العراق: اعتداءات تطاول موظفين خلال حملات إزالة تجاوزات على الممتلكات

العراق: اعتداءات تطاول موظفين خلال حملات إزالة التجاوزات على الممتلكات العامة

13 مارس 2022
الحكومة مطالبة بتوفير البدائل للفقراء (أحمد الربيعي/فرانس برس)
+ الخط -

تواصل السلطات العراقية عبر دوائر البلدية التي باتت ترافقها قوات أمنية من الجيش والشرطة، تنفيذ حملات رفع وإزالة التجاوزات على الممتلكات العامة، وسط مواجهة عنيفة أحياناً بين المتجاوزين وموظفي الدولة.

وبرزت ظاهرة التجاوزات على الممتلكات العامة، بشكل واسع عقب الغزو الأميركي للعراق عام 2003 ووصلت إلى مستوى البناء على الأرصفة والحدائق العامة، إضافة إلى المساكن العشوائية والمحال التجارية التي شيّدها أشخاص على أراضٍ مملوكة للدولة بعضها يقع على خطوط نقل النفط والكهرباء والصرف الصحي، مما خلق مشاكل كثيرة بالفترة الأخيرة.

وتعرّض، أمس السبت، أحد الموظفين التابعين لبلدية محافظة النجف، جنوب العراق، لاعتداء بالرصاص الحيّ أثناء تأدية واجبه. وذكرت الشرطة العراقية أن "مجموعة من المتجاوزين أقدموا على الاعتداء بالرصاص الحي على الموظف كرار العزاوي في بلدية النجف، وقد كان مكلفا بإزالة تجاوز في منطقة حي الحرفيين".

وأضافت أن "المصاب بحالة خطرة وقد دخل غرفة العمليات الكبرى في أحد مستشفيات النجف"، مبينة أن "المسلحين يسكنون في أحد الأحياء العشوائية وقد لاذوا بالفرار بعد إصابة الموظف".

وبدأت قصة إزالة التجاوزات في أغسطس/آب 2021، عندما قررت الحكومة العراقية، بدء حملة وطنية لإزالة جميع التجاوزات على أملاك الدولة، على خلفية مقتل مدير بلدية كربلاء جنوبي العراق، عبير سالم، خلال إشرافه على حملة لإزالة محلات تجارية شيدها شخص على أرض مملوكة للدولة.

وقام وقتها رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي، بزيارة منزل المسؤول المحلي الراحل لتقديم العزاء، قبل أن ينتقل إلى مكان وقوع الجريمة ليشرف على حملة رفع التجاوزات، ثم أعلن إطلاق الحملة في عموم البلاد، متعهدا بالتعامل بشدة مع المتجاوزين.

وقال سلام الموسوي وهو مفتش في وزارة الإعمار والإسكان والبلديات لـ"العربي الجديد"، إن "عموم الدوائر البلدية في المحافظات العراقية تواصل تنفيذ خطة رفع التجاوزات في الأرصفة والشوارع، والأراضي التابعة للدولة، وهناك تعامل صارم مع المتجاوزين"، مبيناً أن "التعامل مع المتجاوزين ليس هيناً، لكن الوزارة حصلت على موافقات أمنية لاصطحاب رجال الأمن إلى مواقع إزالة التجاوزات".

وأكمل أن "موظفين تابعين للوزارة وآخرين متعاقدين معها، يتعرضون  لتهديدات وملاحقات عشائرية وحالات اعتداء بالضرب، إضافة إلى الشتائم، لكن الحملة متواصلة، وخلال أقل من عام شهدت محافظات عدة تصاعد نسبة إزالة التجاوزات، لا سيما كربلاء وبغداد وذي قار"، مؤكداً أن "الدعم الأمني والقانوني للموظفين يسهم في حمايتهم من أي اعتداءات وتجاوزات".

من جهته، قال عضو مجلس النواب العراقي هادي السلامي، إن "هناك تجاوزات حصلت في العراق جرّاء الفقر المتفشي بسبب عدم وجود التخطيط الحكومي والرعاية للمحرومين، بالتالي فإن على السلطات أن تفرق بين التجاوزات المدعومة سياسياً، وبين التجاوزات التي حصلت جرّاء الفقر"،

وأكد النائب العراقي في اتصالٍ مع "العربي الجديد"، أن "بعض الجهات السياسية والحزبية هم الأكثر تورطاً في شرعنة التجاوزات، وتحويل الأراضي الزراعية إلى سكنية وتجارية، وفي بعض محافظات الجنوب أقدمت أحزاب على تحويل الأراضي التابعة للدولة إلى مجمعات تجارية "مولات"، وقد حصلت على الموافقات في إنشاء هذه المجمعات من خلال الرشى لبعض الموظفين، علاوة على التهديدات".

ولفت إلى أن "شكل معظم المدن العراقية قد خربته التجاوزات ومنازل ما يُعرف بـ"الحواسم"، لأن الحكومات التي تحكم العراق منذ عام 2003 ولغاية الآن، لم يكن يهمها العراق بقدر اهتمامها بمصالحها الشخصية والدول الداعمة لها".

وأكمل أن "التجاوز على الموظفين مرفوض، لكن الحكومة مطالبة بتوفير البدائل للفقراء، إذ إن معظم منازلهم مشيّدة من الطين وصفائح الحديد، وبلا ترخيص على أراضٍ تابعة للدولة أو يملكها أفراد، وأن هؤلاء يمثلون قنابل موقوتة قد تهدد السلطة بانتفاضة كبيرة، إذا استمرت السلطات بإهانتهم".

ويخشى فقراء العراق هدم منازل بنوها بطريقة عشوائية بسبب عدم توافر بدائل لهم، رغم أن مسؤولي الحملة يصرّون على أنها لن تمسّهم، بل تستهدف تحديداً التعديات التي يقف وراءها سياسيون وزعماء فصائل كبيرة، ويتعمدون فيها إهانة القانون والدولة.

وسبق أن نفذت حكومات محلية في بغداد وبلديات تابعة لمحافظات أخرى، حملات لهدم التجاوزات والعشوائيات، وبينها المحال التجارية المنتشرة في الشوارع وأكشاك بُنيت على الأرصفة، لكنها اصطدمت غالباً بنفوذ أحزاب تسيطر على المناطق، وفصائل مسلحة تستفيد من الفوضى القائمة في تحصيل رسوم من المتجاوزين في مقابل توفير حماية لهم.

كما وعدت أمانة بغداد وإدارات في مدن وسط وجنوب العراق، خلال السنوات الماضية، بتوفير أكشاك للمتجاوزين شرط تنظيم عملهم، إضافة إلى منازل منخفضة الكلفة لإنهاء التعديات على المساكن، لكن هذه الوعود لم تسلك طريق التنفيذ بسبب تفشي الفساد.

المساهمون