امتيازات أمومة الصينيات تبعدهن عن التوظيف

امتيازات أمومة الصينيات تبعدهن عن التوظيف

17 فبراير 2022
الشركات الصينية أقل استعداداً لتوظيف نساء (شي هونغهوي/ Getty)
+ الخط -

بعدما أظهرت تقارير انخفاض معدل المواليد الجدد في الصين إلى 12 مليوناً، العام الماضي، وهو الأدنى منذ ستة عقود، سمحت السلطات للأسر في مايو/ أيار الماضي بإنجاب طفل ثالث، في ثاني إجراء من نوعه يتعلق بسياسات تحديد النسل بعد عام 2016، حين سمحت بإنجاب طفل ثانٍ لمواجهة تداعيات سياسة الطفل الواحد التي استمرت لعقود.
ومن أجل تشجيع الناس على الإنجاب، قدمت الحكومة حوافز عدة، أبرزها تمديد إجازة الأمومة وصولاً إلى 190 يوماً في مقاطعات تسجل معدلات خصوبة متدنية. وتمنح التشريعات الجديدة المرأة حق الحصول على إجازة مدفوعة الأجر لمدة 158 يوماً بعد ولادة طفليها الأول والثاني، و188 يوماً بعد ولادة الطفل الثالث، بينما يتمتع الآباء في معظم المناطق بإجازة لا تزيد عن 15 يوماً فقط.
وجعل ذلك الشركات الصينية أقل استعداداً لتوظيف النساء بسبب طول مدة إجازة الأمومة التي قد تصل إلى إجمالي نصف عام، في حين ظهرت في الفترة الأخيرة شكاوى من تمييز داخل المؤسسات على أساس الجنس وتفضيل الذكور على الإناث.
وأظهرت بيانات نشرتها منصة "جاو بين" الإلكترونية المتخصصة في تقديم خدمات توظيف، أن 64 في المائة من الذين حصلوا على وظائف في الربع الأخير من العام الماضي كانوا من الذكور، في مقابل 15 في المائة فقط من الإناث اللواتي تقدمن للعمل خلال الفترة نفسها.
وانتشرت على موقع "ويبو" (المعادل الصيني لموقع تويتر)، تغريدات ورسائل تحدثت عن امتناع شركات في القطاع الخاص عن توظيف إناث متزوجات لأسباب تتعلق بإجازة الأمومة. وكتبت أبرزها امرأة تدعى لي فانغ، التي أبدت استعدادها لتوقيع تعهد بعدم الإنجاب خلال فترة عملها في مقابل الحصول على وظيفة، موضحة أنها "أم لطفل وحيد، وترغب في العمل لتأمين احتياجاته الأساسية". ولاقت الرسالة تعاطفاً كبيراً من مستخدمي الإنترنت، وأعيد نشرها 1.6 مليون مرة خلال ثلاثة أيام، قبل أن تحذفها صاحبتها.

قضايا وناس
التحديثات الحية

لا مكان للمتزوجات
شاو مينغ، امرأة في العقد الثالث، تقيم في مقاطعة هاينان التي انخفض فيها عدد المواليد الجدد بنسبة 21 في المائة، العام الماضي، قررت بعدما أنجبت طفلها الثاني قبل عامين أن تعود إلى العمل كي تساعد زوجها في تغطية تكاليف العيش، لكنها لم تستطع الحصول على وظيفة في مجال عملها بقطاع السياحة لمجرد أنها متزوجة، وتقول لـ"العربي الجديد": "لم أكن أعلم بالتشريعات الجديدة التي تمنح المرأة إجازة تصل إلى 190 يوماً، لكن حين بدأت بإجراء مقابلات خاصة بالتوظيف، كان السؤال الأول الذي وجّه لي في كل مقابلة عما إذا كنت متزوجة. وعندما أبلغهم بأنني أم لطفلين يرفض ملفي فوراً، وقد أبلغني مدير مباشرة بأن لا مكان للمتزوجات في الشركة".

رواتب إجازات الأمومة قد يصل إلى 6 أشهر (Getty)
رواتب إجازات الأمومة قد يصل إلى 6 أشهر (Getty)

من جهته، يقول صاحب شركة لإصدار وتجديد تراخيص الأعمال التجارية في مدينة شينزن، يدعى لونغ وي، لـ"العربي الجديد": "لا أستطيع بموجب القوانين التي سنتها الحكومة أن أوظف نساء متزوجات، لأن فعل ذلك يعني أني سأُطالَب بدفع راتب يصل إلى ستة أشهر بدل إجازة أمومة في حالات الولادة"، يضيف: "لو عملت لدي عشر موظفات متزوجات، وقررت خمس منهن في العام نفسه إنجاب أطفال، سيعطل ذلك العمل في الشركة، فنحن نتحدث عن غياب خمس موظفات لمدة نصف عام، ودفع رواتب لهن بلا مقابل. القرارات الجديدة تحفز النساء العاملات على الإنجاب لأنها تؤمن تكاليف الرعاية حتى خلال مكوثهن في المنازل. لكن أرباب العمل يدفعون الثمن في المقابل، ما يعني أن هناك حلقة مفقودة في المعادلة تستدعي تدخل الحكومة من أجل تعويض الشركات أو المساهمة في دفع معاشات الموظفات أثناء فترة الأمومة. ومن دون تدخل السلطات لن تبقى أي موظفة متزوجة في عملها خلال السنوات القادمة، لأن أكبر الشركات لا تستطيع تحمل الأعباء".

تداعيات الطفل الواحد
ويوضح الباحث في جامعة تيانجين الوطنية لو يانغ، في حديثه لـ"العربي الجديد"، أن "تداعيات سياسة الطفل الواحد لا تزال تلقي بظلالها حتى على الإجراءات الوقائية التي تتخذها الحكومة لمعالجة الأزمة، وتمديد إجازة الأمومة أياماً طويلة يمثل سيفاً ذا حدين، فالموظفات المتزوجات قد يستخدمن هذا الأمر وسيلة لتحقيق مكاسب مادية بعيداً عن فكرة الإنجاب لمجرد الرغبة في ممارسة الأمومة، لكنه سيخلق أيضاً مناخاً عنصرياً داخل الشركات، سواء بين الموظفات وأرباب العمل، أو بين الذكور والإناث عموماً، نظراً لفارق الامتيازات التي حددتها الحكومة".
واستبعد الباحث الصيني أن تساهم الإجراءات الجديدة في حث الأزواج على الإنجاب، مشيراً إلى عوامل أخرى قللت استعداد النساء للإنجاب، مثل جائحة كورونا، إضافة إلى الاستقلال المادي، وطبيعة الحياة الصناعية التي أفرزت جيلاً جديداً لا يرغب في الشراكة الزوجية وتكوين أسرة تلزمه بتكاليف تفوق طاقته على التحمل.

المساهمون