فصائل القلمون: قيادة موحّدة... وأهداف متباينة

فصائل القلمون: قيادة موحّدة... وأهداف متباينة

12 ديسمبر 2014
تتشارك الفصائل الموقعة على الاتفاق مطلب إسقاط النظام(فرانس برس)
+ الخط -

تتشارك الفصائل التي وقعت قبل نحو أسبوعين على اتفاق الانضواء تحت قيادة عسكريّة موحّدة في منطقة القلمون الشرقي بريف دمشق، الهدف المعلن ذاته، والمتمثّل بإسقاط النظام السوري ولجم محاولاته المتكررة في الآونة الأخيرة لاقتحام الغوطة الشرقية، في وقت يبدو فيه أن لكلّ فصيل دوافعه غير المعلنة والمتباينة أيديولوجياً واستراتيجياً.

وفي حين يركّز "جيش الإسلام"، التابع لـ"الجبهة الإسلامية"، على قتال تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) وطرده من ريف دمشق بشكل كامل، بمساندة "جيش أسود الشرقيّة"، وهو تجمّع مقاتلين عادوا من دير الزور، وقرروا مواصلة المعركة ضد النظام و"داعش"، تحاول "جبهة النصرة"، فكّ الحصار عن القلمون الغربي، المحاصر منذ تسعة أشهر، وتوسيع عملياتها على الحدود السورية اللبنانية، في ظلّ تصاعد التوتر مع الجيش اللبناني. وعلى الرغم من موافقتها على قيادة عسكريّة موحّدة في المنطقة، لكن ذلك لا يمنع "النصرة" من مشاركة "داعش" في معظم العمليات على الحدود مع لبنان، وشنّهما سلسلة من الهجمات ضدّ مواقع تابعة لحزب الله عند السلسلة الشرقية بين لبنان وسورية.

ويعتبر المتحدث الرسمي باسم "جيش الإسلام"، أقوى الفصائل العاملة في الغوطة الشرقية وريف دمشق، والموقّعة على إعلان القيادة الموحدة، عبد الرحمن الشامي، أنّ "التوحّد العسكري حاجة في هذه المرحلة الحرجة من عمر الثورة، خصوصاً بعد ظهور عدو جديد للثوار والمجاهدين، والمتمثل بتنظيم "داعش". ويقول إنّ "توحّد الفصائل العسكرية في القلمون الشرقي ما هو إلا لمواصلة المسيرة نحو تحقيق أهداف الثورة ومحاربة العدو الجديد (داعش) الذي ظهر أخيراً في القلمون".

ويوضح عبد الرحمن أنّ "جبهة النصرة في القلمون الشرقي، وقّعت معنا معاهدة، على الرغم من سياستها المتناغمة مع "داعش" في القلمون الغربي"، ملاحظاً في الوقت ذاته أنّ "سياسة النصرة حول "داعش" لم تثبت على رأي، فبعض عناصرها يعتبره عدواً وخوارج، ومنهم من يراهم أخوة في المنهج". ويستبعد "أيّ تداعيات للقيادة الموحّدة على ما يحدث على الحدود السورية اللبنانية".
من جهته، يشير مدير المكتب الإعلامي في جرود القلمون، الحر القلموني، لـ"العربي الجديد"، إلى أنّ "هدف الإعلان الأول فكّ الحصار عن المجاهدين المحاصرين في القلمون الغربي، المحاصرين منذ تسعة أشهر، وفتح طريق باتجاه دمشق، وفكّ الحصار عن الغوطة الشرقيّة، خصوصاً بعد اضطرار المعارضة إلى الانسحاب من عدرا، نتيجة القصف المكثف بالصواريخ والمواد التي تحمل غازات سامة، والتي أدت إلى مقتل الكثير من العناصر".

في موازاة ذلك، تركز بعض الفصائل الأخرى على قتال النظام السوري في هذه الآونة قبل كل شيء. وفي سياق متّصل، يؤكّد المتحدّث العسكري باسم "فيلق الرحمن"، العميد فاخر ياسين لـ "العربي الجديد"، أنّ "القيادة الموحّدة في القلمون الشرقي خطوة مهمة وضروريّة في سبيل توحيد الجهود العسكريّة، نحو اسقاط النظام". ويشدّد على أنّه "سواء كان الهدف كسر الحصار عن الغوطة أو كسر الحصار عن القلمون الغربي، فالنتيجة واحدة وهي إضعاف النظام وتكبيده ما أمكن من الخسائر والعمل على إسقاطه". ولا يستبعد ياسين إمكانيّة عودة "الجيش الحرّ إلى عدرا العماليّة وعدرا البلد في سبيل كسر الحصار عن الغوطة واغتنام الفرص المتاحة أمام التشكيلات العسكريّة حين تسمح الظروف والإمكانات"، معتبراً أنّ "الحرب كرّ وفرّ".

وتضمّ القيادة الموحّدة في القلمون الشرقي كلاً من من "جبهة النصرة" و"جيش الإسلام"، و"فيلق الرحمن" و"تجمع الشهيد أحمد عبدو"، و"لواء عمر"، إضافة إلى "جيش أسود الشرقيّة". ومنذ تشكيلها، لم يكن هناك أيّ معارك أو جبهات تُذكر مع قوات النظام، ما يفسر حالة التوحد التي جاءت من دون توحيد الرؤى والاستراتيجيات وتذليل الفوارق، ما قد يساهم في تفريق هذه الفصائل أكثر من جمعها. وفي موازاة ذلك، تحاول قوات المعارضة السورية في سلسلة جبال القلمون أن تعيد ترميم نفسها من جديد، خصوصاً بعد الخسائر التي تلقتها على يد قوات النظام، إن في القلمون نفسها، أو في عدرا البلد والصناعية والعمال، والتي أبعدت حلمها لناحية كسر الحصار عن الغوطة الشرقيّة.

وكانت قوات النظام السوري المدعومة بمقاتلي "حزب الله" اللبناني، قد سيطرت على غالبية منطقة القلمون منذ منتصف أبريل/نيسان الماضي، ولجأ العديد بعدها من مقاتلي المعارضة إلى التحصّن في الجبال والمغاور الطبيعية، شماليّ دمشق، والتي تمتد على عشرات الكيلومترات على الحدود مع لبنان.

وبعد اشتعال الحرب بين "جبهة النصرة" و"داعش" من جهة، ومقاتلي "حزب الله" والجيش اللبناني من جهة أخرى، في بلدة عرسال على الحدود السورية اللبنانية، انسحب مقاتلو "النصرة" و"داعش" مرة جديدة إلى جرود القلمون، وتمترساً على مسافة كيلومتر واحد من تلال القلمون حتى جرود عرسال، في حين توزّع الجيش النظامي السوري و"حزب الله" في طوق من التلال المحيطة بالمدن والقرى القلمونية الحدوديّة، مع سيطرة على معظم مدن القلمون كيبرود ودير عطية، والنبك. ومنذ ذلك الحين، بقي الوضع مقتصراً على معارك كرّ وفرّ، ولم يشهد أيّ جديد، سوى التوتّر المتزايد لـ"جبهة النصرة" مع الجيش اللبناني، والذي لم يخدم المعارضة السورية في شيء، مخلّفاً المزيد من الانقسامات والتراجع على الخارطة العسكريّة.