المركز العربي يبحث ملف النفايات الصلبة والانتقال البيئي في تونس

المركز العربي يبحث ملف النفايات الصلبة والانتقال البيئي في تونس

تونس

بسمة بركات

avata
بسمة بركات
25 فبراير 2022
+ الخط -

بحث المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات في تونس، الجمعة، ملف النفايات الصلبة في تونس والانتقال البيئي، حيث أكد باحثون ومختصون في البيئة أن قضايا النفايات في تونس لم تعالج بالكيفية المطلوبة من حيث إيجاد حلول جذرية، وظلت الدولة تبحث في كل مرة عن حلول ترقيعية، وهو ما أدى إلى بعض التحركات و الإحتجاجات في عدد من المحافظات ، كصفاقس وعقارب وقابس وجربة، مضيفين أن حل الإشكاليات المطروحة ومعالجة ملف النفايات لا يزال دون المأمول، ولابد من حوار تشاركي من أجل تحقيق الانتقال البيئي وخلق الثروات وإنجاح المنوال التنموي.

وقال الخبير في المجال البيئي، جلال بوزيد، في تصريح لـ "العربي الجديد" أن "تفكيك المنظومة البيئية يجعلنا نقف على عدة ثغرات تتعلق بمعالجة هذا الملف، فالبلديات لم تشتغل على الجانب الإستشرافي، ولا على إصلاح المنظومة بإدراج الجانب المتعلق بالفرز والرسكلة لخلق مواطن شغل، وخلق حركية إقتصادية هامة"، مضيفاً أن "الوكالة الوطنية للتصرف في النفايات التابعة لوزارة البيئة لم تعمل أيضاً على الجانب الإستشرافي، وكذلك لم يرتق الجانب التشريعي للمستوى المطلوب، وبالتالي كل الجوانب وكل حلقات المنظومة لا تخلو من أخطاء، وتتضمن جوانب ضعيفة في الاتصال والتواصل".
وتابع بوزيد "المواطن أيضاً لم يقم بدوره في دفع النقاش والدفع نحو إيجاد حلول، وكان دوره سلبياً ولم يجد من يسمعه ومن يفهمه، والتعبير الوحيد للمواطن كان من خلال الإحتجاجات"، مضيفاً أن" المطلوب أن يجلس الجميع على طاولة الحوار ويتم وضع المشاكل العالقة للخروج من النقاط السلبية، حيث يمكن التقدم بالمجال البيئي، لأن غياب التنسيق والرؤيا من أسباب الأزمة".
وقال المكون في مجال الإتصال، حافظ الهنتاتي، في مداخلة له إن "أزمة النفايات في تونس هي أزمة هيكلية وستتواصل في ظل غياب معالجة جذرية للأزمات البيئية وفي ظل غياب الوعي البيئي، وتقريباً من 2011 إلى الآن لم توضع حلول للأزمات البيئية حتى أنه لا بديل للمصبات التي أغلقت، ولا تقدم في مجال رسكلة النفايات"، مضيفاً أنه يوجد ثلاثة أصناف من النفايات، وهي  الغازية والصلبة والسائلة، ومن بين هذه النفايات نجد النفايات الطبية والخاملة، أي فواضل البناء، ولكل منها خصوصية في التعامل معها ومعالجتها، وأكد أن النفايات تعتبر من الملفات الهامة التي تشغل الرأي العام، وأحياناً تشكل قضية دبلوماسية كأزمة نفايات إيطاليا مؤخراً.
وتابع أن منظومة التصرف في النفايات مشتتة ولا تخلو من تدخلات بين عدة مؤسسات، فوزارات التجهيز والسياحة وأملاك الدولة والصحة والدفاع تتدخل في البيئة، وحوكمة هذا القطاع تتطلب رؤيا استراتيجية واضحة وسياسة موحدة في مجال البيئة، مشيراً إلى أن هذا التشتت سببه غياب الرؤيا، حتى في التشريعات.

ولفت إلى أن أكبر الملوثين في تونس هو الديوان الوطني للتطهير والذي تراقبه وكالة حماية المحيط، أي أن نفس الجهاز يراقب مؤسسة تابعة له فنجد الدولة هي الخصم والحكم في نفس الوقت، مضيفاً أنه فيما يتعلق بهيكلة المؤسسات فلا تقدم في هذا المجال.
ولاحظ أن السياسة الإتصالية في البيئة تتسم بالغياب والتعتيم حول أزمة النفايات، ولا توجد رؤى واضحة ولا يوجد إستباق للأزمات وكلما حصلت أزمة  لا يتم حسن إدارتها، مؤكداً أن السلطة المركزية إستحوذت على الملف بإنتهازية مفضوحة وللسيطرة على الأموال التي تأتي من ملف النفايات، فهو قطاع يدر أموالاً طائلة وهو مدخل للفساد والتلاعب نظراً لوجود لوبيات تنشط في هذا القطاع، وهو ما حصل مثلاً في قضية نفايات إيطاليا، فبعد التقاء مافيا النفايات بإيطاليا بعصابات تونسية تم تصدير النفايات الإيطالية إلى تونس.
وتابع أن هناك دائماً في التشريعات كلمات فضفاضة في البيئة وللتصرف في النفايات وهي مقصودة لأن هناك عدة تفاصيل يتم إستغلالها، وبين أن الجمعيات لعبت دوراً مهماً في التحسيس بالمشاكل البيئية وطرح ملف التلوث البيئي وهي من الأسباب الرئيسية التي دفعت مثلا للنضال في صفاقس، وفي تحريك الملف في 2011 نحو غلق مصب جرادو، ولكن السؤال اليوم أن هناك 4 مليون طن كانت توضع في مصب جرادو لا نعرف إلى اليوم أين تصب هذه النفايات الخطرة؟ وماهو مآلها؟
وبين أنه فيما يتعلق بالقضايا البيئية، فقد صدر مؤخراً حكم مميز إستئنافي ضد الوكالة الوطنية للتصرف في النفايات، وأكد على حق المواطن في بيئة سليمة وطالب الوكالة برفع النفايات وبالتالي القضايا البيئية قد تكسب بعض الخطوات وتحقق نتائج للدفاع عن بيئة سليمة.
وقال الخبير البيئي والأستاذالمختص في المناخ، زهير الحلاوي، إن فكرة الاهتمام بالشان البيئي كانت شأناً نخبوياً، ولذلك في فترة السبعينيات اعتمدت المقاربات أكثر على الجانب التشغيلي، ولكن في بلدان أخرى فإن الشأن البيئي ظل ضمن عقلية الأجنبي، مضيفاً أنه كثيراً ما ارتبط التعامل في تونس بالسلطة المركزية، وهي من الأسباب التي جعلت الشأن المواطني في علاقة بالبيئة منقوصاً، فالعوائق الموجودة كثيرة ومتشعبة.
وترى الباحثة في الجغرافيا، مروى القلاعي، أن غلق مصب جرادو كان بضغط من الأهالي فقبل الثورة لم يكن من حقهم التعبير، وأول إنتفاضة كانت ضد التلوث وضد المصبات العشوائية وضد مركز تحويل النفايات الذي شيد في 2007، على أساس انتهائه في 2015، مضيفة في تصريح لـ "العربي الجديد" أن "مصب جرادو أغلق في 2012 نتيجة الإحتجاجات، ولكنه لم يغلق بطريقة تقنية بل عشوائية، وبالتالي له تأثيرات سلبية".

وأشارت إلى غياب الثقة بين السلطة والمواطن في المجال البيئي وأصبح هناك تشكيك في كل شيء، مبينة أنه لا وجود لإستراتيجية ولا استمرارية في حل مشكل المصبات مع الحكومات المتعاقبة، ومع كل وزير جديد رؤيا جديدة، مشيرة إلى أن الجميع يدور في حلقة مفرغة بين ايجاد حلول جذرية وأخرى ترقيعية.

ذات صلة

الصورة
إطلاق الذاكرة السورية (حسين بيضون)

منوعات

أطلق المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، أمس الاثنين، منصة الذاكرة السورية التي وثّقت وجمعت مئات آلاف المواد منذ انطلاق الثورة السورية
الصورة
طلاب من جامعات تونس في حراك تضامني مع غزة - 29 إبريل 2024 (العربي الجديد)

مجتمع

انطلق حراك طلاب تونس التضامني مع غزة والداعم للانتفاضة الطالبية في جامعات العالم، ولا سيّما في جامعات الولايات المتحدة الأميركية، وذلك من العاصمة ومدن أخرى.
الصورة
مطالبة بإنهاء الإبادة الجماعية في قطاع غزة (حسن مراد/ Getty)

مجتمع

يسعى أساتذة في تونس إلى تعويض غياب العملية التعليمية الجامعية بالنسبة للطلاب الفلسطينيين جراء العدوان الإسرائيلي، من خلال مبادرة تعليمية عبر منصات خاصة.
الصورة
جابر حققت العديد من النجاحات في مسيرتها (العربي الجديد/Getty)

رياضة

أكدت التونسية، أنس جابر نجمة التنس العربي والعالمي، أن تراجع نتائجها في المباريات الأخيرة، يعود إلى إصابة قديمة منعتها من تقديم أفضل مستوى لها.