3 عقبات تؤخر إنهاء نفوذ "الشباب" وسط الصومال

3 عقبات تؤخر إنهاء نفوذ "الشباب" وسط الصومال

15 سبتمبر 2023
اشتدت المواجهات بين الجيش الصومالي ومقاتلي "الشباب" (Getty)
+ الخط -

اتخذت العمليات العسكرية الحكومية في الصومال، المتواصلة منذ نحو عام، طابعاً تصعيدياً أخيراً، إذ اشتدت المواجهات والهجمات بين الجيش الصومالي ومقاتلي حركة "الشباب" في أقاليم وسط البلاد وجنوبها، نتيجة إصرار السلطات على طرد الحركة من وسط البلاد، في مقابل محاولة عناصر "الشباب" الصمود أمام الهجمات.

ورداً على عمليات الجيش، رفعت "الشباب" وتيرة هجماتها ضد المناطق التي تخضع لسيطرة القوات الحكومية، حيث نفذت خلال الأسبوعين الماضيين نحو 5 هجمات، قالت إنها حققت أهدافها.

في المقابل، استعاد الجيش الصومالي، خلال الأيام الماضية، مدينة عيل جرس الاستراتيجية بإقليم جلجدود، وسط البلاد، إلى جانب قرى وبلدات كانت في قبضة الحركة، التي تتجنب الدخول في مواجهات مباشرة مع الجيش الصومالي في الوقت الحالي، وفق مراقبين.

محمد أمين: لجوء عناصر "الشباب" للأحراج يسمح لهم بالعودة للمدن

ورغم تجدد العمليات العسكرية الحكومية ضد "الشباب" منذ مايو/ أيار الماضي، إلا أن محللين يعزون عدم نجاح الجيش في إنهاء نفوذ الحركة في مناطق وسط البلاد إلى ثلاث عقبات رئيسية.

مخاوف القبائل بعضها من بعض

شكلت المليشيات القبلية المسلحة، التي تعرف باسم "معويسلي" وتقاتل إلى جانب القوات الحكومية، عاملاً مهماً في الحرب ضد "الشباب"، لكن في الوقت نفسه أثارت مخاوف من حدوث عمليات انتقام وثأر بين المكونات القبلية القاطنة في الأقاليم الواقعة وسط البلاد، بسبب التنازع على الكلأ والمراعي.

وقال الصحافي ونائب رئيس إذاعة بلدية مقديشو المحلية عبد الرحمن معلم أحمد، لـ"العربي الجديد"، إنه لا يختلف اثنان على دور المليشيات القبلية المسلحة في الحرب ضد "الشباب"، خصوصاً في المرحلة الأولى من العمليات التي حققت فيها القوات الحكومية مكاسب كبيرة، واستعادت أكثر من 50 منطقة ما بين مدن وقرى وبلدات في جنوب ووسط البلاد من قبضة الحركة.

لكنه أشار إلى أن نفوذ "الشباب" في مناطق تقطنها بعض القبائل وسط البلاد، وسياسة تأجيج القبائل التي اتبعتها الحكومة الصومالية لتحرير مناطق من نفوذ الحركة، أثارت نوعاً من التوجس لدى بعض القبائل من مساعي أخرى للتوسع إلى مناطقها، بذريعة تحرير تلك المناطق من "الشباب".

وأوضح أحمد أن هذا التوجس دفع بعض القبائل إلى التحفظ عن المشاركة في العمليات العسكرية، أو على الأقل إبداء نوع من الرضا حول بقاء الحركة في مناطقهم، خوفاً من توسع قبائل أخرى إلى مناطقهم، في حال تم تحريرها، وهو ما يشكل تحدياً أمام مساعي الحكومة لطرد الحركة من وسط البلاد.

وأوضح أن الحركة حاولت اللعب على الوتر القبلي، وهو ما ظهر واضحاً في بعض المناطق التي تجددت فيها صراعات مسلحة بين القبائل، حيث قامت "الشباب" بتسليح القبائل خلال انسحابها من المدن الكبرى، إلى جانب عقد اجتماعات مع تلك التي تعيش تحت هيمنتها، لتأجيجها ضد قبائل أخرى.

وكان إقليم شبيلي الوسطى قد شهد، في يوليو/ تموز الماضي، مواجهات مسلحة، استمرت لمدة أسبوع، بين قبيلتين، ما أدى إلى خسائر بشرية في صفوف المليشيات القبلية، قبل أن ترسل الحكومة وفداً برئاسة الرئيس السابق شريف شيخ أحمد لإخماد الصراع القبلي في الإقليم.

الأحراج منطلق لهجمات "الشباب"

وعلى الرغم من خسارة "الشباب" مناطق نفوذها في ولاية جلمدغ، وسط البلاد، وأحدثها مدينة عيل جرس، التي تم تحريرها الاثنين الماضي، فإن هذه الانسحابات المتتالية لا تعتبر هزيمة للحركة، وإنما تأتي في إطار استراتيجية "الكر والفر"، حسب محللين.

شريف حسين ربو: الجيش يواجه صعوبة في إيصال الإمدادات لنقل عملياته إلى المناطق النائية

وقال المحلل الأمني والنائب السابق محمد أمين، لـ"العربي الجديد"، إن استعادة القوات الحكومية السيطرة على مدن استراتيجية كانت في قبضة "الشباب" تعد مكسباً كبيراً للحكومة الصومالية، لكنها لا تدعم استراتيجية السلطة في إنهاء نفوذ الحركة وسط البلاد، طالما أن عناصر الحركة ينتقلون إلى الأحراج.

وأشار إلى أن إخلاء الحركة مدناً استراتيجية من دون مواجهات تذكر مع الجيش يعزز فرضية عدم هزيمة "الشباب" عسكرياً، وإنما يأتي في إطار استراتيجية تطبقها الحركة لمواجهة هجمات القوات الحكومية.

وأوضح أمين أن لجوء عناصر الحركة إلى الأحراج المحيطة بالمدن الكبرى التي خسرتها، بهدف عدم خسارة مقاتلين ومعدات حربية، يسمح لهم بالعودة للمدن في أي لحظة، أو فرض قرارات على سكان تلك المناطق، وهو ما يعد عقبة أمام الحكومة لقطع التواصل بين "الشباب" والسكان.

واعتبر أن وجود الحركة في الأحراج، واستخدامها كمنطلق لشن هجمات ضد المدن والمراكز العسكرية الحكومية، يعد تحدياً استراتيجياً أمام محاولات الحكومة إنهاء نفوذ الحركة في وسط البلاد، تمهيداً لبدء المرحلة الثانية من الحرب بمشاركة قوات من دول الجوار. وحذر من أن عدم وجود استراتيجية لدى السلطات للحد من شن "الشباب" هجمات من الأحراج قد تؤدي إلى أن يدفع الجيش ثمناً باهظاً.

غياب الدعم اللوجستي للجيش الصومالي

ويواجه الجيش الصومالي، بحسب الضابط المتقاعد شريف حسين ربو، صعوبة في إيصال الإمدادات العسكرية بهدف نقل عملياته إلى عمق المناطق النائية. وقال ربو، لـ"العربي الجديد"، إن الإمدادات العسكرية تلعب دوراً كبيراً في نجاعة الخطط العسكرية للجيش لاستهداف الحركة في المناطق النائية، مشيراً إلى أن عدم توافرها يصعب مهمة الجيش في ملاحقة مقاتلي "الشباب" بعد انسحابهم من المدن الكبرى.

وأوضح أن حركة "الشباب" تطبق استراتيجية "الكر والفر"، حيث تقوم بحشد مقاتليها لشن هجمات دامية ضد مراكز الجيش، بدلاً من استخدام قواعد ثابتة تمثل صيداً سهلاً للجيش الصومالي. وأكد ربو أنه في ظل غياب استراتيجية حكومية لتفعيل عملية إيصال الإمدادات العسكرية إلى أي منطقة ينتقل إليها الجيش الصومالي، خصوصاً المناطق النائية للحد من هجمات "الشباب"، فإن القوات الحكومية لن تتمكن من إنهاء وجود الحركة في ولاية جلمدغ.

وأوضح ربو أن الهجمات المتكررة لحركة "الشباب" ضد القواعد العسكرية الحكومية في المناطق المحررة جاءت نتيجة غياب دراسة لمواقع إنشاء القواعد وعدم توفير الإمدادات العسكرية المطلوبة عند حدوث تلك الهجمات، سواء أكان دعماً جوياً أم برياً.