أمراض "شيخوخة" تصيب أطفال الصين

أمراض "شيخوخة" تصيب أطفال الصين

20 يونيو 2022
ترتبط أمراض مزمنة لدى أطفال في الصين بزيادة الوزن والسمنة (هو يو/ Getty)
+ الخط -

تسللت خلال السنوات الأخيرة أمراض مزمنة، مثل اضطرابات القلب وارتفاع نسبة السكر والدهون في الدم إلى الفئات العمرية الصغيرة والمتوسطة في الصين. وأظهر مسح حديث أجرته اللجنة الوطنية للصحة الحكومية، وشمل 91 ألف تلميذ في مدارس ابتدائية، أن معدل اكتشاف ضغط الدم غير الطبيعي في أوساطهم بلغ 14 في المائة، وأن نسبة من يعانون من ارتفاع في نسبة السكر والدهون في الدم وصلت إلى 15.3 في المائة. وأظهر المرصد الوطني للأمراض الشائعة والعوامل المؤثرة بالصحة، أن معدل اكتشاف الانحناء الشوكي غير الطبيعي لدى تلاميذ المدارس الابتدائية بلغ 2.8 في المائة. 
ويطالب خبراء بتعديل معايير مناهج التربية البدنية، وجعلها حصصاً إلزامية بالنسبة إلى الطلاب في المؤسسات التعليمية، وتعزيز المسؤولية الأساسية التي تقع على عاتق الآباء والأمهات.

صحة
التحديثات الحية

وكشف مسح أجرته مدرسة تيانجين الابتدائية في مارس/ آذار الماضي أن الدجاج المقلي والبطاطا المقلية والمثلجات المحلاة بين أكثر ثلاثة أطعمة يفضلها التلاميذ، وأحصى تناول نحو 90 في المائة منهم حلويات ومثلجات خلال أسبوع، و85 في المائة منهم تناولوا طعاماً مقلياً، في مقابل عدم أكل نحو 40 في المائة منهم فاكهة طازجة يومياً، و20 في المائة منهم لم يتناولوا الخضار طوال أسبوع كامل.
يقول اختصاصي التغذية في مركز داشن للصحة العامة ليو نيانغ لـ"العربي الجديد": "ترتبط بعض الأمراض المزمنة عند الأطفال في شكل وثيق بزيادة الوزن والسمنة وألعاب الفيديو". ويوضح أن أولياء الأمور مسؤولون أساسيون عن صحة الأطفال والمراهقين، ويدعو إلى ضرورة اعتماد نظام غذائي يومي لمن هم دون سن 18 عاماً، واتخاذ خطوات تساعد في شكل كبير في تجنب الإصابة بأمراض مزمنة، وبينها تقليل طرق الطهو بالقلي والشواء، والتحكم بكميات الزيت والملح والسكر، وتوجيه الأطفال نحو الامتناع عن تناول وجبات سريعة ومصنّعة، وكميات أقل من المشروبات المحلاة بالسكر، وصولاً إلى عدم شربها على الإطلاق. ويجب أن يراقب الآباء مراقبة نمو وتطور أطفالهم وقياس طولهم ووزنهم بانتظام،  واستشارة المؤسسات الطبية في حال ملاحظة علامات غير طبيعية".
ويحذر ليو من خطورة انتشار الأمراض المزمنة بين الأطفال التي "لا تؤثر بنموهم فحسب، بل تزيد أيضاً خطر إصابتهم بأمراض ذات الصلة في مرحلة البلوغ. ويشير ارتفاع نسبة الدهون في الدم في مرحلة الطفولة تحديداً إلى احتمال الإصابة بارتفاع ضغط الدم وأمراض القلب التاجية وتلف وظائف القلب والدماغ والكلى في مرحلة البلوغ".

الصورة
تأثيرات سلبية لألعاب الفيديو على الأطفال في الصين (هو شنغوي/ Getty)
تأثيرات سلبية لألعاب الفيديو على الأطفال في الصين (هو شنغوي/ Getty)

من جهته، يقول أستاذ التربية البدنية في مدرسة شينزن الابتدائية، تشين وي، لـ"العربي الجديد"، إن "نحو نصف تلاميذ المدارس الابتدائية يمارسون الرياضة مدة تقل عن ثلاثين دقيقة يومياً، علماً أن التربية البدنية في المدارس الابتدائية والمتوسطة تعتمد في شكل أساسي حالياً على رياضات فنية تحتاج إلى جهد ذهني، ونقص تدريبات القوة البدنية يسبب حالات خمول جعلت التلاميذ أقل استعداداً لممارسة الرياضة عموماً، حتى إن بعضهم عزفوا عن حصصها بالكامل، وخصوصاً أنها غير إلزامية". 
ويدعو تشين إلى زيادة الرياضات التنافسية، مثل كرة السلة وكرة القدم، من أجل تحفيز اهتمام الأطفال بالرياضة، و"هذا يحتاج إلى قرارات من سلطات التربية والتعليم، وإلا فستبقى مادة الرياضة حصة ترفيهية غير ملزمة".
ويوضح أنه "يصعب مرافقة آباء أطفالهم إلى الأنشطة الرياضية بعد يوم عمل شاق. وبعد التخفيض المزدوج الذي فرضته الحكومة العام الماضي، عبر تقليص عدد ساعات الدراسة، أصبح لدى التلاميذ مزيد من أوقات الفراغ. وحتى في أوقات الإجازة، يميل الآباء إلى تعزيز قدرات أبنائهم في القراءة والموسيقى على حساب الأنشطة الرياضية، ما يعني أن فرص بذل أي مجهود بدني تتضاءل مع مرور الوقت". ويشدد على أن التدخل المبكر من الأهل لحثّ الأبناء على ممارسة الرياضة يمكن أن يقلل من خطر الإصابة بأمراض مزمنة في المستقبل، أما التدخل في مرحلة البلوغ فغير فعّال غالباً.
وكانت الحكومة الصينية قد أعلنت مطلع العام الحالي خطة تهدف إلى خفض معدلات السمنة بين الأطفال بنسبة 80 في المائة بحلول عام 2030. واقترح مشرعون صينيون، خلال جلسة عقدها البرلمان في مارس/ آذار الماضي، تعديل معايير التربية البدنية في المدارس الابتدائية والمتوسطة، ورفع نسبة حصص الرياضة لتصل إلى 10 في المائة من إجمالي عدد ساعات الدراسة.

وتفيد أرقام نشرتها اللجنة الوطنية للصحة أن 600 مليون شخص يعانون من السُّمنة في الصين، وأن أكثر من 50 في المائة من البالغين، وحوالى 20 في المائة من الأطفال في الفئة العمرية بين 6 سنوات و17 سنة، يعانون من زيادة وزن. ويعلّق خبراء على هذه الأرقام بأن "معاناة حوالى نصف سكان الصين من السُّمنة تعني أن البلاد تواجه مشكلة صحية خطرة".

المساهمون