الأمراض المرتبطة بالفطريات خطر متعاظم يتمدد حول العالم

الأمراض المرتبطة بالفطريات خطر متعاظم يتمدد حول العالم

21 سبتمبر 2023
الفطريات من نوع "أسبرجيلوس فوميغاتوس" قد تسبّب أوراماً رئوية (Getty)
+ الخط -

ما زال الاهتمام المخصّص لمعالجة حالات العدوى الناجمة عن الفطريات، في كلّ أنحاء العالم، أقلّ من المستوى المطلوب، على الرغم من تسبّبها في وفيات كثيرة. ويتنامى هذا الخطر خصوصاً بفعل تزايد مقاومة هذه الفطريات للعلاجات المتوفّرة حالياً.

في المركز المرجعي الوطني للفطريات الغازية ومضادات الفطريات التابع لـ"معهد باستور" في باريس، تُفحَص الفطريات بدقّة شديدة. ويجري الباحثون في المركز تحاليل لنحو 800 عيّنة في كلّ عام، تشمل سلالات الخميرة أو الفطريات الخيطية (العفن) المزروعة، خصوصاً تحت المجهر، لتحديد أنواعها ومقاومتها المحتملة للعلاجات.

تقول فاني لانترنييه، المتخصصة في الأمراض المعدية في "مستشفى نيكر" والمسؤولة في المركز المرجعي التابع لـ"معهد باستور"، إنّ "الفطريات موجودة في كلّ مكان، سواءً أكانت مرئية أم لا".

ويطلق "معهد باستور" في الرابع من أكتوبر/ تشرين الأول المقبل عمليته السنوية لجمع الهبات المخصّصة لتمويل المشاريع البحثية في هذا المجال.

ويعتقد علماء الفطريات أنّ ثمّة ما لا يقلّ عن مليون نوع من الفطريات على الأرض. وهي تتكاثر عن طريق نشر الجراثيم المجهرية. وغالباً ما تعيش هذه الجراثيم في الهواء والتربة، ويمكن استنشاقها أو تناولها مع الطعام.

وتُعَدّ بعض الخمائر جزءاً كذلك من الكائنات الحيّة الدقيقة، وتعيش على الجلد وفي الجهاز الهضمي.

كذلك فإنّ ثمّة التهابات الفطرية شائعة تكون خفيفة وسهلة العلاج عموماً، مثل مرض القلاع الفموي أو الالتهابات المهبلية أو عدوى الخميرة أو عدوى الخميرة الجلدية وفروة الرأس.

وعلى الرغم من أنّ الجراثيم التي تعيش على الجلد أو التي تُستنشَق في الرئتَين ليست لديها بمعظمها أيّ عواقب على الأشخاص الأصحّاء، فإنّها من المحتمل أن تتسبّب في التهابات حادة لدى المرضى الذين يعانون من ضعف في الجهاز المناعي.

توسّع متزايد

تقول لانترنييه إنّها "سوف تؤثّر خصوصاً على المرضى الضعفاء، من بينهم على سبيل المثال المصابون بالسرطان أو بعدوى فيروس نقص المناعة البشرية المكتسب (إيدز) أو الذين خضعوا لعمليات زرع أعضاء أو لجراحات ثقيلة".

وتشير إلى أنّ السنوات الأخيرة شهدت ازدياداً في بعض الالتهابات الفطرية بسبب الاستخدام المتزايد للعلاجات المثبطة للمناعة في إطار علاج أمراض أخرى.

وفي عام 2022 الماضي، نشرت منظمة الصحة العالمية قائمة تضمّ 19 نوعاً من الفطريات "لا بدّ من دراستها كأولوية"، مشيرة إلى أنّها تشكّل "تهديداً كبيراً للصحة العامة".

ومن بين الأنواع المسببة للمشكلات خصوصاً، بحسب منظمة الصحة العالمية، "كريبتوكوكسوس نيوفورمانس" (من الممكن أن تؤدّي في حالات معيّنة إلى التهاب السحايا)، و"كانديدا أوريس" (من الممكن أن تسبّب التهابات في أعضاء مختلفة، خصوصاً الدماغ)، و"أسبرجيلوس فوميغاتوس" (من الممكن أن تسبّب أمراضاً رئوية).

وترتبط هذه العدوى بمعدّلات وفيات عالية جداً تصل إلى 60 في المائة لدى بعض الأشخاص.

يُذكر أنّ الاحترار المناخي وزيادة السفر يتسبّبان في انتشار الأمراض الفطرية المتوطنة وتوسّع نطاقها الجغرافي (كان مقتصراً على مناطق معيّنة) في كلّ أنحاء العالم.

مقاومة أكبر للعلاجات

وفي الربيع، حذّر المركز الأميركي لمكافحة الأمراض والوقاية منها (سي دي سي) من زيادة حالات الإصابة بفطريات "كانديدا أوريس" (خميرة تنتشر حول العالم)، وسط توسّع تفشّيها في المؤسسات الصحية في كلّ أنحاء البلاد.

وما زالت فرنسا متأثرة قليلاً بهذه المشكلة. لكن من أجل منع توطّن هذه الخميرة وانتشارها في المستشفيات الفرنسية، كانت توصيات، ابتداءً من الصيف المنصرم، بإجراء فحص لمستوى انتشار "كانديدا أوريس" لدى المرضى الذين يدخلون بعد العلاج في مستشفيات خارج البلاد.

وعلى الرغم من المخاوف المتزايدة، فإنّ الالتهابات الفطرية لا تحظى إلا بالقليل جداً من الاهتمام والموارد، بحسب منظمة الصحة العالمية. ومن الشائع على نحو متزايد أن تكون مسبّبات الأمراض أكثر مقاومة للعلاجات، مثل البكتيريا المقاومة للمضادات الحيوية.

وتوضح سارة ديليير، عالمة فطريات في "مستشفى سان لوي" في باريس وباحثة في "معهد باستور": "نستخدم مضادات للفطريات من أجل علاج المرضى، ونستخدمها أيضاً في الحقول لمنع بعض الفطريات من الفتك بالمحاصيل". تضيف ديليير أنّن بمرور الوقت، "تصير فطريات معيّنة، مثل الرشاشيات (أسبرجيلوس)، مقاومة لمضادات الفطريات، ويتبّين أنّ علاج المرضى الذين يصابون بها يصير أكثر تعقيداً".

وقد برزت هذه المقاومة خصوصاً في هولندا، حيث انتشرت كميات كبيرة من مضادات الفطريات في حقول التوليب.

(فرانس برس)

المساهمون