.

وسيدفع الأمير لترامب بخططه لجمع الخليجيين على طاولة واحدة، للمرة الأولى منذ اشتعال الأزمة، بعد فشل القمة الخليجية التي أقيمت في الكويت في ديسمبر/ كانون الأول العام الماضي، حيث قاطعت دول الحصار هذه القمة ما تسبب بتقليص جدول أعمالها، إذ تخطط واشنطن لعقد قمة خليجية – أميركية في منتجع كامب ديفيد الرئاسي لبحث سبل مواجهة طهران والتأكد من تطبيق العقوبات الاقتصادية بحذافيرها على النظام الإيراني. كما أن الكويت تحاول، بشتى الطرق، الإبقاء على المنظومة الخليجية موحدة وغير متصدعة نظراً إلى حاجتها العسكرية والسياسية لها في مواجهة أي تدخل إيراني محتمل بواسطة المليشيات في الجنوب العراقي. وترى واشنطن أن الانقسام الخليجي، وتصدع منظومة مجلس التعاون، التي تأسست في العام 1981 لمواجهة تداعيات الثورة الإيرانية، ستؤثر بشكل كبير في خطط الولايات المتحدة لمواجهة إيران في المنطقة وتقليم أظافرها في العراق وسورية ولبنان واليمن. كما سيتم التباحث خلال القمة في بقية ملفات المنطقة، وعلى رأسها العقوبات الأميركية المفروضة على إيران وأزمة حرب اليمن التي تصفها الكويت في إعلامها الرسمي بالدموية، بالإضافة إلى تطورات عملية السلام في الشرق الأوسط ودعم التحالف الدولي للقضاء على الإرهاب والتطورات السياسية والعسكرية في العراق وسورية. وتحاول الكويت الدفع باتجاه حل سياسي في اليمن، خصوصاً مع فشل التحالف، الذي تقوده القوات السعودية والإماراتية، في تحقيق أي تقدم يذكر خلال الشهور الأخيرة على الأراضي اليمنية. وسبق للكويت أن استضافت المفاوضات التي عقدت بين الحكومة اليمنية والحوثيين، لكن هذه المفاوضات منيت بالفشل بسبب تعنت الطرفين. وتشارك الكويت في التحالف بقوات رمزية تعسكر داخل الحدود السعودية، ولم تتورط قواتها في القصف الدموي الذي طاول أهدافاً مدنية في صعدة وصنعاء.



وترى مصادر أن ترامب سيحثّ أمير الكويت على اتخاذ موقف أكثر حدة حيال إيران، وفرض العقوبات الاقتصادية عليها وقطع كافة الصلات التجارية بها، لكن القيادة السياسية في الكويت ستحاول التحرك في الهوامش المسموحة لها في علاقتها مع طهران بسبب موقعها الجغرافي مقابل السواحل الإيرانية. وسيبحث الطرفان سبل إيجاد حل لعملية السلام المتعثرة في الأراضي الفلسطينية، حيث تتمتع الكويت باتصالات جيدة مع كافة الفصائل الفلسطينية، وعلى رأسها حركة "حماس"، بعكس السعودية والإمارات. كما ستساهم الكويت في تمويل التحالف الدولي لمكافحة الإرهاب ودعم المناطق المحررة من تنظيم "داعش" في العراق وسورية بتنسيق أميركي.

وعلى الصعيد الداخلي، سيوقع الوفد الكويتي المرافق أميرَ البلاد حزمة من الاتفاقيات الأمنية والتجارية والعسكرية. كما ستزيد الكويت من حجم استثماراتها في أميركا عبر الهيئة العامة للاستثمار وهي الذراع التجارية للحكومة الكويتية. ومنذ العام 2013، بدأت الكويت في استثمار علاقاتها الجيدة مع كافة دول الجوار عبر اتباع سياسة جديدة تقوم على الوساطات بين الأطراف المتنازعة وإيجاد موطئ قدم دبلوماسي لها في كافة الدول العربية، إذ يتمتع أمير الكويت باحترام كبير، نظراً إلى كبر سنه وتفضيله الابتعاد عن الصراعات في المنطقة. وكانت الكويت تدخلت دبلوماسياً لإنهاء الأزمة الخليجية في العام 2013 وحرب اليمن في 2015 وحصار قطر في 2017 بدعم غربي كبير. وتعد الكويت من أكثر الدول قرباً من أميركا في المنطقة، حيث تحتضن عدداً من القواعد الأميركية العسكرية التي خصصت لحماية الكويت بعد قيام الولايات المتحدة بقيادة التحالف الدولي لتخليصها من الغزو العراقي في العام 1991، كما أنها باتت قناة خلفية تمكّن أميركا من التواصل عبرها مع الجماعات الإسلامية التي لديها علاقات جيدة مع الكويت ومع التيارات السياسية الشيعية والسنية في العراق.