تغير المناخ وخطر انقراض الكائنات الحية

تغير المناخ وخطر انقراض الكائنات الحية

12 أكتوبر 2022
التغير المناخي يدمر الموائل البيئية الطبيعية (جاستين سوليفان/ Getty)
+ الخط -

يواجه مليون نوع من الكائنات الحية خطر الانقراض أكثر من أي وقت مضى في تاريخ البشرية، فالتغيرات في استخدام الأراضي والتلوث هما بعض العوامل الدافعة لإلحاق الضرر بالتنوع البيولوجي، لكن كل المسببات قد لا تقارن بما يفعله تغير المناخ وحده بالكائنات الحية وموائلها بعد أن أصبح تأثيره عالمياً في الزمن الذي نعيشه.
بسبب تغير المناخ والاحتباس الحراري نجد أن مستويات سطح البحر آخذة في الارتفاع، والمحيطات أصبحت تزداد دفئاً، كما تهدد فترات الجفاف الطويلة كمية ونوعية المحاصيل، وتهدد الحياة البرية، وإمدادات المياه العذبة.
من الدببة في القطب الشمالي إلى السلاحف البحرية قبالة سواحل أفريقيا، يتعرّض تنوع الحياة على كوكبنا لمخاطر تغير المناخ، فالسلاحف البحرية والدب القطبي مهددان بالانقراض نتيجة فقدانهما بيئتيهما.
يشكل تغير المناخ بالفعل تهديداً أساسياً للأماكن، والأنواع، وسبل عيش الناس التي يجب العمل على حمايتها، ولمعالجة هذه الأزمة بشكل مناسب، يجب أن نخفض التلوث بالكربون بشكل عاجل، وعلينا الاستعداد لعواقب الاحتباس الحراري، والتي نشهد بعضها بالفعل.
في هذا الاتجاه يعمل الصندوق العالمي للطبيعة من أجل دفع السياسات لمكافحة تغير المناخ، والتعامل مع الشركات للحد من انبعاثات الكربون، ومساعدة الناس والطبيعة على التكيف مع التغير المناخي.
على سبيل المثال، فإن تغير درجات حرارة الرمال له تأثير على مواقع تعشيش السلاحف، ما يؤثر على جنس صغار السلاحف الفاقدة للكروزومات وهي في البيض، والتي يتحدد جنسها عبر حرارة العش، فالحرارة في الجزء السفلي من العش تكون أقل من 27.7 درجة مئوية وتعطي في الغالب ذكوراً، بينما في الجزء الأعلى من العش تكون الحرارة من 31 إلى 32 درجة مئوية، وتنتج إناثاً.
وتغير المناخ المصحوب بارتفاع الحرارة ينتج إناثاً أكثر من الذكور، وقد يؤدي إلى انقراض هذه السلاحف بسبب قلة الذكور، وقد يؤدي ارتفاع مستوى البحر إلى فقدان السواحل الرملية التي تحتاجها السلاحف لتضع فيها أعشاشها وبيضها.
إضافة إلى ما أشرنا إليه، فإن التغيرات البيئية التي يسببها تغير المناخ تهدد الموائل والأنواع الطبيعية بطرق لا تزال تتضح مع ازدياد الأبحاث، وهناك دلائل على أن ارتفاع درجات الحرارة يؤثر على التنوع البيولوجي، في حين أن تغير أنماط هطول الأمطار، والظواهر الجوية الشديدة، وتحمض المحيطات تضع ضغوطاً على الأنواع المهددة بالفعل من قبل الأنشطة البشرية الأخرى.

ويتمثل أحد الآثار الرئيسية لتغير المناخ على التنوع البيولوجي في زيادة شدة وتواتر الحرائق، أو العواصف، أو فترات الجفاف. في نهاية عام 2019 وبداية عام 2020، جرى تدمير 97000 كيلومتر مربع من الغابات والموائل المحيطة، بسبب الحرائق الشديدة في أستراليا، والتي أصبح من المعروف أنها تفاقمت بسبب تغير المناخ، كما أدت الفيضانات في سبتمبر/أيلول الماضي، إلى محو النظم البيئية، وقتل العديد من البشر، وفصلت أطفالاً عن ذويهم.
ويضيف هذا إلى التهديد الذي يتعرض له التنوع البيولوجي الذي بدوره تعرض للضغط من قبل الأنشطة البشرية الأخرى، ويُعتقد أن عدد الأنواع المهددة زاد بنسبة 14 في المائة نتيجة تكرار الحرائق.
ارتفاع درجات الحرارة عالمياً لديه أيضاً القدرة على تغيير النظم البيئية على مدار فترات أطول عن طريق تغيير ما يمكن أن ينمو ويعيش داخلها، وهناك بالفعل أدلة تشير إلى أن انخفاض بخار الماء في الغلاف الجوي منذ التسعينيات أدى إلى تحول 59 في المائة من المناطق المزروعة إلى اللون البني بدلاً من الأخضر.
ويؤثر ارتفاع درجات الحرارة في المحيطات على الكائنات البحرية. أما الشعاب المرجانية فهي معرضة بشكل خاص لارتفاع درجات الحرارة، كما أن تحمض المحيطات يمكن أن يجعل من الصعب على المحار والشعاب المرجانية في أعالي المحيط تكوين أصداف أو هياكل عظمية صلبة، وشوهدت أيضاً تغيرات في تكاثر الطحالب البحرية.
وعلى الرغم من كل التهديدات التي يشكلها تغير المناخ على التنوع البيولوجي، فإننا نعلم أيضاً أن الموائل الطبيعية تلعب دوراً مهماً في تنظيم المناخ، ويمكن أن تساعد في امتصاص الكربون وتخزينه، وتعتبر غابات المانغروف "أشجار القرم" أحواضاً مهمة للكربون، وتعد منطقة الأمازون واحدة من أكثر المناطق تنوعاً بيولوجياً على كوكب الأرض، وهي تحتوي على مخزون هائل من الكربون يصل إلى أكثر من 100 مليار طن.
(اختصاصي في علم الطيور البرية)

المساهمون