الحراك الشعبي السوداني... من الشرارة إلى إطاحة البشير

الحراك الشعبي السوداني... من الشرارة إلى إطاحة البشير

الخرطوم

عبد الحميد عوض

avata
عبد الحميد عوض
11 ابريل 2019
+ الخط -

مع نهاية عام 2017، بدأت الأوضاع الاقتصادية في السودان بالتدهور بشكل مريع، فارتفعت أسعار السلع الضرورية، كالدقيق واللحوم والخضروات والسكر، وتهاوى الجنيه السوداني بشكل غير مسبوق.

وحينما حلّ شهر يناير/كانون الثاني 2018، نظمت قوى المعارضة السودانية تظاهرات واسعة في العاصمة الخرطوم، لكنها لم تصمد طويلاً، بعدما قمعتها السلطات واعتقلت قيادات المعارضة، إضافة إلى عشرات الناشطين والناشطات.

وفي نهاية العام ذاته، وتحديداً في 13 ديسمبر/كانون الأول، خرجت تظاهرات محدودة في الخرطوم ومدينة الدمازين، جنوب شرق البلاد، لكن الأمور انقلبت رأساً على عقب في 19 ديسمبر، حينما خرجت تظاهرات أقوى في كل من عطبرة، شمالاً، وبورتسودان والقضارف، شرقاً، لتمتد بعد ذلك إلى عشرات المدن والبلدات السودانية.

في 25 من الشهر ذاته، تسلّم "تجمع المهنيين بالسودان"، وهو جسم يضم نقابات عمال وموظفين مهمة، قيادة التظاهرات، فقاد أول تظاهرة في العاصمة الخرطوم، ثم بدأت الاحتجاجات تأخذ منحىً تصاعدياً في العاصمة وغيرها من المدن، ليصل عدد المدن التي خرجت إلى أكثر من 40 مدينة، ومعها مئات القرى.

في مقابل ذلك، نفذت النقابات إضرابات عن العمل كانت أقل أثراً، عدا الحقل الطبي الذي نفذ الإضراب بنسبة تزيد عن 80 في المائة، كما جرب "تجمع المهنيين السودانيين" أسلوب الاعتصام المدني، لكنه لم يؤت ثماره.

ومطلع يناير/كانون الثاني الماضي، دخل "تجمع المهنيين" في تحالف مع ثلاثة كيانات سياسية، وهي: "نداء السودان"، ويضم أحزابا مدنية منها حزب الأمة القومي بزعامة الصادق المهدي، و"المؤتمر السوداني" بزعامة عمر الدقير، كما يضم حركات مسلحة مثل "الحركة الشعبية" - قطاع الشمال بزعامة مالك عقار، وحركة "تحرير السودان" بزعامة مني أركو ميناوي، وحركة "العدل والمساواة" بزعامة خليل إبراهيم.

الضلع الثاني ممن تحالفوا مع "تجمع المهنيين"، شكلته قوى الإجماع الوطني، وأبرز أحزابها "الشيوعي" و"البعث" السوداني.

أما الضلع الثالث، فهو "التجمع الاتحادي" المعارض، وهو مجموعة من الفصائل انشقت من "الحزب الاتحادي الديمقراطي" بزعامة محمد عثمان الميرغني الذي اتخذ قراراً في العام 2012، بالمشاركة في حكومة الرئيس البشير.

وفي أكثر من موكب، حاول المتظاهرون الوصول إلى القصر الجمهوري، لكن قوات الأمن والشرطة صدتهم ومنعتهم من الوصول إلى هدفهم، وهو تسليم مذكرة لرئاسة الجمهورية تطالب بتنحي البشير.

تمدد بعد ذلك الحراك في معظم أحياء ولاية الخرطوم، وبرزت 34 من الأحياء كحاضنة اجتماعية للاحتجاجات، منها: بري، شرق الخرطوم، شمبات، شمال العاصمة، العباسية في الغرب، وجبرة، جنوب.

استخدمت السلطات العنف المفرط، بما في ذلك الرصاص الحي، لتفريق التظاهرات، فسقط نحو 100 قتيل بحسابات المعارضة، و44 قتيلاً بحسابات الحكومة.

أما الاعتقالات، فطاولت ما يقارب ثلاثة آلاف شخص، بمن فيهم معظم قيادات المعارضة.

في 22 فبراير/شباط الماضي، فرض البشير حالة الطوارئ في البلاد، ومنع التظاهرات والتجمعات غير المشروعة، فتمّ إصدار أحكام من محاكم خاصة أنشئت بموجب الطوارئ وصلت عقوبة السجن فيها لخمس سنوات وأقل، لكن بالرغم من ذلك، تحدى المحتجون "الطوارئ"، وازدادت أعدادهم في الشوارع، واحتضنتهم مدن وقرى جديدة.

بعد ذلك، شكل البشير حكومة جديدة، لم تجد أدنى قبول في الشارع.

في 6 إبريل/نسيان الجاري، قررت قوى إعلان الحرية والتغيير، تسيير موكب إلى القيادة العامة للقوات المسلحة لتسليمها مذكرة تدعوها للانحياز للشعب وإطاحة نظام البشير، ونجح الموكب في الوصول فعلياً إلى محيط القيادة وتحول لاعتصام أعلنت بعده المعارضة السودانية العصيان المدني.

ومساء الأحد والإثنين (7 و8 أبريل/نيسان)، حاولت السلطات الأمنية فضّ الاعتصام الذي انضم إليه مليون شخص وفق تقديرات المعارضة، لكنها فشلت تماماً بعدما بادر جنود وضباط بقرار منهم بالتصدي للقوات الأمنية، وتبادلوا معها إطلاق النيران، فكانت النتيجة مصرع أكثر من 20 شخصاً، منهم خمسة عسكريين.

وأعلن الخميس (11 أبريل/نيسان) عن بيان من القوات المسلحة للشعب السوداني لإعلان استلامها السلطة، ودعا "تجمع المهنيين" المعتصمين للبقاء في مكانهم لحين وضوح الرؤية.

ذات صلة

الصورة
متطوعون في مبادرة لإعداد وجبات طعام بود مدني (فرانس برس)

مجتمع

زادت الحرب في السودان عدد المحتاجين الذين وقعوا ضحايا للظروف السيئة وواقع خسارتهم ممتلكاتهم وأعمالهم واضطرارهم إلى النزوح.
الصورة

سياسة

كوارث هائلة لا تزال حرب السودان تتسبب بها بعد مرور عام على اندلاعها. مقدار المآسي وغياب آفاق الحل والحسم يفاقمان هشاشة أحوال هذا البلد.
الصورة
أطفال سودانيون في مخيم زمزم في ولاية شمال دارفور في السودان (الأناضول)

مجتمع

أفادت منظمة أطباء بلا حدود بأنّ طفلاً واحداً على الأقلّ يقضي كلّ ساعتَين في مخيّم زمزم للنازحين بولاية شمال دارفور غربي السودان بسبب سوء التغذية.
الصورة
نازحون سودانيون في مدرسة في وادي حلفا 1 (أشرف شاذلي/ فرانس برس)

مجتمع

في فناء رملي لمدرسة تحوّلت إلى مركز إيواء للنازحين في شمال السودان، يلعب أطفال بالكرة. من حولهم، ينتظر عشرات الأشخاص المنهكين الفارين من الحرب، منذ أشهر، تأشيرة دخول الى مصر.

المساهمون