التسرب المدرسي للإناث يعيد زواج القاصرات إلى الواجهة في تونس

التسرب المدرسي للإناث يعيد زواج القاصرات إلى الواجهة في تونس

18 يناير 2023
تستأثر المرحلة الثانوية بأكبر نسبة متسربين في تونس عموماً (Getty)
+ الخط -

يزيد التسرب المدرسي للإناث في تونس انتشار الزواج المدبّر للقاصرات اللائي يُدفع بهن إلى الحياة الزوجية في سن مبكرة لأسباب اجتماعية، أبرزها الفقر وتراجع قدرة الأسر على إعالة أبنائها.

وتكشف بيانات جمعها "العربي الجديد" من منصات المعهد الوطني للإحصاء (حكومي)، أنه جرى خلال الفترة الممتدة ما بين عامي 2013 و2021 تحرير 833.983 عقد زواج في تونس، من بينها 16.680 عقد زواج لقصّر، على اعتبار أنّ عدد زيجات القصر في البلاد يقدر بـ2% من مجمل العقود المبرمة، وفق منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف).

وعلى امتداد عقود من الزمن، شكّل المسار الدراسي للتونسيات الملاذ الأول من سطوة الأعراف الاجتماعية التي تدفع نحو زواج القاصرات أو الزواج المدبر من قبل الأسر، حيث تتمسك الإناث في تونس بالتعلّم أكثر من الذكور ويحققن نتائج أفضل، وفق بيانات رسمية لوزارة التربية.

ويشكل التسرب المدرسي الذي يشمل سنوياً نحو 100 ألف تلميذ وتلميذة، أغلبهم من أوساط اجتماعية فقيرة، واحداً من أسباب زيادة زواج القاصرات في البلاد خلال العشرية الأخيرة، بحسب الباحثة في علم الاجتماع نجاة العرعاري.

وتقول العرعاري، لـ"العربي الجديد"، اليوم الأربعاء، إنّ "زواج القاصرات في أغلب الأحيان زواج مدبر من قبل الأسر، التي تسعى إلى التخلّص من الفتيات عبر تزويجهن زيجات تقليدية عبر الوساطة في المحيط الضيق".

وتشير الباحثة في علم الاجتماع إلى أنّ "الإخفاق التعليمي والتسرب المدرسي يجعلات الفتيات بلا حماية من سطوة العقلية الذكورية التي ترى في الفتاة المنقطعة عن التعليم كائناً بلا مردودية اقتصادية وتسعى إلى التخلّص من أعبائها بتزويجها".

وتضيف أنّ "دراسة بحثية للمركز الدولي للدراسات حول النساء عام 2017 أكدت أنّ أسباب زواج القاصرات في تونس أغلبها ناجمة عن ظروف اجتماعية صعبة تمنعها من مواصلة مسارها التعليمي، حيث تنقطع الفتيات عن الدراسة في المرحلة الابتدائية"، مشيرة إلى أنّ "عوامل من بينها الحفاظ على الميراث تلعب دوراً كبيراً في تفشي زواج القاصرات في الأرياف والمناطق الداخلية"، مؤكدة أنّ "تمسك الفتيات في تونس بالتعلّم من أبرز وسائل الحماية لهن من الزيجات المدبرة في سن مبكرة".

يشكل التسرب المدرسي الذي يشمل سنوياً نحو 100 ألف تلميذ وتلميذة، أغلبهم من أوساط اجتماعية فقيرة، واحداً من أسباب زيادة زواج القاصرات

وتؤكد دراسات أجرتها منظمات مدنية أنّ الوسط الريفي يشهد النسبة الأكبر للانقطاع المدرسي، بنسبة تفوق 50% من عدد التلاميذ، خصوصاً في صفوف الفتيات، ويفضل بعض الآباء إخراج بناتهم من المدرسة بدلاً من الأبناء عند الاضطرار.

وتستأثر المرحلة الثانوية بأكبر نسبة متسربين في تونس عموماً، إذ تصل إلى 47% من التلاميذ الثانويين، أما نسبة التسرب في المرحلة الإعدادية فهي 42.7%، خلال السنوات الأخيرة، وفق إحصائيات رسمية.

وتشير عضو الهيئة التنفيذية لمنظمة النساء الديمقراطيات أحلام بوسروال إلى أنّ هناك "أسباباً أخرى لزواج القاصرات، من بينها الزواج القضائي الذي يتم على أثر تعرض القاصرات للتحرش أو الاعتداء الجنسي أو الحمل خارج إطار الزواج".

وتؤكد بوسروال، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أنّ "المنظمات النسوية ناضلت أكثر من 30 عاماً من أجل منع زواج القاصرات من مغتصبيهن، وهو ما تحقق بفضل القانون الأساسي لمكافحة العنف ضد النساء"، غير أنها اعتبرت أنّ "أسباباً أخرى اجتماعية، ومن أبرزها الفقر والتسرب المدرسي المبكر، تبقي مخاطر الدفع بالإناث نحو الزواج في سن مبكرة قائمة".

ويقيد الفصل الخامس الجديد من مجلة الأحوال الشخصية في تونس زواج القاصرات بالحصول على إذن قضائي، وينص على أنّ "كل من لم يبلغ منهما 18 سنة كاملة لا يمكنه أن يبرم عقد زواج. وإبرام عقد الزواج دون السن المقرر يتوقف على إذن خاص من رئيس المحكمة الابتدائية".

المساهمون